أيتام سياسيون في القدس

أيتام سياسيون في القدس
الرابط المختصر

يعيش نحو 150 ألف فلسطيني في أحياء القدس على الجانب الشرقي من الجدار الذي بناه الإسرائيليون، وهم يدخلون إلى القدس ويخرجون منها ومن الضفة الغربية كالثعبان في ظل مأزق قانوني وإداري يعانون منه.

 

 

الأيتام السياسيون هؤلاء لا يحق لهم الارتباط بقيادتهم الفلسطينية، وهم لا يعتبرون جزءا من النظام السياسي الإسرائيلي الذي يقرر مصيرهم وحده. هذا ما أكده مؤخرا الكنيست الإسرائيلي. فبينما حاز قانون صدر في الثاني من يناير / كانون الثاني على اهتمام كبير وطالب بموافقة 80 من أصل 120 عضوا في الكنيست على أي تغييرات تتعلق بحدود القدس، انصب اهتمام الفلسطينيين في القدس الشرقية على جزء آخر من مشروع القانون الأصلي. فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في الثاني من يناير / كانون الثاني إن عضو الكنيست اليميني نافتالي بينيت، وهو زعيم حزب "البيت اليهودي"، قرر في اللحظة الأخيرة حذف بند كان من شأنه تسهيل عملية إعادة رسم خريطة القدس الشرقية.

 

وأضافت الصحيفة إن "تلك الخطوة المفاجئة جاءت في الساعة الثالثة صباحا عندما حذف أعضاء الائتلاف الحاكم التابع لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو جزءا من مشروع القانون كان من شأنه أن يسهل استبعاد الفلسطينيين من خريطة القدس،" ما ترك وضع منطقة كفر عقب وشعفات وغيرها من الأحياء الفلسطينية في المدينة على حاله.

 

ويبدو أن القرار اتخذ لأسباب تكتيكية، فبحسب الصحيفة عينها، وخوفا من أن تتولى حكومة يسارية السلطة في يوم من الأيام، لم يشأ المسؤولون الإسرائيليون اليمينيون تسهيل على هكذا حكومة عملية إنشاء بلدية فلسطينية مستقلة يُطلق عليها اسم "القدس"، وذلك عن طريق صلاحيات إدارية بدلا من عملية تشريعية في الكنيست.

 

لكن بغض النظر عما إذا كانت التغييرات في وضع المجتمعات الفلسطينية خارج الجدار ستكون أسهل أو أصعب، بقيت وجهة نظر الفلسطينيين الذين اتصل بهم "المونيتور" على حالها.

 

في تصريح لـ "المونيتور" قال خضر دبس الناشط في القدس: "إننا نعمل بجد للدفاع عن حقوقنا الوطنية في القدس، عاصمة دولة فلسطين، ونعمل ضد جهودهم الرامية إلى فرض نظام الفصل العنصري على مجتمعاتنا".

 

ووصف دبس قرار الكنيست بأنه أحدث دليل على أن الإسرائيليين يتفاوضون فيما بينهم ولكن ليس مع الفلسطينيين حول مستقبل الفلسطينيين. وقال: "يتخذون قرارات أحادية كما لو كان الكنيست هو الطرف الوحيد المتورط في هذا الصراع. ويرفضون التفاوض معنا أو مع اللجنة الرباعية أو أي وسيط موثوق به. يتفاوضون فيما بينهم حول مستقبلنا".

 

وفيما يتعلق بالأحداث على الأرض، قال دبس إن قرار الكنيست بعدم فرض تغييرات على وضع المجتمعات الفلسطينية يبعث أملا في إمكانية حدوث بعض التحسينات الطفيفة في الوضع المتدهور.

 

وأضاف: "قاموا مؤخرا بسحب خدمات بلدية القدس، لكنهم قرروا الآن إبقاءنا داخل البلدية". وأضاف: "هناك محادثات الآن تشير إلى أنهم سينشئون مكتب بريد ومكاتب وزارة الداخلية على حاجز شعفاط لتقديم الخدمات وسيمنعون الفلسطينيين من دخول القدس في الوقت نفسه قدر المستطاع".

 

في حين أن حدودية القدس البلدية تشكل خطا متعرجا بين منازل مخيم شعفاط للاجئين (جزء من الضفة الغربية) وحي شعفاط (جزء من إسرائيل)، وبين المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية والمناطق الواقعة تحت الحكم الفلسطيني، فإن الوضع في كفر عقاب إلى الشمال قضية إنسانية أكبر.

 

في تصريح لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تشرين الأول / أكتوبر، صرح منير الزغير، رئيس مجلس الحكم المحلي في كفر عقب في المناطق الخاضعة لسيطرة فلسطينية، إن نحو 64 ألف فلسطيني يعيش في مناطق مزدحمة وغير منظمة.

 

وبحسب الزغير، فإن البلدية الإسرائيلية رفضت منذ عام 2001 إصدار أي تصريح سكن، ما ترك حوالي 25 ألف فلسطيني يعيش في منازل غير مرخصة. وأصدرت إسرائيل أوامر في تشرين الأول / أكتوبر بهدم خمسة مبان شاهقة تضم 138 أسرة في كفر عقب.

 

عندما صدرت أوامر الهدم ووافقت عليها المحاكم الإسرائيلية، قال الزغير لـ "هآرتس": "تشمل المباني غير المرخصة والمستأجرة مكاتب تابعة لمختلف مكاتب الخدمات الصحية والاجتماعية الإسرائيلية".

 

أما الحكومة الفلسطينية فقالت في اجتماعها الأسبوعي إن الوضع المتدهور ناتج بوجه خاص عن عامل واحد وقالت في بيان عقب اجتماعها في الثالث من كانون الثاني / يناير إن "قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قد زاد المتطرفين الإسرائيليين رغبة في القضاء على عملية السلام".

 

في الوقت نفسه، لا يزال وضع نحو 150 ألف مقدسي فلسطيني في حالة تغير مستمر. غير أن الوقت قد حان لإيلاء اهتمام أكبر لحقوق الفلسطينيين السياسية والإنسانية في القدس الشرقية وفي البلدة القديمة وخارج جدرانها وعلى جانبي الجدار الأمني الذي فرضته إسرائيل.