التدخل البري في سورية.. بين السياسي والعسكري

التدخل البري في سورية.. بين السياسي والعسكري
الرابط المختصر

لا تزال أنباء إعلان السعودية عن استعدادها لإرسال  150 ألف جندي إلى سورية، بالتعاون مع تركيا ودول عربية أخرى، مجالا لقراءات كتاب الرأي والمقالات.

 

ويشير الكاتب محمد أبو رمان، إلى تجاهل وسائل الإعلام السعودية لتلك التسريبات، التي أصبحت بمثابة "لغز" حقيقي، فثمّة من يرى الخبر أقرب إلى "تكتيك" دبلوماسي وسياسي، لا يمكن أن يحدث على أرض الواقع، نظراً لتعقيدات المشهد السوري، وتعدد قائمة أعداء السعودية هناك؛ "داعش" والإيرانيون والروس، ما يفتح الباب على "حرب إقليمية" حقيقية.

 

فيما يرى فريق من المحللين والسياسيين أنّ الحديث عن القوات السعودية والعربية والتركية أمر جاد وسيناريو متوقع، بل جرى التمهيد له سابقاً عبر تصريحات أميركية قبل أشهر، تتحدث عن أنّ القضاء على "داعش" عسكرياً في العراق وسورية يتطلب قوات عربية وسنية، بحجم كبير، بحسب أبو رمان.

 

ويخلص أبو رمان إلى التأكيد على عدم إمكانية أخذ التسريبات والحديث عن قوات سعودية-تركية-عربية، ضمن التحالف السني العالمي، على محمل "المزحة السياسية"، ربما تكون أشبه بورقة سياسية أو تكتيكية، إلا أن التعقيدات الواقعية في سورية، بالتزامن مع التدخل السعودي في اليمن، والفجوة بين المصالح الإقليمية، يجعل من الخيار العسكري البري سيناريو مستبعداً ضمن المعطيات الحالية.

 

أما الكاتب جميل النمري، فلا يجد خبر التحضيرات لحرب برّية ضد تنظيم "داعش"، مقنعا، حتى قبل النفي الأردني الذي قال إن القوات الأردنية الموجودة في السعودية هي لتدريبات روتينية معتادة بالتعاون مع السعودية.

 

ويشكك النمري بأن يكون قد تمّ اعتماد هذا السيناريو والشروع في تطبيقه، فقرار بهذا الحجم وعلى هذا المستوى من التحول الاستراتيجي، ليس معقولا أن يكون قد تم حسمه من دون أن يتسرب شيء حوله خلال مرحلة إنضاج القرار داخل الدول الرئيسة المعنية.

 

فـ"التدخل البري على نطاق واسع داخل سورية ما يزال من المحظورات، ولا أحد يرغب في تبنيه، وقد تكون السعودية الأكثر رغبة فيه لو استعدت الأطراف الأخرى، وخصوصا الولايات المتحدة التي ما تزال عقيدتها العسكرية في زمن أوباما تعارض التورط العسكري البري"، يقول النمري.

ويضيف بأن التطورات وإن كانت تزكي التحول إلى التدخل البري، إلا أن دون ذلك مصاعب وعقبات هائلة نشك أنه قد تم تجاوزها، على رأسها الموقف داخل الولايات المتحدة نفسها، وداخل كل دولة من الدول المفترض مشاركتها.

 

فيما يرى الكاتب ماهر أبو طير أن التدخل البري في سورية ليس مستبعدا في نهاية المطاف، فهذا التدخل حصل اساسا منذ فترة طويلة وليس جديدا، وإن كان لم يصل إلى سقفه الأعلى.

 

ويلفت أبو طير إلى أن أي كلام عن تدخل بري ضد تنظيم "داعش"، سوف يفهمه هذا المعسكر بأنه مجرد تغطية على الهدف الأساس، أي السعي لتحطيم وإضعاف المعسكر السوري الإيراني الروسي، ومثل دمشق لا يمكن لها أن تصدق أن القصة قصة "داعش"، بل سوف تفهم المشهد باعتباره تحطيما للنظام، وسعيا للتقسيم في سورية، وتحجيما للروس.

 

"ومهما حاولت أطراف كثيرة الترويج لتسوية سياسية، بشأن الملف السوري، فإن الواقع الميداني معقد جدا، ويأخذ كل المنطقة نهاية المطاف، الى حرب برية في سورية، لحسم الصراع، وداعش هنا، مجرد حلقة صغيرة، تستدرج المنطقة إلى هذه الحرب.

 

من جانبه، يشير الكاتب عريب الرنتاوي إلى المفارقة ما بين الصمت الإيراني طيلة عشرة أشهر من الحرب  في اليمن، مقابل عدم انتظار طهران لأكثر من أربعة وعشرين ساعة على الإعلان عن “المقترح السعودي” بإرسال قوات برية إلى سورية.

 

ويضيف الرنتاوي، أن تباين الأولويات يبرز هنا على نحو واضح، فـ"اليمن مهم بالنسبة لطهران، لكن سوريا هي “واسطة العقد” بالنسبة لإيران.

 

وينتهي الكاتب إلى القول "إننا كلما تأملنا في المشهد السوري، في ضوء التطورات الأخيرة، كلما ازددنا حيرة في الإجابة على “سؤال المليون دولار”: هل نحن أمام عملية تسخين مدروسة، تسبق التسوية الكبرى وتمهد لها، أم أن المنطقة سائرة لا محالة، إلى حفلة جنون جديدة؟

أضف تعليقك