مع تفاعل العديد من المتابعين والناشرين والصحفيين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال نشر صور الشهداء ومقاطع الفيديو التي توثق الهجمات والدمار والمجازر التي يتعرض لها سكان قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي، يشدد خبراء حقوق الإنسان على أهمية تحقيق التوازن بين حق المتابعين في معرفة الحقيقة واحترام الخصوصية.
ويدور الحوار بين مؤيد ومعارض حول انتشار صور الشهداء والمصابين على مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق بالجوانب القانونية والأخلاقية لهذا النشر.
يقول عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة، إن النشر في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع ضروري لإظهار للعالم مدى تأثير الهجمات الإسرائيلية على سكان غزة، ومع ذلك، يشدد على أهمية اختيار الصور التي تكون بعيدة عن العنف والدماء.
ويشدد القضاة على ضرورة التزام الناشرين والصحفيين بالقواعد القانونية والأخلاقية عند نشر صورة الشهداء، لضمان احترام خصوصيتهم وحقهم في الصورة، وفقا للأفكار القانونية ومبادئ حقوق الإنسان.
نظرا إلى النشاط الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الصحفيين والنشطاء، فإن وجود الأخطاء قد يحدث، ولكن هذه الصور تلعب دورا في تشكيل رأي عالمي مؤيد لأهالي غزة، وربما يمكن أن يؤدي انتشار هذه الصور إلى زيادة الضغط العالمي على الإسرائيليين لوقف المزيد من الهجمات والاعتداءات، وهذا يعزز رأيا عالميا مؤيدا لسكان غزة، بحسب القضاة.
ومن بين المعايير التي يجب الالتزام بها هو عدم إظهار وجوه المتوفين حفاظا على حرمتهم، و ينبغي لوسائل الإعلام أن تكون حذرة أكثر فيما يتعلق بنشر صور الأموات والنساء والأطفال وأولئك الذين يظهرون في حالات من الانكسار والضعف الإنساني، حيث يمكن أن يتسبب ذلك في انتهاك كرامة الإنسان.
وينبغي ايضا أن تلتزم وسائل الإعلام بمعايير الصدق والمهنية في التحقق من مصداقية المعلومات وصدقها، وأن يؤخذ في الاعتبار أن نشر تلك الصور يمكن أن يؤثر سلبا على أفراد الأسرة والأصدقاء للمتوفى، حتى إذا كان لديهم الموافقة على عرض تلك الصور.
الصورة تساوي ألف كلمة
من ناحية أخرى، وبفضل استخدام الاحتلال الإسرائيلي للتضليل الإعلامي بهدف تجنب تبعات جرائمه ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث يوجه اتهامات لحركة المقاومة حماس، انتشرت صور الشهداء ومقاطع الفيديو للقصف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما ساهم في حشد الرأي العام العالمي ودعوة للتظاهر في مختلف دول العالم احتجاجا على المجازر التي يرتكبها الاحتلال.
وتشير الباحثة والمحررة في منصة مسبار لتقصي الحقائق، بيان حمدان، إلى أن الرواية الإسرائيلية كانت تسعى إلى نشر الأكاذيب، ولكن مع توسع نطاق الإعلام والتكنولوجيا، أصبح من الصعب تمويه الحقائق، وقد ساهم هذا بتغيير آراء الجمهور العالمي، وخاصة في الغرب، لصالح دعم الشعب الفلسطيني واستنكار الاحتلال.
وتوضح حمدان أنه خلال تتبع الروايات التي نشرتها اسرائيل منذ بداية الحرب في قطاع غزة، يمكن رصد التداعيات والاخبار المضللة التي تؤثر على الرأي العام، وعلى الرغم من التحديات، يمكننا العمل على تصحيح الروايات المضللة، حتى وان كانت الجهود محدودة.
ولأول مرة منذ الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، برزت الرواية الفلسطينية وزاد عدد داعميها في دول الغرب بفضل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أتاح تعريف الناس بالأحداث في فلسطين، وفق حمدان.
ورصد موقع "مسبار" في تقاريره الأخيرة أمثلة على الأخبار المضللة بعد قصف مستشفى الأهلي المعمداني في غزة، حيث أنكرت إسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم وحملت الجماعات المقاومة الفلسطينية في القطاع مسؤوليتها.
وادعت وسائل الإعلام والحسابات الإسرائيلية أن الهجوم ناجم عن إطلاق صاروخ من حركة الجهاد الإسلامي وأنه انطلق عن طريق الخطأ واستهدف موقف سيارات تابع للمستشفى. كما زعمت أن هذا حدث بعد إطلاق صواريخ من مقبرة قريبة من الموقع، مما أسفر عن مقتل 471 شخصا في واقعة واحدة.
كما حذر أكاديميون متخصصون من انتشار المعلومات والأخبار والصور والفيديوهات المضللة التي تخدم مصالح إسرائيل على حساب الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني. ودعوا إلى توخي الحذر من ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من ادعاءات كاذبة وتزييف للحقائق حول عدوان إسرائيل على أبناء الشعب الفلسطيني عمومًا، وبالأخص في غزة.