هل يشعل رفع أسعار المحروقات "هبة شعبية" في الأردن؟

الرابط المختصر

أطلق ناشطون أردنيون عددا من الوسوم مثل (#يوجد_هنا_شعب، #قادمون، #هبة_تشرين)، ضمن الحراك السياسي، عبر منصات التواصل الاجتماعي، للتظاهر في ذكرى ما عرف بـ"هبة تشرين"، وهي مظاهرات نظمها أردنيون ضد رفع أسعار المحروقات في الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2012.

 



وتحت عنوان "استرداد الدولة سلطة ومصادر"، دعا الحراك الأردني الموحد (تحالف حراكات وشخصيات إصلاحية معارضة)، الأردنيين إلى "الخروج الفعلي على الطغمة الفاسدة المستبدة ومحاسبتها على كل الجرائم التي اقترفتها بحق الأردن والأردنيين والنزول إلى الميدان ورفع الصوت عالياً بكلمة لا"، بحسب بيان للحراك.



ويبرر الحراك في بيان له حصلت "عربي21" على نسخة منه الدعوة إلى "هبة شعبية"، بـ"نهب وسلب وإفراغ جيوب الأردنيين والتخبط الاقتصادي الذي أدى إلى تضخم الدينار وارتفاع المديونية، وكسر ظهر المواطن وأوصله إلى مرحلة الفاقة وأدى إلى ذوبان الطبقة الوسطى الوازنة للمجتمع والدولة.. فارتفعت نسبة الجرائم والقتل وتفكك الأسر وانهيار المجتمع نتيجة الفتن والفساد الشامل الذي سيطر على كل مفاصل الدولة".



عضو الحراك الأردني الموحد، وعضو حزب الشراكة والإنقاذ، هيثم العياصرة، تساءل في حديث لـ"عربي21": "هل تغير الوضع في الأردن عن ما حدث في هبة تشرين 2012؟"، وقال إن "الوضع مشابه جدا لتلك الأيام بل إن الضغوطات الاقتصادية والسياسية بازدياد على المواطنين الذين يشعرون بالظلم وعدم العدالة، من حق الشعب الخروج والتعبير عن رأيه حول تردي الأوضاع الاقتصادية".



وتوقع العياصرة أن "تكون هناك استجابة مع دعوة الحراك؛ بسبب حجم التعاطي مع الدعوات عبر شبكات التواصل"، لكنه يربط هذا التفاعل "بحجم ردة الفعل الأمنية وما ترافقه من حملة اعتقالات استباقية بحق ناشطين مرتبطين بتلك الدعوات".

 

أهمية قليلة

إلا أن وزيرا أسبق شغل منصب الناطق باسم الحكومة الأردنية وفضل عدم ذكر اسمه، قلل في حديث لـ"عربي21" من هذه الدعوات وحجم الاستجابة لها، معللا ذلك بأن "الظروف الموضوعية مختلفة عن ما كانت عليها في 2012، حيث كان الربيع العربي في قمته الى جانب أن ما يجري من تضخم ورفع للأسعار مرتبط بعوامل دولية تؤثر على كل العالم ومن بينها دول كبيرة اقتصاديا".



وترى الأمينة العامة لحزب العمال، الدكتورة رولا الحروب، أن "الأجواء المحلية محتقنة بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وزيادة الرسوم والضرائب، ما جعل حياة المواطن الاقتصادية في وضع صعب للغاية، لكن الظروف الإقليمية والدولية ليست عوامل مساعدة إطلاقا".

وأضافت: "ففي عام 2012 كان هناك ظرف عربي عام هبت منه رياح التغيير على العالم العربي الذي كانت شوارعه بحالة صحوة وكان الأمل يحدوهم بصناعة ديمقراطية حقيقية، لكن للأسف كانت مآلات تلك الحراكات إلى نزاعات دموية كرست الهيمنة والاستبداد، ما أحبط الشارع العربي والأردني".



وتابعت في حديث لـ"عربي21": "هذا يمنع الشارع الأردني من الحركة بسبب الخوف من أن تؤول المآلات إلى ما تحمد عقباه، لذا فأنا لا أتوقع وجود حركة في الشارع رغم أن الظروف الاقتصادية صعبة جدا والظروف المعيشية للناس أصبحت لا تطاق بالنسبة لمعظم فئات المجتمع، رغم أن القطاعات الإقتصادية التي كانت مزدهرة في 2012 اليوم هي في حالة بائسة، لكن حالة الخوف على أمن البلد واستقراره وعدم وجود أحزاب قوية فاعلة يثق بها الناس هي عناصر لا تشجع الشعب تجاه حركة فاعلة في الشارع".



أسعار المحروقات

وتأتي الدعوات لإحياء "هبة تشرين" في وقت رفعت فيه السلطات الأردنية أسعار مشتقات نفطية أساسية ومنها مادة الكاز التي يعتمد عليها الفقراء بشكل أساسي في التدفئة ليصل سعر التنكة إلى ما يقارب الـ20 دولار، ورفع مادة السولار للمرة السابعة على التوالي منذ بداية العام وتخفيض طفيف على مادة البنزين.



الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، قال لـ"عربي21"، إنه "سيكون هناك تأثير كبير لرفع سعر مادة السولار على رفع معدلات التضخم في الأردن، لحصته في النقل وتسعير معظم الخدمات والسلع".



وأضاف: "كما أن ذلك يقلص من القدرة التنافسية لصناعات أردنية يشكل السولار جزءا من تكاليف إنتاجها، عدا عن اعتماد عشرات الآلاف من الأسر الأردنية على السولار والكاز في التدفئة، ويشكل السعر الحالي هاجسا وتحديا أمام الأسر الفقيرة في القدرة على تدفئة منازلهم مع بداية فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة".



نحو الأسوأ 

وارتفع التضخم في الأردن، نهاية الربع الثالث من العام الحالي، بنسبة 4.02 بالمئة، ليبلغ 106.33 مقابل 102.22 لنفس الفترة من العام الماضي، بينما  سجل الدين العام في الأردن قفزة جديدة إذ ارتفع خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي ثلاثة بالمئة إلى 29.6 مليار دينار (41.75 مليار دولار) مقارنة مع 28.7 مليار دينار (40.48 مليار دولار) في نهاية 2021.



وفي العودة لعام 2012، فقد امتدت الهبة الشعبية إلى معظم محافظات المملكة عقب قرار حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور برفع الدعم عن المحروقات ورفع الأسعار للسلع الرئيسية بمعدلات غير مسبوقة، بسبب العجز في الميزانية والمديونية العالية.



من جانبها قالت الناشطة السياسية نهى الفاعوري، لـ"عربي21"، إن هبة تشرين حدثت في اليوم الذي صدر فيه قرار رفع الدعم عن السلع إبان حكومة عبد الله النسور 2012، ولدينا نفس الأسباب ونفس الدوافع الاقتصادية والسياسية إلا أن الوضع الاقتصادي ازداد سوءا من وقتها وذلك بسبب رفع الأسعار المتكرر منذ ذلك العام".



وأضافت أن "الطغيان والفساد وسوء الإدارة والاستعلاء، على اعتراضنا كأردنيين على ما يحدث من ارتفاع الأسعار والبطالة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها، مثال على القرارات المتخبطة وكيف تم رفع أسعار الكاز بالذات، ونحن على أبواب فصل الشتاء وهو المادة الوحيدة التي يعتمد عليها المواطن البسيط والفقير للتدفئة، والأردني اليوم وصل إلى أقصى حالاته من اليأس".



تفاؤل حكومي

ورغم تراجع المؤشرات الاقتصادية، فإنه يؤكد رئيس الحكومة الأردني بشر الخصاونة، أن لدى الأردن برامج إصلاحات هيكلية تستهدف معالجة نسبة الدين من الناتج المحلي.



وقال خلال افتتاح فعاليات القمة العربية لريادة الأعمال، الاثنين الماضي، إن لدى الأردن "برامج طموحة للغاية بشهادة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في إدارة هذا الدين وتخفيضه بحصافة".



وفي تعليقه على التعديل الخامس الذي أجراه على حكومته، شدد الخصاونة على أن "رؤية التّحديث الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة تتضمن مستهدفات واقعيّة قابلة للتّحقيق، وفي مقدّمتها الوصول إلى مليون فرصة عمل ونسبة نموّ اقتصادي تصل إلى (5.5%) خلال السَّنوات العشر المقبلة.