هل فشلت المبادرة الأردنية في إعادة اللاجئين السوريين؟
تنشر إسراء (سورية مقيمة في الأردن عمرها 15عاما) بشكل يومي مقاطع فيديو عبر تطبيق "توك توك"، تتحدث فيها عن مدى تعلقها بالبلد الذي استضافها في 2011 عندما هربت من أتون الحرب في سوريا.
خرجت إسراء عندما كان عمرها 4 سنوات هي وعائلتها من قرية خربة غزالة في محافظة درعا تجاه مدينة المفرق التي تضم أكبر مخيم للاجئين السوريين (الزعتري) حوالي (86 ألف لاجئ). وتقول في أحد مقاطعها أنها لا ترغب في العودة إلى مسقط رأسها بعد 12 عاما من حياة وذكريات جديدة.
إسراء ليست حالة فريدة، حيث يبين استطلاع للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن 97% من اللاجئين في الأردن لا ينوون العودة إلى سوريا، وأنّ غالبيتهم يخططون للبقاء في الوقت الحالي.
يأتي الاستطلاع في وقت يسعى فيه الأردن، من خلال مبادرته للحل السلمي في سوريا، لإعادة اللاجئين ضمن تفاهمات مع نظام الأسد تضمن سلامة اللاجئين، من بينها وقف التجنيد الإجباري في الجيش، وضمان عدم الملاحقات الأمنية.
مصدران رسميان كانا أكدا في حديث سابق لـ"عربي21" أن من ضمن بنود المبادرة الأردنية للحل السلمي في سوريا والتي قادت الأسد للجامعة العربية "ضمان عودة آمنة للاجئين، وإجراء مصالحة وطنية تتضمن الإفراج عن المعتقلين مقابل الانخراط في عملية سياسية ديمقراطية".
إلا أن الخبير الاستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية د. عامر السبايلة، يرى في حديث لـ"عربي21" أن "قضية اللاجئين معقدة أكثر مما يبدو"، ويقول: "لا يوجد مناطق آمنة أو تهيئة الظروف من قبل النظام في سوريا، كما أنه لا توجد التزامات ببرنامج واضح، ما يعني أن المشكلة شائكة، ولا يمكن إعادة اللاجئين دون قرار سياسي وتقديم ضمانات وهذا واضح أنه ما زال بعيدا".
يضيف: "ما زلنا نتحدث عن ماذا ستقدم سوريا في موضوع تهريب المخدرات، ولم يتم التطرق لملف اللاجئين وعودتهم ضمن الأولويات، ما يعني أن هذه الدول ستتعامل مع اللجوء لفترة أطول".
ووفقاً للإحصاءات الرسمية الأردنية، فإن عدد السوريين في الأردن يقدر بنحو 1.3 مليون شخص، بينهم 676 ألفاً يحملون صفة لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في المفوضية.
وبالرغم من أن الأردن ليس من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، إلا أن المملكة جددت في عام 2014 التوقيع على مذكرة التفاهم التي وقعتها مع المفوضية في عام 1998؛ بهدف تحديد آلية للتعامل مع الأمور المتعلقة باللاجئين والأشخاص المشمولين برعاية المفوضية.
الجانب الحقوقي والمبادرة الأردنية
حقوقيا، يبين رئيس جمعية جذور لحقوق المواطن فوزي السمهوري، أنه في "حالات النزاع المسلح والكوارث واستيعاب اللاجئين فإنه من يحكم الاتفاقية الدولية للاجئين والمعني بتطبيقها هو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالتنسيق مع الدولة المضيفة".
أما بخصوص الأردن فيقول: "المملكة استقبلت ملايين اللاجئين العرب، وهنا تقع مسؤولية على المفوضية السامية لشؤون اللاجئين؛ إما أن تعمل على إعادة اللاجئين إلى وطنهم عندما تزول أسباب اللجوء، أو أن تقوم بتوطينهم بدولة ثالثة، أو تقدم لهم المساعدات في بلد اللجوء".
ويرى أن "على المجتمع الدولي دعم الدولة المضيفة في كافة المجالات حتى تكون هنالك حياة كريمة للاجئين، لكن في حالة الأردن فإنه لم يفِ المجتمع الدولي بالتزاماته ما حمل الموازنة الأردنية أعباء كبيرة".
وتضمنت المذكرة عدم طرد أو رد أي لاجئ يطلب اللجوء إلى الأردن ضمن الأسس المرعية، وضرورة التزام اللاجئين بالقوانين والأنظمة والتدابير في المملكة، وعدم قيام اللاجئين بأي أنشطة تخل بالأمن أو تسبب مشاكل بين الأردن والدول الأخرى.
يتابع السمهوري: "في حال توفر الظروف الآمنة ضمن الاتفاق السياسي في المبادرة الأردنية للحل السلمي في سوريا فلا بد أن تتوفر شروط العودة الآمنة من عفو عام وعدم محاسبة اللاجئين، وهنا تنتفي صفة اللجوء وتطبق عليهم قوانين الإقامة، لكن إذا بقي الخوف على حياتهم فيجب على المفوضية تحمل مسؤوليتهم".
الأوضاع الاقتصادية
الصحفي السوري المقيم في الأردن أغيد أبو زايد، أحد المشاركين في مؤتمر بروكسل لدعم سوريا ودول الجوار المزمع عقده منتصف الشهر الحالي، يرى أن "عودة اللاجئين السوريين تحتاج إلى متطلبات وهي غير متاحة في الوقت الحالي، أبرزها توفير فرص عمل لكنها صعبة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي والعقوبات الغربية المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وغيرها، إضافة إلى إعادة الإعمار الذي يحتاج إلى مباركة دولية".
يقول لـ"عربي21": " اللاجئون في الأردن يعيشون بحالة شبه مستقرة حتى وإن كانت أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية ليست جيدة، ولكن باعتقادهم أنها أفضل من العودة إلى سوريا من دون توفر فرص عمل وخدمات أساسية كالكهرباء مثلا، ناهيك عن من ليس لديه مكان يؤويه في بلده".