الهمّ الاقتصادي المؤرّق
لم تقف تداعيات التوترات التي تحيط بالأردن على أبعادها العسكرية والسياسية، حيث امتدت لتنعكس على وضع الاقتصاد الوطني، الذي بات همّا مؤرقا في أروقة صناع القرار.
الكاتبة جمانة غنيمات، ترى أن واقع الاقتصاد هو التحدي الأكثر إلحاحا وخطورة فيما يواجهه الأردن في المرحلة الحالية، "رغم وفرة المصاعب الأخرى على المستوى المحلي، وتعقّد الظروف المحيطة إقليميا، وذلك بحكم تشعب ارتباطاته بحياة الأردنيين جميعا.
وتضيف غنيمات بأنه "لا تظهر بوادر انفراج للأزمة الاقتصادية التي تتعمق عاما بعد آخر، وبما يشير إلى تواصل انكماش دائرة الخيارات والحلول الممكنة لتحقيق النمو الضروري".
وتستدل رئيسة تحرير صحيفة الغد على ذلك بما تؤكده أحدث الأرقام الرسمية، الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، من استمرار التباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، وتراجعه خلال الربع الأخير منه.
ويعني ذلك، بحسب غنيمات، "عجز السياسات الحكومية عن توسيع الدائرة وتحقيق الأرقام الاقتصادية المنشودة، للتخفيف من حدة تداعيات الأزمة على الأسر والقطاعات الاقتصادية المختلفة".
وتخلص الكاتبة إلى أن تبديد الشعور بعدم الاطمئنان، بل وحتى الإحساس بعدم اليقين حيال الاقتصاد الأردني وفرصه في النمو، هو الحل المتوفر حاليا للتخفيف من الضغط.
أما الكاتب فهد الفانك، فيلفت إلى إعداد البرنامج الجديد للإصلاح الاقتصادي بعد إقرار الموازنة العامة لسنة 2016، الأمر الذي يعني القبول بالوضع المالي الراهن على علاته.
ويوضح الفانك بأن تأجيل إطلاق البرنامج الذي أعلن عنه خلال زيارة بعثة صندوق النقد الدولي أواخر العام الماضي، يؤكد وجود مماطلة واضحة من جانب الحكومة أو الصندوق، مما يوحي بوجود خلاف في وجهات النظر حول قضايا أساسية وصفت بأنها هيكلية، فـ"من يدري ، فقد تكون الحكومة غير راغبة في تحمل مسؤولية برنامج جديد ، وتفضل أن تتركه للحكومة القادمة".
ويخلص الكاتب إلى القول "كنا نفهم هذا الموقف لو كانت الشؤون الاقتصادية في الأردن تسير بالاتجاه الصحيح، أما وأن المديونية تقفز 3ر2 مليار دينار في سنة واحدة، وعجز الموازنة يرتفع بنسبة 60% ، والبطالة ترتفع بمقدار 3ر1 نقطة مئوية ، فإن هناك حاجة حقيقية لبرنامج تصحيح وليس إصلاح فقط".
فيما يستعرض الكاتب عصام قضماني، أبرز "نقاط ضعف" القطاع الخاص، المتجسدة بقضية "التمثيل"، مشيرا إلى ما أظهرته كشوفات المسجلين لممارسة حق الانتخاب في هيئة أو غرفة أو جمعية ونقابة، حيث لا يشارك سوى 20% فقط .
ويتساءل قضماني "لماذا يحتاج القطاع الخاص إلى كل هذه الهيئات والجمعيات والنقابات لذات التخصص في كثير من الأحيان، فهناك غرف تجارة تنافسها نقابة لتجار المواد الغذائية، ومثل ذلك غرف الصناعة يقابلها نقابات لا تعد"، إلا أن هذه الاتحادات والجمعيات تؤدي، من الجانب الإيجابي، أدوارا متعددة لحماية مصالح منتسبيها.
وتمثل هذه الاتحادات والهيئات من وجهة نظر قادتها، ضرورة لتشكيل قوى ضاغطة تجمعها المصالح لكنها بالنسبة لكثير من القيادات هي مجرد البحث عن صورة إعلامية وجني مكاسب، فمعظم هذه القيادات لا يعملون فيها، بحسب قضماني.
ويضيف الكاتب بأن "بعض وزراء الاختصاص في الحكومات المتعاقبة فعلوا كل ما من شأنه لمأسسة هذا التشتت، فكانت أمزجة ترجح كفة فريق على آخر لقيادة مؤسسة هنا وأخرى هناك، وكان التدخل يشمل كل شيء بدءا بالانتخابات الى القرارات والبيانات والإدارات".