الأزمة السورية بين التدخل الروسي العسكري والخلاف حول مصير الأسد

الأزمة السورية بين التدخل الروسي العسكري والخلاف حول مصير الأسد
الرابط المختصر

 

أثارت التقارير الإعلامية حول التواجد الروسي العسكري على الأرض السورية، تساؤلات أردنية وإقليمية عن مدى امتداد الأزمة السورية زمانيا وجغرافيا، مقابل حسابات لإيجاد حل سلمي لهذه الأزمة، خاصة منذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني.

 

الكاتب فهد الخيطان، يرى أن الأردن يمر بأزمة غير مسبوقة تاريخيا من حيث درجة الحدة والخطورة، متسائلا إن كانت المملكة قادرة على التعايش عسكريا وسياسيا واقتصاديا مع أزمة "مفتوحة ومديدة" على حدودها الشمالية.

 

ويشير الخيطان إلى ما ساد من انطباع خلال الأشهر الماضية بوجود فرصة جدية لنجاح جهود التسوية السياسية في سورية، ظهرت بحملة الاتصالات الدبلوماسية المكثفة بين موسكو وواشنطن، وخطة المبعوث الدولي، إضافة إلى الاتفاق النووي بين الغرب وطهران.

 

إلا أن تلك الآمال والتوقعات تلاشت تماما في الأسابيع الأخيرة، وخيم التشاؤم من جديد، بحسب الخيطان، الذي يلفت إلى انتقال موسكو وواشنطن من طور البحث عن حل سياسي، إلى مباحثات عسكرية لتجنب الانزلاق إلى مجابهة عسكرية في سماء سورية.

 

وعلى المقلب الآخر، لم يتمكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من إيجاد حليف على الأرض في سورية، يكون بديلا للجماعات الإرهابية، ولم يعد أمامه من خيارات سوى الجيش السوري.

 

 

رحيل الأسد.. ضروري ولكن

 

ويجد الكاتب محمد أبو رمان، تطورا جديدا للموقف الأمريكي الذي أعلنه وزير الخارجية جون كيري، بأن واشنطن تريد رحيل الرئيس السوري الأسد، لكن ليس بالضرورة الآن!.

 

ويلفت أبو رمان إلى الموقف الأمريكي منذ اليوم الأول من الأزمة السورية حول مصير الأسد، والذي يظهر قلقا من الخشية الغربية بذريعة الخشية من سيطرة القوى الإسلامية (معتدلة أو متشددة) على مقاليد الأمور بعد ذلك.

 

ويضيف الكاتب بأن هذا الهاجس الأميركي والغربي ارتفع مستواه إلى أعلى درجة خلال الأشهر الماضية، مع صعود تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" من جهة، والتدهور المستمر في وضع الجيش السوري النظامي، وهو الأمر الذي دفع بسرعة التدخل الروسي لإنقاذ النظام من السقوط الفوري.

 

أما الموقف الغربي، فبدا منقسما تجاه الأسد، "فيما لم تخجل بعض الدول الأوروبية من الإعلان صراحة وجهاراً عن أنّ الأسد هو الشريك المعتمد في محاربة "داعش"، بحسب أبو رمان.

 

ويخلص أبو رمان إلى القول إن الصفقة الدولية باتت أكثر وضوحا عبر الدور الروسي المباشر لإنقاذ الأسد، والتواطؤ الأميركي، والشراكة الحقيقية بين هذه الأطراف لمنع انهيار هذا النظام.

 

 

التدخل الروسي العسكري

يفرق الكاتب منار الرشواني بين تدخل روسيا عسكرياً في سوريا، والتدخل الإيراني الذي يعود إلى بداية عمر "الثورة السورية"، لافتا إلى آمال بعض معارضي الأسد بأن يكون الحضور الروسي كابحا لجماح المشروع الإيراني.

 

فيما يبدو التدخل الروسي "حبل إنقاذ" لمؤيدي الأسد، من رافعي شعار "القومية العربية"، التي تسمح لهم بتأييد الاستبداد والفساد وتخوين شعوب بأكملها، بحسب الرشواني.

 

وما لم تنتشر أنباء تعزيز روسيا لتواجدها العسكري في سوريا، حتى انهالت التحذيرات الغربية والعربية، ضد هذا التحرك، يقول الكاتب ماجد توبة.

 

ويرى توبة أن الهجوم على الخطوة الروسية، يتجاهل أن الساحة السورية فتحت مبكرا للعب والتدخلات من قبل الحلف المناوئ لروسيا، عبر "عسكرة الثورة السورية".

 

ويشير الكاتب إلى ما وصفه بـ"التضليل" الذي تثيره آلة الهجوم ذلك، بتجاهل التحرك الروسي لإطلاق مفاوضات وحلول سياسية للأزمة السورية، الأمر الذي قوبل بدعم عسكري ولوجستي كبير وحاسم من المعسكر المناوئ.

 

أما الكاتب عريب الرنتاوي، فيلفت إلى مسارعة خصوم موسكو بالتبشير بسقوط الكرملين في مستنقع سوريا الذي لا شفاء منه، منذ انتشار أنباء التواجد العسكري على الأرض السورية، "مذكرين بسقوط الاتحاد السوفياتي، في أوحال أفغانستان.

 

ويستعرض الرنتاوي عددا من المفارقات بين التجربتين، كالبعد الزماني بينهما، واختلاف نتائجهما، إضافة إلى وقوف معظم الدول الإقليمية والدولية "في تجربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان" إلى جانب "المجاهدين"، خلافا للموقف الحالي.

 

كما أن هنالك إرهاصات "على عمق التحوّل في مواقف وأولويات الاتحاد الأوروبي تحت ضغط طوفان الهجرة واللجوء من جهة وتفاقم خطر الإرهاب من جهة ثانية، فضلاً عن السياسة الأمريكية الآخذة بالتبدل بتسارع ملحوظ، ودائماً بالاقتراب من الرؤية والمقاربة الروسيتين، وليس بالابتعاد عنها أو الصراع معها".

 

ويؤكد الرنتاوي على ضرورة عدم استبعاد "العامل الإيراني" ضمن احتمالات انزلاق سوريا في "سيناريو الأفغنة"، مشيرا إلى أن عددا من العواصم العربية والإقليمية، تنظر بارتياح، إلى "التورط الروسي" في سوريا، بوصفه أداة لإضعاف الدور الإيراني فيها.

 

فـ"في ظل تراجع فرص الحسم العسكري للأزمة السورية، ومع تنامي خطر “داعش” وتهديد الإرهاب المستوطن والمنبعث من سوريا، وفي ضوء طوفان الهجرة واللجوء، فإن كثيرا من عواصم الإقليم (الرياض، تل أبيب، أبو ظبي، عمان) وغيرها، لن تجد مشكلة في القبول أو التكيف مع “التورط الروسي” في الأزمة السورية، طالما أنه سيضعف تلقائياً، نفوذ إيران وتأثيرها في تقرير مستقبل سوريا"، يقول الرنتاوي.