اعتصام "الأردنية" واختزال الواقع التعليمي

اعتصام "الأردنية" واختزال الواقع التعليمي
الرابط المختصر

دعوات للتوسع في مطالب معتصمي الأردنية مع التوسع بالاتهامات

 

بعد مضي 16 يوما على الاعتصام المفتوح الذي بدأه التجمع الطلابي لإلغاء قرار رفع رسوم البرنامج الموازي ورسوم الدراسات العليا في الجامعة الأردنية، تعالت الأصوات الإعلامية والصحفية والشخصيات الأردنية البارزة بين مؤيد ومعارض للاعتصام ودوافعه.

 

ففي الوقت الذي دعت فيه لجنة التربية النيابية وزير التعليم العالي لعقد اجتماع بحضور رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية ورئيس الجامعة وممثلين عن الطلبة الثلاثاء المقبل، لبحث تداعيات الاعتصام، ظهر رئيس الجامعة د.اخليف الطراونة على شاشة التلفزيون الأردني، مؤكدا "أن من له مصلحة بإحداث الفتنة هو من يدعم تلك الاعتصامات، حيث أن المستهدف هو الوطن ثم الجامعة".

 

واتهم الطراونة بعض الطلبة المعتصمين بتعاطي المخدرات، الأمر الذي أثار نقدا واسعا بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، متناقلين تصريحات مدير إدارة مكافحة المخدرات العميد أنور الطراونة "بأن الجامعات الأردنية خالية ونظيفة من آفة المخدرات"، والذي نشر في صحيفة الدستور في العشرين من كانون الثاني الماضي.

 

الصحفي وليد حسني علّق على تصريحات الطروانة بقوله "أنا ادعم هذا الاعتصام وأية اعتصامات مماثلة لأنني أدعم هذا الوطن ليكون عفيفا وعظيما ونقيا وطيبا مثل قلوب أهله وناسه الذين يرفضون الظلم والتجبر، ولا ينامون على ضيم"، واصفا الرئيس بـ "أمير المؤمنين".

 

ويضيف "مشكلة طلبة الجامعة الذين يعتصمون في حضن أمهم أنهم حصروا مطالبهم بالموازي ورفع الرسوم فقط. وكان عليهم أن يرفعوا شعارا أوسع لتفكيك التحالف بين رؤساء الجامعات والأمن، واقالة الرئيس فورا واصلاح التعليم الجامعي".

 

فيما رفض المنسق العام للحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" فاخر دعاس، هذه الدعوة لرفع سقف المطالب بقوله إن الاعتصام المفتوح جاء بعد 25 فعالية داخل حرم الجامعة على مدى عام ونصف، وأن هدف الطلبة محدد وواضح ولا يمكن أن يشتتوا جهودهم، ولن يطالبوا بأي شيء آخر عدا إسقاط قرار رفع الرسوم الجامعية، مشيرا إلى أن ما أثير على مواقع التواصل الاجتماعي من تحفيز أو إشاعات، حول نيتهم التصعيد للمطالبة باتحاد عام لطلبة الأردن، غير صحيح".

 

يدعم هذه التوجهات لدى الطلبة الكاتب ماجد توبه في مقاله في صحيفة الغد، فـ"الطلبة والتجمعات الطلابية في تنظيمها للاعتصام لا يسعون إلى التنظيم الحزبي وضم طلبة إلى أحزاب أو قوى سياسية، أو حثهم على المشاركة في الانتخابات النيابية مثلا، والتصويت لهذا التيار أو ذاك، فالمطلب والشعار حقوقيان مباشران وواضحان".

 

ويضيف توبة، بأن ممارسة طلبة الجامعات للعمل السياسي والحزبي، والانتماء السياسي لهذا التيار أو ذاك، حق مكفول دستوريا وديمقراطيا لكل مواطن، بل وأمر مطلوب ومحمود في الدول التي تريد الارتقاء بنفسها، بالاحتكام إلى القانون وحرية العمل السياسي والتعبير، وبما يعقلن ويرشد الحراكات الجماهيرية في الدفاع عن مطالبها وحقوقها.

 

"الموازي" من طوق نجاة إلى حبل مشنقة

 

رئيس الجامعة الأردنية اخليف الطراونة، يشير في حديثه للتلفزيون الأردني إلى أن برنامج الموازي أثر على جودة التعليم العالي الأردني، وعلى سعة الطلبة في القاعات التدريسية، وأن الهدف منه كان سد العجز في البرنامج العادي.

 

"فيما تحول الموازي من نعمة إلى نقمة، وذلك ليس على مستوى الجامعة الأردنية، فكل الجامعات الرسمية كان الموازي خيارها لتنويع مصادر الدخل وكبح جماح العجز في ميزانياتها، بمباركة حكومية، حتى بدا الموازي مهربا مثاليا تتنازل الحكومات من خلاله عن واجبها في توفير تعليم جامعي بتكاليف معقولة لمواطنيها، لكن إدارات الجامعات أفرطت في استغلال الموازي مع انعدام الخيارات الأخرى"؛ يقول الكاتب فهد الخيطان.

 

ويقدر دعاس نسبة الطلبة المقبولين على البرنامج الموازي في الجامعة الأردنية، بحوالي 70 % من طلبة الكلية الواحدة، الأمر الذي يعد مخالفا لتعليمات مجلس التعليم العالي الذي حدد نسبة الموازي بحد أعلى هو30 %.

 

ومع حصول الجامعات على الضوء الأخضر في رفع الرسوم وتركها وحيده تصارع العجز المالي، بدأت الجامعات باستحداث تخصصات جديدة برسوم عالية على البرنامج التنافسي، وزيادة عدد المقبولين على الموازي، الأمر الذي جعل من هذا النظام فرصة للطلبة الذين لم يحالفهم الحظ للحصول على مقعد تنافس لقلتها وليس للطلبة المقتدرين مادياً، بحسب دعاس.

 

ويذهب وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور وليد المعاني في مقال له بصحيفة الغد، إلى أن "الجامعات الأردنية لم تلتزم بمعايير الاعتماد المنصوص عليها في الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي 2007-2012"، لافتا إلى أن أعداد طلبة الموازي تتباين بالنسبة لمجموع الطلبة من 3 % إلى 55 % بحسب الجامعة والتخصصات التي تطرحها.

 

من جانبه، يقول الوزير الأسبق صبري اربيحات إن حق التعليم للجميع يتنافى مع "شهوة الخصخصة"، وأن الموازي "فكرة عقيمة"، ضربت هذا الحق الذي يجب أن يكون متاحا للجميع وللأكفأ، مبينا أن "الكوتات" والموازي لعبا دورا مهما في تشويه فكرة التعليم، الذي يجب أن يقام على مبدأين، أولهما توفير الدولة للتعليم للجميع ضمن إمكانياتها، مع الغاء الموازي والكوتات، والثاني، أخذها لأفضل أبنائها وفقا لمعايير محددة وتعليمهم.

 

اربيحات يشدد على أن هناك خللا في إدارة ملف التعليم، فـ"معالجة التعليم في المناطق الأقل حظاً والبوادي والمخيمات، لا تكون من خلال الكوتات، وإنما من خلال رفد هذه المناطق بكوادر تعليمية وبرامج مؤسسية لتحسين واقع مدخلات التعليم فيها"، وبعيدا عن عقلية رجال الأعمال الربحية بإدارة الجامعات.

 

ويؤكد الوزير المعاني أن "إصلاح الخلل في كينونة البرنامج الموازي يقتضي إلغاءه، وهو أمر يحل الإشكال الدستوري، ويساوي بين المواطنين".

 

ويوضح أن الجامعات ستعتمد في تمويلها، بعد إلغاء الموازي، على مصدرين، أحدهما الطلبة من غير الأردنيين، وثانيهما زيادة الرسوم أو الدعم الحكومي"، متسائلا "لو كان البرنامج العادي برسوم رمزية أو مجانا، هل سيقبل الأردنيون أن تفرض عليهم ضريبة للتعليم تكفي الجامعات؟"