"اللامركزية" في المفرق: مجلس محافظة بلا مخالب

"اللامركزية" في المفرق: مجلس محافظة بلا مخالب
الرابط المختصر

"لا مخالب لنا لندافع عن حقوقنا"..! عبارة تتردد على ألسنة أعضاء مجالس المحافظات، تختصر معاناة المجالس مع قانون "اللامركزية" الذي يؤكدون أنه أفرغ "اللامركزية" من محتواها، في  حين تتجه سياسات الحكومة نحو "المركزية" أكثر.

 

بعد إقرار موازنات مجالس المحافظات والتي لم تلق أي قبول من غالبية مجالس المحافظات بسبب ضيق الوقت الذي تم فيه مناقشة الموازنات، علاوة على أنها لم تتضمن أي مشاريع تنموية  أو رأسمالية تعمل على خلق فرص عمل تقلل نسبة البطالة التي تتزايد كلما إتجهنا صوب مدن الجنوب والشمال الشرقي للمملكة.

 

رئيس مجلس محافظة المفرق محمد أخو أرشيدة يوضح أن السنوات المقبلة ستشهد تركيزاً على المشاريع التنموية، خاصة عن طريق منطقة الحسين التنموية، مشيراً إلى أن المجلس سيعمل على جلب الإستثمارات التي تتوافق مع مقدرات وخصائص المحافظة، ما سيؤدي إلى "إنعاش المنطقة وتخفيف البطالة بين سكانها".

 

في المقابل، يؤكد محافظ  المفرق د. أحمد الزعبي  وجود مشاريع تنموية، ولكنها "خارج نطاق مجلس المحافظة" خاصة في مدينة الحسين التنموية. وأشار  إلى الخارطة الإستثمارية الخاصة بالمفرق تتضمن المشاريع المؤهلة للتنفيذ وفقاً لمقومات المفرق وتشكل عناصر جذب للمستثمرين، لافتا إلى أن المجلس التنفيذي هو المناط به إعداد المشاريع فيما تقع على مجلس المحافظة إقرارها.

 

"التخطيط" تمول مشاريع بسقوف غير محددة

رئيس قسم تنمية المحافظات في وزارة التخطيط والتعاون الدولي حاتم الهباهبة يوضح أن الوزراة ستدعم أي مشاريع تنموية أو استثمارية تقدمها مجالس المحافظات بحال توفر دراسات جدوى اقتصادية حولها، وبعد أن سقوف تمويل تلك المشاريع غير محددة، أكد أن المشاريع الحكومية لا تنته بإقرار موازنات مجالس المحافظات، موضحاً أن هناك مشاريع مستمرة (ongoing) تنفذها الوزارات المختلفة في المحافظات، كمشاريع البنى التحتية، ولكنها لا تدخل ضمن موازنة مجالس المحافظات، ولا تملك مجالس المحافطات أي قرار بها.

 

إلى ذلك، تقول العين السابقة د.هيام كلمات الخبيرة في الحوكمة والتنمية المستدامة إنه كان يتوجب على وزارة التخطيط التوجه إلى المحافظات لمعرفة احتياجات المواطنين والتي تشكل أولوية لهم. وتضيف كلمات: الضرائب والمسقفات التي تجبى من المحافظات يجب أن تبقى فيها كي تساهم بدعم المشاريع التنموية وتطويرها، وستعمل وزارة التخطيط على تمويل بعض المشاريع، وأعتقد أن فتح طريق العراق سيسهم أكثر بتنشيط الحركة التجارية أيضاً في المفرق.

 

وتتابع أن "الأمور مبشرة بالخير ولكن علينا دعم وإعطاء "اللامركزية" الوقت الكافي كي تعطي ثمارها".

 

مشروع المدينة التجارية بتكلفة 30 مليون دينار

يكشف عضو مجلس المحافظة صبري الزيادنة عن مشروع طموح (المدينة التجارية)، ويقول أن المشروع سيعمل على ربط جامعة آل البيت ببقية أرجاء المحافظة من خلال ربط البوابة الرئيسية للجامعة بدوار الراديدة، وهو شارع حيوي، عن طريق إقامة مدينة تجارية، ستشمل (مول، صالات متعددة الأغراض، مخازن تجارية، مدرسة نموذجية خاصة، سكن وظيفي، مدينة ترويحية، ومحطة محروقات) بتكلفة 30 مليون دينار، ما سيساهم بإمتداد الحركة العمرانية.

 

ويدعو الزيادنة القطاع الخاص إلى دعم المشروع، موضحاً أن رئاسة الوزراء وافقت على تخصيص 200 دونم للمشروع. وأشار إلى أن هذا المشروع الحيوي سيعمل على  خلق فرص عمل كثيرة، وسينشط القطاع التجاري كله، وكذلك والعمراني، مبيناً أن وحدة الإستثمار في الجامعة تعتزم المشاركة بنسبة الربع في بعض المشاريع.

 

وبسؤاله عن مقومات الجذب الإستثماري في المحافظة، قال د. علي البقوم رئيس الوحدة المالية والإستثمارية والإقتصادية في مجلس المحافظة: المفرق هي السلة الغذائية للأردن، لدينا 450 بئر ارتوازي و400 مزرعة في المنطقة الشرقية، يمكن زراعتها بكل أنواع الخضروات والفواكه ما عدا الحمضيات، الكاكا المتوفرة حالياً في الأسواق تنتج بشرق المفرق، وبندورة المفرق تصدر إلى السوق الاوروبية، وكل أنواع الخضروات والفواكه في السوق الأردني هي من إنتاج المفرق، لماذا لا يكون لدينا صناعات تحويلية من الخضار والفواكه، تكفينا ذاتياً وتصدر الفائض للخارج.

ويثني المهندس الزراعي وعضو المجلس عبد الله الحوامدة على توصيف د. البقوم،  مشيراً إلى أن المنطقة الشرقية تقع على بحر مياه، متسائلاً: لماذا لا يتم حفر المزيد من الآبار الإرتوازية،  وزراعة اراضيىها خاصة وأن تربتها خصبة تصلح  لزراعة كل أنواع المحاصيل الزراعية.

وبسؤال د. البقوم عن أولوية المشاريع التنموية في المحافظة، أجاب: المشاريع الصغيرة "العائلية" والمشاريع المتوسطة الأجل، هي الأفضل للمفرق كونها مناطق مترامية الأطراف، مثل مشاريع الحدائق المنزلية، نباتية أو حيوانية، وهي مشاريع انتاجية توفر مورد دخل للعائلة، وكذلك الصناعات اليدوية كالمطرزات، والصناعات الغذائية المنزلية، مثل: الأجبان، الألبان، والمخللات.

 

وأشار إلى أن 70% من الناتج القومي للدول الغربية المتقدمة يأتي من هذه المشاريع العائلية الصغيرة.  وأضاف: معظم المشاريع الكبيرة متركزة في مساحة 20 كم ضمن نطاق المحافظة، ما يصعب على من يقيمون في الأطراف الوصول إليها.

 

وتثني د. هيام كلمات على التركيز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتقول أن هذا هو مستقبل الاردن "المزبوط"، ويشكل حلاً لمشكلة جيوب البطالة، فلا يكفي منح المال للمنتفعين من هذه البرامج، يجب أن يكون هناك "حاضنات" تتبناها الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ووحدات التنمية في المحافظات، تعمل على مساعدتهم، خاصة النساء، وتزيل المعيقات التي تواجههم حتى لا تغلق هذه المشاريع.

وفقاً لدائرة الإحصاءات العامة ارتفع معدل البطالة إلى 18.2% خلال الربع الأول من عام 2017. وارتفع معدل البطالة بين حملة الشهادات الجامعية إلى 21.4% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى، فيما 53.8% من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى. وتناشد عضو المجلس عايدة المشاقبة (مديرة مدرسة متقاعدة) إيجاد فرص عمل  لأكثر من 700 سيدة، بعضهن يحملن درجات علمية عليا (بكارلويس، ماجستير، دكتوراه)، ولو عن طريق مطبخ انتاجي، خاصة وأن الأغلبية متزوجات ولديهن أسر بحاجة لإعالتهن. وتوضح المشاقبة أن البطالة مرتفعة جداً بين المتعلمين في المحافظة، مشيرة إلى أن جامعة آل البيت لا توظف سوى شخص واحد سنوياً من أبناء المفرق.

 

توفير 15 ألف فرصة عمل في "الحسين التنموية"

مجلس المحافظة يضع ثقله للبحث عن مشاريع  تنموية وخلق فرص عمل للمتعطلين في المفرق من خلال منطقة الحسين التنموية.

 

وهنا، سيوفر أحد مصانع منطقة الحسين التنموية فرص عمل لـ 15 ألف شخص. وبالرغم من أن الرقم يبدو "فلكياً" وفقاً لعضو مجلس المحافظة صبري الزيادنة، الذي يؤكد أن المجلس يحاول حالياً تدريب 2000 عاملة، متسائلاً لماذا لا يتم تدريب اردنيين بمستويات عليا، مثل مدراء الإنتاج، لماذا يتم التركييز فقط على العمال وذوي التعليم المتدني..؟!

 

إلا أن الزيادنة نفسه يقدم الإجابة عن تساؤله في موضع آخر، بتوضيحه أن مصنعاً تركياً تبلغ تكاليفه 82 مليون دينار، يصدر منتجاته للسوق المحلي والخارجي، وتتوزع فروعه في  تركيا، مصر، السعودية والمغرب، يعمل فيه 84 موظفاً اغلبهم  من المفرق، موضحاً أن المهندس الوحيد من المدينة ترك المصنع بعد تدريبه للعمل في منظمة دولية لأن راتبها أعلى، رغم أن الوظيفة  ليست دائمة، فيما يفضل آخرون الإلتحاق بالقوات المسلحة وترك العمل في المصانع بمجرد الموافقة على تجنيدهم، وقد توقف الجيش حالياً عن التجنيد.

وأشار إلى أن هذه المصانع تفضل تشغيل حملة الدبلوم من خارج المفرق لأنهم أكثر استقراراً ولا يطمحون بالعمل في دوائر الحكومة أو الجيش.

 

مركز تدريب بقيمة مليون و300 ألف دينار

 

يتوفر في مدينة الحسين التنموية مركز تدريب شاركت المدينة بتمويله بقيمة 800 ألف دينار، فيما ساهمت شركة "اورانج" بـ 500 ألف دينار من تكاليف المركز المنتظر افتتاحه رسميا في التاسع من تشرين ثان/ نوفمبرالحالي. ويمنح المركز كل متدرب 75 دينارا شهريا، ويدرب حالياً مواطنين من منطقة الصفاوي على  مشاريع الطاقة المتجددة.

 

ويقول د. البقوم: لقد تفاجئنا عند زيارتنا لمدينة الحسين التنموية بوجود كل هذه المصانع، لأنه لا يوجد ترويج وتسويق اعلامي لهذه المنطقة، الامر الذي يفترض أن تقوم به المحافظة من خلال المدراء التنفيذيين ورؤساء البلديات، لافتا إلى وجود هوة كبيرة بين مجلس المحافظة والمجلس التنفيذي، فالأول لا يستطيع التواصل مباشرة مع  أي  دائرة حكومية إلا من خلال المجلس التنفيذي.. مستدركاَ  ما معنى "اللامركزية" إذن..؟

 

بناء قدرات.. وتفويض صلاحيات

يوضح حاتم الهباهبة رئيس قسم تنمية المحافظات في وزارة التخطيط أن "اللامركزية" مسألة طويلة الأجل بحاجة إلى تطوير مستمر، ومتابعة مجالس المحافظات وكيفية سير عمل هذه المجالس، ولإنجاحها تحتاج إلى مقومات، منها بناء قدرات الأعضاء.

 

يقول الهباهبة أن وزارة التخطيط ستنظم ورشات تدريبية لأعضاء مجالس المحافظات والبلديات اعتباراً من الشهر المقبل، تهدف إلى بناء وتعزيز قدراتهم في  في القيادة والتنمية والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني وكافة القطاعات المعنية  "شركاء بالتخطيط التشاركي"، فهم ليسوا وحدهم أصحاب القرار، هناك شركاء آخرين في المجتمع (قطاع المرأة، الشباب، الأحزاب، منظمات المجتمع المدني، غرف التجارة والصناعة) في مناطقهم.

 

ويؤكد أن المسألة لا تنته عند إقرار الموازنة، حيث يقع على عاتق هذه المجالس المتابعة والمراقبة، و"بدورنا سنتابع أداءهم، هل يتخذون قراراتهم بشكل عقلاني، كيفية تسييرهم للأعمال، هل يتخذون قرارات تخدم محافظاتهم"، كي يتم تفويض ومنح صلاحيات أخرى لهم.

 

تختم د. هيام كلمات بتفاؤلها بنجاح "اللامركزية" شرط  دعمها ومنحها الوقت الكافي كي تترسخ أكثر، حتى تتمكن مجالس المحافظات من تجويد أداءها، وهذا يتطلب تطوير قدرات أعضاءها من خلال برامج تدريب وتأهيل ترفع قدراتهم من أجل القيام بالواجبات الملقاة على عاتقهم.

 

أضف تعليقك