الاعلام الحزبي: خياران لا ثالث لهما

الاعلام الحزبي: خياران لا ثالث لهما
الرابط المختصر

في مشهد الإعلام الحزبي والسياسي اتسع مؤخرا إعلام الحركة الإسلامية لينافس الإعلام الحكومي الذي احتكر القطاع الإعلامي لسنوات طويلة. وضاعت بينهما صحف متواضعة لأحزاب صغيرة بإمكانياتها المادية.

انطلقت وسائل إعلام ترتبط بجبهة العمل الإسلامي وحركة الإخوان المسلمين عن طريق مجالس إداراتها المكونة من أعضاء الحركة أو بالتمويل المباشر أو، على الأقل، بتوجهاتها الفكرية التي تحكم مضمونها الإعلامي. أحدثها كان القناة الفضائية “اليرموك” بمجلس إدارتها المكون من نقابيين سابقين ارتبطوا بالحركة الإسلامية. وبذلك انضمت القناة إلى المجموعة الإعلامية المكونة من الصحيفة اليومية “السبيل”، إذاعة “حياة إف إم”، الموقع الإلكتروني الإخباري “البوصلة”، بالإضافة إلى صفحات إخبارية على شبكة التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”.

في المقابل، أطلق حزب الاتحاد الوطني الأردني قناته الفضائية “A1Jordan”، بعد أن أنشأ موقعه الالكتروني الإخباري “هنا عمان”. وبذلك لم يعد الإعلام الحكومي مقتصرا على وسائل الإعلام التي تمتلكها الحكومة، أو تمتلك جزءا منها، مثل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وكالة الأنباء الأردنية، وصحيفتي الرأي والدستور، بالإضافة إلى عدد من المواقع الإلكترونية التي تمولها شخصيات حكومية حالية وسابقة بشكل غير معلن.

ومن هنا “تأتي فضائية اليرموك كتجربة جديدة للإسلاميين في مسعى لتكريس التنوع الذي يفترض أن تحتضنه الساحة الإعلامية”، يقول خضر المشايخ مدير القناة.

الإعلام الحزبي، وفقا للمشايخ، “لون غائب عن المواطن في الأردن ووسيلة للبحث عن المربع الفارغ الذي هو الآخر في الإعلام. ويتابع حديثه لـ”عين على الإعلام” أن القناة أتت من أجل إضافة هذا التنوع الذي يراه كذلك “حاضنا لمن هم خارج تيار الإسلاميين”.

فالفضائية تسعى نحو “التعددية بوصفه النتاج الطبيعي للإعلام الذي يعكس التنوع في المجتمع”، يقول المشايخ الذي يرى أن “الخروج عن الثنائية التقليدية ما بين الحكومة والإسلاميين يحتاج إلى إشتغال مهني من خلال إتاحة المجال للرأي الآخر بعيدا عن تقييم الناس بناء على توجهاتهم”.

وكانت صحيفة السبيل الإسلامية قد أعلنت بداية الشهر الجاري عن انضمام الكاتب الصحافي موسى برهومة ذي التوجهات اليسارية، إلى كتاب الصحيفة.

وبين الحكومي والإسلامي، بالكاد تواصل الأحزاب اليسارية والقومية، ذات الإمكانيات المالية المتواضعة، إصدار صحفها الورقية الأسبوعية والشهرية، بالرغم من أنها الأقدم في تجربة الإعلام الحزبي، مثل صحيفة “الجماهير” للحزب الشيوعي، و”نداء الوطن” لحزب الوحدة الشعبية، و”الأهالي” لحزب الشعب الديمقراطي، و”البديل” للحركة القومية للديمقراطية المباشرة، وغيرها من الصحف التي تصدرها أحزاب وتعبر عن برامجها ومواقفها السياسية.

محمد القاق، رئيس تحرير صحفية “البديل” الصادرة منذ عام 2001، يبين كيف انعكست الامكانيات الاقتصادية للحركة على “فقر الجانب المهني للصحيفة وبالتالي في استمرارية العمل بها على اعتبار ان البداية اعتمدت على تطوع أعضاء الحركة”.

“البديل” تطورت من شهرية إلى مرتين في الشهر والطموح كان أن تصبح أسبوعية لكن الظروف السياسية والاقتصادية لم تساعد على ذلك، بل واضطر القائمون عليها إلى إيقافها مؤقتا إلى أن يعاد هيكلتها إداريا وفنيا، وفقا للقاق.

الوصول إلى جمهور الحزب عن طريق وسائل الإعلام الخاصة، كبديل عن وسائل إعلام تملكها أحزاب، هو الخيار الأفضل لكنه غير متوفر، وفقا للقاق. “فوسائل الإعلام الخاصة لا تسمح لأعضاء الأحزاب بالكتابة فيها والتعبير عن مواقف أحزابهم”.

المحلل السياسي والإعلامي محمد ابو رمان يرى أن “من حق كل حزب امتلاك وسائل إعلام للتعبير عن أرائه كأحد أشكال وطرق ترويجه لمواقفه، في حين تلجأ أحزاب أخرى للإعلام الخاص للتعبير عن آرائها عن طريق استقطاب صحفيين”.

“الأحزاب باتت تنتهج اسلوب التعبئة الذي يستقطب أكبر عدد ممكن من المواطنين للتأثير والجذب والرد على الخصوم، وهو ما لا يوفره الإعلام غير الحزبي. الإعلام الحزبي هو الأداة الأكثر تأثيرا واستقطابا لوجهة نظر الحزب”، يقول أبو رمان.

عدنان خليفة، رئيس تحرير صحيفة الأهالي التي يصدرها حزب “حشد”، يقول أن الصحيفة لا تعبر عن أعضاء الحزب فقط بل جميع المواطنين الذين يؤمنون بتوجهات الحزب، ولذلك يستمر الإقبال على الصحيفة بالرغم من تواضع الإمكانيات المالية التي تقيد أي صحيفة حزبية.

ويحمل خليفة المسؤولية للحكومة التي “يجب أن تدعم الأحزاب بشكل مباشر بلا شروط مقيدة”. ويضيف: “لكي يتطور الاعلام الحزبي يجب توفر إمكانيات مادية، والأحزاب التي تملك إمكانيات فكرية ومادية قادرة على إحداث حراك في الساحة الإعلامية”.

وفي ظل الظروف المادية المتواضعة يرى خليفة أن استمرار صدور صحيفة الأهالي منذ عام 1989 يشكل نجاحا، مقارنة مع وسائل إعلامية حزبية أخرى.

دور الإمكانيات المالية لدى الأحزاب وقدرتها على التأثير، يقول أبو رمان، تتجسد بشكل واضح في حالة الإسلاميين الذين يمتلكون وسائل إعلام متعددة، فيما لا تقوى أحزاب أخرى على امتلاك وسائل إعلام، وهو ما قد يخلق حالة من عدم التوازان ما بين وسائل الإعلام الحزبية.

“قد لا تحمل وسائل الإعلام الحزبية البديل للمتلقي، أو المراد بعيدا عن الإعلام الحكومي أو الخاص، لكنه يشكل طريقا ثالثا معبرا عن آراء أحزاب جاءت ممثلة لأعضائها من المواطنين، والتجربة تبقى خاضعة لسياسات الأحزاب التي لا تجد فيها إلا شكلا من أشكال التعبير عن سياساتها”، يقول أبو رمان.

وتبقى استمرارية الصحف الحزبية مرهونة بامكانات الحزب المالية، وهو ما يجعل الحركة الإسلامية الأكثر قدرة على إبقاء وسائل إعلام تعبر عن فكرها ومواقفها السياسية.

مزايد من تقارير عين على الاعلام هنــا

أضف تعليقك