الأردن ومؤتمر لندن.. والفرصة الأخيرة
قبيل ساعات من انعقاد مؤتمر الدول المانحة في لندن حول أزمة اللجوء السوري، طالعتنا الصحف اليومية بالعديد من مقالات الرأي التي تعيد قراءة ما ينتظره الأردن من هذا المؤتمر، وخاصة بعد تصريحات الملك عبد الله الثاني الأخيرة عن ملف اللاجئين.
الكاتبة جمانة غنيمات، ترى أن اللغة التي خاطب بها الملك المجتمع الدولي أخيرا، كانت الأكثر حزماً منذ اندلاع الأزمة في سورية، والتي أدت إلى أزمة لجوء إلى الأردن، حيث بعث رسالة واضحة، تعد بمثابة تحذير للدول المانحة؛ بضرورة المساعدة في مواجهة أعباء اللجوء الضخمة، والتي لم يعد بإمكان المملكة، شعباً وحكومة، احتمالها.
وتضيف غنيمات أن الوجود السوري بات يحمل العديد من التبعات القاسية، من ناحيتين: إنفاق ربع الموازنة العامة على اللاجئين واحتياجاتهم الخدمية، إضافة إلى الكلف الأمنية العسكرية.
وتشير الكاتبة إلى أن القصور الدولي الواضح تجاه أزمة اللجوء السوري إلى الأردن خصوصاً، اضطر الملك إلى الإشارة في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية، إلى أن الأردن قد يعيد النظر باستقبال اللاجئين إن لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته بهذا الخصوص.
فـ"الموقف الدولي تجاه الأردن بات قضية أخلاقية إن لم تكن حقاً ثابتاً، وليست مِنّة من أحد، ذلك أن الحمل الكبير الذي ترزح تحته المملكة يهدد الواقع الاجتماعي والأمني، وليس جديدا أن الأردن بموقعه الجيوسياسي الحساس يؤثر على الجميع من دون استثناء"، تقول غنيمات.
ويؤكد الكاتب محمد أبو رمان أن تصريحات الملك كانت بمثابة رسالة واضحة، تقول إن المساعدات الدولية للأردن لمواجهة أعباء اللجوء السوري ليست منّة، ولا أمراً ثانوياً، هي استحقاق وواجب على المجتمع الدولي أن يقدمه، ليس من باب إنساني فحسب، بل أمني أيضا.
فـ"مؤتمر لندن، اليوم، هو إذن "خطّ أحمر" رسمه الملك للمجتمع الدولي والعرب، الذين قصّروا كثيراً في دعم ومساندة الأشقاء اللاجئين، كما كشفت منظمات دولية معنية بالأمر"، يقول أبو رمان.
أما ما يطلبه الأردن فيتمثل بمساعدته من قبل دول الاتحاد الأوروبي في تسهيل بنود قواعد المنشأ لتعزيز دخول صادراته إلى الأسواق الأوروبية، واستقطاب الاستثمارات الأوروبية التي توفر فرص العمل للشباب الأردني، وتمكين الأردن من إيجاد فرص عمل للاجئين لمساعدتهم على الاندماج الاقتصادي إلى حين حلّ معاناتهم الطويلة!
وينتهي الكاتب إلى القول إن "واجبنا المنزلي" كبير، والتعاطي مع "ما بعد لندن" في ملف اللاجئين يتطلب حكومات إبداعية في إصلاح أسواق العمل وقوانينه وفي بناء الأجندة الإعلامية، وليس فقط دعاية وهمية فلكية هزلية حول أرقام توظيف بعشرات الآلاف لا أحد يصدقها، حتى موظفو وزارة العمل نفسها.
ويرجح الكاتب عريب الرنتاوي أن يكون الملك بتصريحاته الأخيرة "الخارجة على مألوف الخطاب"، أراد أن يبعث برسالة مدوية إلى مجتمع المانحين أساساً، لم يكن الجمهور الأردني أو جمهرة اللاجئين السوريين، هما المخاطبين بها.
ويشير الرنتاوي إلى أن الملك لامس في رسالته، التحدي الأبرز الذي يواجه الأردن، أمناً واستقرارا والمتمثل بالتحدي الاقتصادي – الاجتماعي” المثير للقلق.
ويشدد الكاتب على ضرورة عدم التعامل مع ملف اللاجئين، ضمن معادلة “مانحين ومتلقين” فقط، إذ لا بد من شنّ هجوم دبلوماسي موازٍ على محوري موسكو – دمشق، للعمل على تطبيع الوضع في جنوب سوريا، بدءاً بتشجيع المصالحات المحلية والتوسط فيها، وانتهاء ببحث فرص إنشاء “مناطق آمنة توافقية” تمنع تدفق المزيد من اللاجئين صوب الأردن.
أما الكاتب موسى شتيوي فيلفت إلى أن الدول المختلفة أنفقت عشرات مليارات الدولارات في تمويل الأطراف المتنازعة في سورية على مدى السنوات الأربع الماضية، لكنها لم تبد الاهتمام الكافي بالإنفاق على سد الحاجات الإنسانية للاجئين السوريين، والتي ساهم تسليح الأطراف المتنازعة في تفاقمها.
ويشكل مؤتمر لندن، بحسب شتيوي، فرصة نادرة، وقد تكون أخيرة، لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، والاعتراف بأن مسؤولية رعاية اللاجئين السوريين هي مسؤولية دولية وجماعية، وأن مسؤولية دعم وتمكين الأردن هي مسألة أساسية وليست مسألة تعاطف معه.