هل تحقق حكومة جعفر حسان وعودها بعد حصولها على أدنى ثقة في تاريخ الحكومات؟
بعد أربعة أيام من مناقشات أعضاء مجلس النواب العشرين للبيان الوزاري لحكومة الدكتور جعفر حسان، حصلت الحكومة على ثقة المجلس بـ 82 صوتا، مقابل حجب 53 نائبا للثقة، وامتناع نائبين عن التصويت، في وقت يرى فيه خبراء في الشأن النيابي أن الحكومة لم تكن تسعى للحصول على الثقة عالية، بل اكتفت بثقة مريحة تمكنها من المضي في تنفيذ برنامجها الوزاري.
بالرغم من أن هذه النسبة تعتبر من الأدنى في تاريخ الحكومات السابقة، يترقب الشارع الأردني قدرة الحكومة على تطبيق برنامجها الوزاري، حيث تؤكد بأنها ستطرح برنامجا تنفيذيا للمرحلة القادمة، مشيرة إلى أنها "لن تعد بشيء لا يمكن الايفاء به".
وجاءت نتائج مركز راصد لمراقبة البرلمان، تظهر أن 60٪ من النواب منحوا الثقة للحكومة، بينما حجبها 38٪، وامتنع 1٪ عن التصويت.
وبين التقرير أن هذه النسبة جعلت حكومة جعفر حسان الأقل ثقة مقارنة بالحكومات الثلاث السابقة، حيث سجلت حكومات الخصاونة، والرزاز، والملقي نسبا أعلى، ووجود تفاوت كبير في سلوك التصويت بين الكتل البرلمانية والدوائر الانتخابية.
ومن أبرز من حجبوا الثقة عن حكومة حسان، كانت كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي المعارضة، بينما اختلفت مواقف الكتل الأخرى بين منح وحجب الثقة، ولم تكن منسجمة بالكامل في سلوكها التصويتي.
التصويت واستقرار الحكومة
يعتقد الكاتب المتخصص في الشؤون البرلمانية، جهاد المنسي، أن الحكومة لم تكن تسعى للحصول على ثقة كبيرة، بل اكتفت بثقة مريحة، موضحا أن هذه النسبة في التصويت لن تؤثر على استقرار الحكومة أو قدرتها على تنفيذ برنامجها، مشيرا إلى أنه في بعض الحالات، حصلت حكومات سابقة على فرق صوت واحد فقط بين فشلها في الحصول على الثقة واستمرارها في عملها، ومع ذلك تمكنت من الاستمرار.
ويرى المنسي أن الحديث عن نسب التصويت يتعلق بتركيب مجلس النواب وطبيعة الشكل الذي يرغب المجلس في إظهاره علنا، ففي نهاية المطاف، حصلت الحكومة على الثقة التي كانت تسعى إليها.
ويرى أنه يجب أن نأخذ في الاعتبار أن هناك عددا من نواب حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي يعد من الأحزاب المعارضة، بالإضافة إلى أن هناك تحركات حزبية داخل قبة البرلمان، موضحا أن بعض الأحزاب أعلنت مواقف واضحة بشأن منح أو حجب الثقة، مما ساهم في تحديد نتيجة التصويت.
ويضيف أن عدد النواب الحزبيين داخل مجلس النواب يبلغ 41 نائبا، بينما تضم بعض الكتل البرلمانية نوابا غير حزبيين، مما يجعل من الصعب على الأحزاب فرض رأي موحد على الجميع، ومن هنا يمكن تفسير التفاوت في التنسيق التصويتي بين بعض الكتل النيابية، حيث أن ما تبقى من النواب انضموا إلى الكتل لأغراض متنوعة.
عمل فريق راصد بمقارنة هذه النتائج التصويت على البيان الوزاري لحكومة حسان مع حكومات ثلاث سابقة، حيث تبين أن حكومة الدكتور جعفر حسان حصلت على أقل نسبة من الثقة مقارنة بالحكومات الثلاث الأخيرة. فقد حصلت حكومة الدكتور بشر الخصاونة على 68٪ من ثقة النواب، وحكومة الدكتور عمر الرزاز على 61٪، بينما حصلت حكومة الدكتور هاني الملقي على 65%.،
ويذكر أن طرح الثقة بالحكومة لم يحدث منذ حكومة سمير الرفاعي في عام 1963، عندما استقالت الحكومة وتم حل البرلمان.
الثقة مضمونة مسبقا
الكاتب والمحلل السياسي عمر كلاب عمر يقول أن نقاشات مجلس النواب للبيان الوزاري لم تخرج عن الإطار المألوف، حيث استمرت في التمسك بالسياقات النقاشية التقليدية التي تركز على المطالب الخدمية والشعبوية وذات المضامين الفضفاضة.
ويعتبر كلاب أن بيان الحكومة ساهم في توجيه النقاشات نحو هذا المسار، إذ ركز بشكل كبير على الجوانب الاقتصادية والخدمية، مع غياب واضح للتوجهات السياسية الإجرائية ، وبالتالي انساق المجلس ضمن نفس الإطار المعتاد بدلا من تقديم طرح جديد أو مغاير.
ويؤكد أن أي حكومة تتوجه إلى البرلمان تكون على ثقة مسبقة بأنها ستنال الثقة، مشيرا إلى أن غياب البناء الحزبي الفاعل يجعل الرهان على نقاشات المجلس محدودا، هذا الضعف في البنية السياسية والفكرية والإجرائية لمجلس النواب ينعكس سلبا على طبيعة النقاشات وعلى قدرة المجلس في التأثير على السياسات الحكومية.
وفقا للمادة 53 من الدستور، يجب على الحكومة الحصول على ثقة الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب، أي نصف عدد الأعضاء زائد واحد (70 نائبا).
كما ينص النظام الداخلي لمجلس النواب على أن النواب يعبرون عن تصويتهم بكلمات "ثقة، حجب، امتناع"، وتتم عملية التصويت على الثقة بالحكومة عن طريق المناداة على الأسماء وفقا للمادة 47/أ من النظام الداخلي، التي تنص على ضرورة أن يكون التصويت علنيا عند التصويت على الدستور أو الثقة بالحكومة أو أحد الوزراء.