هل تنقذ "حُزم الرزاز" الاقتصاد الأردني؟
ربعة محاور أطلقها رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، الأحد، ضمن ما أسماه "حزمة إجراءات تستهدف تنشيط الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستثمار"، في محاولة لإنقاذ الاقتصاد.
المحاور تضمنت "زيادة الأجور والرواتب، وتنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، والإصلاح الإداري والمالية العامة"، وقالت الحكومة إنها ستقوم بتحفيز سوق العقار والاستثمار من حيث الإنتاج والاستهلاك من خلال تخفيض الرسوم وربط التخفيضات بتشغيل الأردنيين، إلى جانب إزالة المعوقات التشريعية أمام المستثمرين، والنظر في جدوى وفعالية الهيئات المستقلة، إلى جانب تحسين المستوى المعيشي للمواطن والخدمات المقدمة له.
الإجراءات الحكومية تأتي، في وقت تعاني فيه قطاعات تجارية، وصناعية، وعقارية في الأردن، بسبب فرض الضرائب والرسوم مما تسبب بهروب استثمارات خارج البلاد، وخسر الأردن خلال السنوات الثلاث الأخيرة 1.800 مليار دولار في مجال الاستثمارات العقارية التي وجدت موطئ قدم لها في تركيا ودبي، حسب ما قاله رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري في تصريح سابق لـ"عربي21".
كما شهد قطاع الألبسة انسحاب نحو 35 علامة تجارية عالمية منذ عام 2016 كان يعمل لديها قرابة 700 موظف وموظفة، وذلك لتخفيض خسائرهم؛ لعدم وجود بيئة استثمارية محفزة لهم.
ويعاني الاقتصاد الأردني من تباطؤ بالنمو، الذي لم يتجاوز 2.2%، وتسببت القرارات الاقتصادية من رفع الدعم وفرض ضرائب ورسوم في تراجع القدرة الشرائية للمواطن الأردني، وارتفاع تكاليف الإنتاج على القطاعات المختلفة.
وحسب تقرير صادر عن البنك المركزي الأردني، تراجع صافي الاستثمار المباشر المتدفق إلى السوق الأردنية بنحو 7 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2019، وسجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر 177 مليون دينار (250 مليون دولار) في الربع الأول من العام الجاري.
محللون اقتصاديون شككوا في نجاعة حزمة الإجراءات الاقتصادية في إنعاش الاقتصاد الأردني، بسبب تجاهل الحكومة الحديث عن العبء الضريبي، وخصوصا ضريبة المبيعات التي تصل إلى 16% على السلع والخدمات.
الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت يقول لـ"عربي21"، إن "قطاعي الزراعة والصناعة من أهم القطاعات التي تحتاج إلى تحفيز، فلم يعد المنتج الأردني منافسا أمام المنتجات الأجنبية سواء كان محليا أو في الأسواق الخارجية، بسبب ما يضاف على المنتج المحلي من كلف وخصوصا ضريبة المبيعات التي أصبحت عائقا مباشرا أمام تحفيز الإقتصاد".
وحسب الكتوت، فإنه في حال "عدم تخفيض ضريبة المبيعات على مدخلات ومخرجات قطاعي الصناعة والزراعة، لن يكون هناك قيمة لعملية تحفيز الاقتصاد، وعدم تناول قضية ضريبة المبيعات تبقي هذه الإجراءات قاصرة".
أما بخصوص تحسين الوضع المعيشي للمواطن الأردني، فيرى الكتوت أن "الغالبية العظمى من الموظفين أصبحت رواتبهم لا تتناسب مع تكاليف المعيشة ولا تواكب ارتفاع الأسعار، ومن ثم هناك حاجة لإعادة هيكلة الرواتب، خصوصا أن هنالك رواتب كبيرة ترصد لعدد قليل من الموظفين في الهيئات المستقلة".
وشكك الكتوت بقدرة الحكومة على ضبط الهيئات المستقلة وخفض الإنفاق المرتفع فيها، بسبب ما وصفه "وجود مراكز قوى منتفعة من وجود هذه الهيئات التي تنفق عليها ملايين الدنانير".
وتشكل الإيرادات الضريبية ثلثي الموازنة الأردنية؛ القسم الأكبر يأتي من ضريبة المبيعات، التي تصفها المعارضة الأردنية بالضريبة غير العادلة التي يدفعها الفقير والغني على حد سواء.
بدوره أشاد رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، فتحي الجغبير بالحوافز الحكومية للقطاع الصناعي، وكشف في بيان صحفي عن منح الحكومة للقطاع الصناعي حوافز تتمثل بتخفيض تعرفة الكهرباء بواقع 10 فلسات لكل كيلو واط / ساعة للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة رديات على الصادرات بنسبة 3 بالمئة، بالإضافة لمنح أسعار تفضيلية لجميع القطاعات الإنتاجية، على الاستهلاك الإضافي للكهرباء مقارنة بالسنة السابقة، 75 فلسا عن كل (كيلو واط. ساعة) استهلاك إضافي.
في وقت أثارت الحوافز الحكومية استياء تجار الأردن، وتساءل رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق: لماذا تم استثناء القطاع التجاري من هذه الخطة؟ وأين القرارات التي ستحد من الركود؟
وقال توفيق في بيان صحفي: "أين تخفيض ضريبة المبيعات وإعادة النظر في العبء الضريبي؟ وأين تخفيض الرسوم الجمركية؟ وأين المستهلك وحمايته؟ وأين القرارات التي ستزيد من قوته الشرائية؟ أين تعديل القوانين والتشريعات خاصة قانون المالكين والمستأجرين الذي دمر القطاع التجاري".
المحلل الاقتصادي محمد البشير يقول لـ"عربي21" إن حكومة الرزاز التي جاءت على خلفية احتجاجات ضد قانون الضريبة، "لم تلتزم بمعالجة العبء الضريبي، وأدت هذه الضرائب إلى انكماش في الاقتصاد الأردني، ولم تحقق نسب النمو المستهدفة".
الحكومة الأردنية قالت على لسان الناطق باسمها جمانة غنيمات، إن "الحوافز التي أعلنت عنها الحكومة جاءت بعد حوارات مطولة مع مختلف الجهات المعنية من نواب ومؤسسات مجتمع مدني ومدراء مراكز دراسات وغيرها، تنفيذا للتوجيهات الملكية للحكومة لتحسين المستوى المعيشي للمواطن".
وانتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حزمة الإصلاحات التي طرحتها الحكومة: