المونتيور:الأردن يخفف اللهجة في أعقاب الخطوة الأمريكية ضد الأونروا

المونتيور:الأردن يخفف اللهجة في أعقاب الخطوة الأمريكية ضد الأونروا
الرابط المختصر

 انتظر المسؤول الأردني رفيع المستوى أكثر من أسبوع للرد على التهديدات الأمريكية بتقليص المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي الهيئة الدولية المسؤولة عن رعاية حوالى 5 ملايين لاجئ فلسطيني مسجل، علما أن نحو مليوني لاجئ يقيم في الأردن، ما يجعل المملكة الدولة المضيفة الأكبر.

 

تجدر الإشارة إلى أنه في الثاني من كانون الثاني / يناير، هددت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي بأن الولايات المتحدة ستقلص المساعدات للأونروا، والتى تقدر بـ 319 مليون دولار سنويا، وذلك ردا على قرار القيادة الفلسطينية اللجوء إلى مجلس الأمن والجمعية العامة لاستصدار قرار يدين اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة إسرائيل في 6 كانون الأول / ديسمبر. في 5 كانون الثاني / يناير، تم تعميم تقارير مفادها أن الولايات المتحدة علقت دفع مبلغ 125 مليون دولار للأونروا بسبب رفض الفلسطينيين العودة إلى محادثات السلام. إلا أن وزارة الخارجية صرحت إن القرار ما زال قيد الدراسة.

 

أما وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، فلم يعرض موقف المملكة سوى في 11 يناير / كانون الثاني، وذلك في اتصال هاتفي مع المفوض العام للوكالة بيير كرينبول. وبحسب وكالة عمون الإخبارية، شدد الوزير على "ضرورة مواصلة دعم الوكالة للحفاظ على خدماتها للاجئين الذين يجب حل قضيتهم ضمن قضايا الوضع النهائي وعلى أساس القوانين الدولية، خصوصا القرار ١٩٤ ومبادرة السلام العربية وبما يضمن حق العودة والتعويض،" علما أن الوزير لم يوجه أي انتقاد للخطوة الأمريكية.

 

قبل تعليقات الصفدي، كان ياسين أبو عواد، مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية في وزارة الخارجية، قد قال في 9 كانون الثاني / يناير، إن "الأونروا ستواصل عملياتها وتقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم حل القضية الفلسطينية بما يتماشى مع قرار الامم المتحدة رقم 194". وجاءت تصريحاته ردا على دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يوم 7 كانون الثاني / يناير إلى إغلاق الأونروا ونقل مسؤولياتها إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

 

أما تردد الأردن الواضح في التعامل مع قضية الأونروا في تناقض مع رد فعله القوي على قرار ترامب الاعتراف بالقدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، إذ كان الملك عبد الله الثاني قد قاد حملة دبلوماسية مكثفة لحشد دعم عربي ومسلم ودولي للفلسطينيين ورفض تحرك الولايات المتحدة الأحادي. ولكن بعد أن خفضت عمان لهجتها، بات من الواضح أن الحكومة تعيد النظر في موقفها سعيا منها لعدم قطع قنوات الاتصال مع إدارة ترامب.

 

وقد بدا هذا التبدل في النبرة والاتجاه واضحا في بيانات عبد الله الصادرة في 10 كانون الثاني / يناير إلى اعضاء الجيش المتقاعدين، والتي نشرتها المواقع الإخبارية المحلية وحدها وليس وكالة الأنباء الرسمية أو المحكمة الملكية أو الصحافة اليومية، فنُقل عن الملك قوله إن "القضية الفلسطينية يتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي وليس الأردن وفلسطين،" وإن "المصالح الأردنية في ظل الوضع القائم حاليا فوق كل الاعتبارات." اعتبر الملك إن " أجندة الدول العربية متباينة من حيث الأولويات والاستراتيجيات،" ووصف الوضع الحالي في أعقاب قرار ترامب بـ "المؤسف."

 

لكن لا شك أن الأردن كان يأمل في وجود جبهة عربية أقوى لمواجهة تداعيات حركة ترامب ضد الأونروا. ففي حين أكد كل من الصفدي ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير على "العلاقات الأخوية" بين البلدين في اجتماع عقد في عمان في السادس من كانون الثاني / يناير بهدف تبديد شائعات حول وجود خلافات في وجهات النظر بين الأردن والسعودية في ما يخص خطة ترامب المرجوة للسلام، إلا أن ذلك لا يعني أن الأردن غير قلق إزاء العواقب المترتبة عن إضعاف الأونروا أو تقليص المساعدات المقدمة لها. فكثيرة هي نظريات المؤامرة في عمان حول "الصفقة النهائية" أو "صفقة القرن" التي أعدها "ترامب" والتي يعتقد الكثيرون أنها تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. وهناك اعتقاد قوي بأن ترامب وفريقه في الشرق الأوسط يتبعان كتابا إسرائيليا أعده اليمين المتطرف حول كيفية تفكيك العناصر الرئيسية للقضية الفلسطينية بدأ من القدس، مرورا بقضية اللاجئين وصولا إلى ربط المراكز السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية بالأردن.

 

وبحسب الأردن، سيؤدي وقف تمويل الأونروا وإتباع اللاجئين الفلسطينيين بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى توطين دائم في البلدان المضيفة لا محالة، وهي قضية خلافية وجدلية في الأردن. في 13 يناير / كانون الثاني، كتب المحلل السياسي عريب الرنتاوي في جريدة الدستور إن "قرار واشنطن تقليص المساعدات الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لا يعني شيئاً سوى إزاحة الرمز الأممي لهذه القضية، وترك فلسطينيي المخيمات في الوطن المحتل والمحاصر والشتات، عرضة لعملية التوطين والتهجير".

وبحسب المراقبين المحليين، يبدو أن التوطين بات أكثر احتمالا، فقد صرح مصدر أجنبي مطلع طلب عدم الكشف عن هويته لـ "المونيتور" إن مسودة خطة ترامب للسلام هي في أيدي السعوديين، وقد تم إطلاع مسؤول فلسطيني كبير عليها الأسبوع الماضي في الرياض. وفيما يتعلق بقضية اللاجئين، فإن المسودة تدعو إلى "حل عادل" فيما لا تشير إلى أي قرار دولي أو إلى حق العودة أو التعويض، وفقا للمصدر.

 

بالنسبة للأردن – الذي يشكو أصلا من عدم التزام المانحين الدوليين بتعهداتهم المالية لتغطية تكلفة استضافة اللاجئين السوريين - سيضيف وقف تمويل الأونروا، التي يبلغ عدد مدارسها 171 يدرس فيها أكثر من 120 ألف طالب، عبئا كبيرا على خزينة المملكة المثقلة، علما أن التحدي الأكبر يكمن في معالجة قضية التوطين، خاصة في ما يخص اللاجئين الذين لا يحملون الجنسية الأردنية.

 

يبدو الآن أن الأردن قد اختار الانخراط الدبلوماسي الهادئ مع الولايات المتحدة بدلا من المواجهة التي يمكن أن تكون مكلفة من دون أن تجدي نفعا. وهذا هو النهج الذى يعتزم الملك اتخاذه عندما يزور نائب الرئيس مايك بينس عمان في 20 كانون الثاني / يناير.

*موقع المونتيور

 

 

أضف تعليقك