تقف محدودية المنح الجامعية وتكلفة الدراسة المرتفعة والحصول على أوراق ثبوتية، عائقا أمام تحقيق أحلام طالبات سوريات بإكمال دراستهن الجامعية.
ووقفت مشكلة إحضار الأوراق الرسمية عائقا أمام الكثيرين لإكمال دراستهم الجامعية، إذ تقول حليمة، 29 عاما من دمشق، إنها انقطعت عن دراستها في كلية الآداب بجامعة دمشق بعد قدومها إلى الأردن سنة 2013، ولم تتمكن من التسجيل في الجامعات الأردنية لغياب الأوراق كشهادة التوجيهي وكشف العلامات والحياة الجامعية.
وتتابع “ضليت خمس سنين حتى قدرت جيب أوراقي من سوريا وقدمت على منح وما انقبلت بسبب العمر”.
وحاولت حليمة عند قدومها إلى الأردن دراسة الثانوية العامة لتتمكن من الدخول إلى الجامعة، لكنها لم يكن لديها الأوراق اللازمة.
ويعتبر الالتحاق بالجامعات الأردنية أمراً مكلفا على السوريين والسوريات في ظل ضعف قدرتهم الاقتصادية، ويبقى أملهم معلقا بالمنح الدراسية، رغم أنها قليلة، حيث لم تتمكن مرح صمادي، من المنافسة على مقعد جامعي بعد أن أنهت دراسة المرحلة الثانوية، رغم أنها حصلت على معدل مرتفع.
وتوضح صمادي أنها الالتحاق في الجامعة على حسابها هو أمر مستحيل في ظل هذه الظروف: “والدي يعمل في مصنع لإنتاج الذرة ودخله محدود والدراسة بالجامعة مكلفة”.
ولا يختلف حال سناء قهوجي، قدمت إلى الأردن سنة 2012 وتعيش في اربد، كثيرا، فهي حصلت عل شهادة التوجيهي ولم تحصل على مقعد في منحة دافي، التي لم تعرف غيرها.
وتقول إنها لم تحصل على معدل مرتفع في التوجيهي بسبب اختلاف المناهج ولم يكن لديها القدرة الكافية ماديا للحصول على دروس تقوية خاصة، وهو ما حال دون قبولها في المنحة.
مِنح جامعية ضعيفة
قال ممثل الطلبة السوريين في الأردن، حامد الريابي، إن ما يقارب ١٢ منحة لدعم الطلبة السورين وتقدم لهم الدعم المالي، من ضمنها ايديو سيريا التي تدعم الطلبة بالمراحل الثلاث، الثانوية العامة والبكالوريوس والماجستير.
وأكد أن هذه المنح غير كافية مقارنة مع أعداد الطلبة السوريين إضافة إلى الشروط التي يتم وضعها من قبل الجهات المانحة، الأمر الذي يؤدي إلى حرمان بعض الطلبة من حصولهم على مقعد في المنح.
وبين الريابي أن منحة دافي وايديو سيريا تأخذ الطلبة الأقل عمرا بينما منحة جسور وأمل للطلبة الأكبر عمرا ولديهم إصرار على إكمال تعليمهم، مشيرا إلى عدم استطاعتهم إجبار المانح على تغيير شروط القبول.
بدورها، قالت مديرة مشروع منحة دافي ربى أبو يونس إن المنحة تنتهج آلية قبول موحدة للطلبة المتقدمين، حيث يتم نشر رابط التقديم للمنحة على موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وعلى صفحات منحة دافي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينت أن منحة دافي تشجع الفتيات وذوي الإعاقة لزيادة فرصهم بالحصول على التعليم الجامعي.
وذكرت ابو يونس انه يتم فلترة الطلبات المتقدمة ومن بعدها يتم استدعاء الطلبة المختارين لحضور مقابلة شخصية في مقر المفوضية، ومن ثم يتم فلترة المقابلات وحصر اسماء الطلبة المرشحين للقبول ثم تقوم لجنة اخرى مكونة من موظفين من المفوضية ومؤسسة نور الحسين لدراسة كل ملف على حدا بناء على معايير قبول المنحة.
وأكدت على أن التفوق الأكاديمي بالإضافة الى الوضع المالي للأسرة يعتبران المعيارين الرئيسيين باختيار الطلبة المقبولين، بالإضافة الى بعض المعايير الاخرى مثل نشاط الطالب بالأنشطة اللامنهجية كالأعمال التطوعية والخدمة الاجتماعية ووجود مهارات أو مواهب عند الطالب/ة وشخصية الطالب/ة وطريقة تقديمة لنفسه بالمقابلة الشخصية.
واشارت ابو يونس الى الدعم الرئيسي للمنحة هو الحكومة الالمانية، حيث تختلف قيمة الدعم من سنة الى اخرى مبينة تم تقديم الدعم لما يقارب ال 416 طالبة في العام 2019، ويشكلن ما نسبته 60% من اجمالي طلبة المنحة، حيث تقدم للمنحة في اعام الماضي 1367 طالب من بينهم 959 طالبة و 28 طالبة جديدة من بينهن ممن انطبقت عليهن الشروط.
ولفتت إلى انه يتم اعلام وتوجيه طلبة وخريجين المنحة بأي فرصة لمنح اخرى للتعليم العالي وذلك بنشر روابط التقديم وشروط تلك المنح على موقع منحة دافي الفيس بوك، وكما يقوم موظف متابعة الخريجين بالتواصل مع الطلبة واعلامهم بتلك الفرص هاتفيا.
وشددت ابو يونس على عدم وجود اية مشاكل تواجه طالبات المنحة تحديدا، وتعتبر أبرز المشاكل التي تواجه الطالبات بشكل عام هي المشاكل الاجتماعية التي يواجهونها في مجتمعاتهن كالزواج وتربية الاولاد وأحيانا يلعب الاهل دورا في الوقوف في وجه بناتهن من استكمال الدراسة الجامعية.
ويتابع المرشد النفسي في المنحة الطلاب والطالبات بشكل دائم للتحدث معهم حول اي مشاكل قد يواجهونها للوصول إلى حل، إذ تهتم بتمكين المرأة ومساعدتها على استكمال دراستها والحصول على الشهادة الجامعية لضمان مستقبل آمن.
وأضاف أبو يونس أنه يتم توجيه الطالبات خلال المقابلة الشخصية في المرحلة الأولية عن طريق المرشد الأكاديمي والوظيفي لمعرفة ميولهن المستقبلية.
واشارت إلى وجود شروط ومعايير للقبول بمنحة دافي ومن تلك الشروط عدم تجاوز عمر الـ 28، نظرا للأعداد الكبيرة للمتقدمين للمنحة ومحدودية المقاعد المتوفرة في كل سنة، حيث تتراوح ما بين 10-40 مقعدا فقط.
ويعود اختلاف عدد المقاعد الممنوحة سنويا حسب قيمة الدعم السنوي المقدم من الداعمين لذلك اولوية القبول تكون لمن أنهى الثانوية العامة حديثا.
كما تقدم المنحة فرصة التعليم المهني في كلية لومينوس بتقديم منح دراسية للدراسة في ذلك المجال.
واوضحت ابو يونس انه تم منح 58 من الطلبة في التعليم المهني في تلك الكلية مقسمة الى 29 مقعد مقدمة للطلبة من الجنسية الاردنية و29 مقعد اخر مقدم للطلبة من الجنسية السورية.
تحديات التعليم الجامعي
وقالت دراسة أصدرها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بشأن العوائق التي تواجه الطلبة السورين لعام ٢٠١٧ ان ثلثي الطلبة ملتحقون بالجامعات الخاصة والباقي في الجامعات الحكومية.
وبينت الدراسة أن أبرز التحديات تتمثل في معادلة شهاداتهم المدرسية التي حصلوا عليها، وكذلك إحضار الأوراق الثبوتية من سوريا، اضافة إلى اجراءات فرضتها الحكومة الأردنية وتتعلق بحصول الطالب على الوثائق الأمنية وقتها.
وبحسب الدراسة فإن ٧٥٪ من الطلبة يغطون نفقات الدراسة على حسابهم الخاص و٢٥٪ من المنح الداعمة.
كما اوضحت الدراسة أن اللغة المستخدمة في الجامعات الأردنية شكلت عائقا امام ٤٢٪ من الطلبة السوريين والتي تعتمد على الدراسة في اللغة الإنجليزية.
ووقعت سفيرة الاتحاد الأوروبي في الأردن ماريا هادجيثودسيو، ورئيس الجامعة الألمانية الأردنية منار فياض، الشهر الماضي، اتفاقية منحة ثنائية بقيمة 15 مليون يورو لدعم 2245 أردنيا من الفئات الأقل حظا ومن اللاجئين السوريين، بمنح دراسية للتعليم العالي ممولة بالكامل.
وأشار الاتحاد الأوروبي في بيان إلى أن المشروع يهدف إلى توفير الفرصة للشباب لمتابعة التعليم العالي (البكالوريوس والماجستير)، والتعليم المهني والتدريب التقني، بالإضافة إلى تدريب المعلمين المؤهلين، وريادة الأعمال، ودورات موجهة نحو سوق العمل وبرامج صيفية لطلاب المدارس الثانوية.
ينشر هذا التقرير ضمن برنامج مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات “المرأة والأمن والسلام” وبالتعاون مع شبكة الإعلام المجتمعي (عمان نت)