"مياه الاحتلال" تبرير رسمي ورفض شعبي
وقعت الحكومة الأردنية في أقل من شهر إعلان نوايا ثانٍ مع الاحتلال الإسرائيلي الخميس الماضي على هامش قمة المناخ المنعقدة في شرم الشيخ؛ لإعادة تأهيل نهر الأردن الذي "انخفض منسوب جريانه إلى 7 بالمئة، وما ترتب عليه من انخفاض منسوب البحر الميت 3 أقدام سنويا" حسب الإعلان.
وسبق ذلك الإعلان، توقيع مذكرة تفاهم مذكرة تفاهم لتبادل "الماء مقابل الكهرباء" مع إسرائيل برعاية أمريكية وتمويل إمارتي تنص على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الصحراء الاردنية لصالح إسرائيل 600 ميغاواط سنويا التي في المقابل ستعمل على تحلية المياه لصالح الأردن بمقدار 200 مليون متر مكعب سنويا.
ويتقاسم الأردن وإسرائيل في مياه بحيرة طبريا ونهري اليرموك والأردن، إضافة إلى آبار جوفية. ووفقاً للملحق 2 الذي يفصّل المادة 6 من نص المعاهدة، تحصل إسرائيل على 12 مليون متر مكعّب من مياه نهر اليرموك في فترة الصيف، و13 مليون متر مكعب في فترة الشتاء، فيما يحصل الأردن على "باقي التدفق".
بدائل اخرى
الخبير البيئي البروفيسور سفيان التل يستغرب توقع مذكرات تفاهم وإعلان نوايا مع الاحتلال الذي يقوم بـ"سرقة حقوق الأردن المائية ويضخ آلاف الأمتار المكعبة من مياه نهر اليرموك المغذي لنهر الأردن عبر ما يسمى بـ(الناقل الوطني الإسرائيلي) الذي تسبب باحتضار نهر الأردن والبحر الميت".
يقول لـ"عربي21"، "يستحيل أن يكون الإحتلال شريكا للأردن في تأهيل البحر الميت، الاحتلال حرم شطري نهر الأردن من المياه التي كانت تدخل بحيرة طبريا وتخرج منها، وانعكس ذلك على أكبر إرث تراثي للبشرية وهو البحر الميت الذي تسبب الاحتلال وانخفاض منسوبه بسبب تحول مجرى مياه نهر الأردن، فكيف يمكن التحدث عن قضايا بيئية دون الاشارة للمسؤول عن الاساءة لهذا الإرث".
أما بخصوص الماء مقابل الكهرباء يرى التل "الأردن لديه الكثير من البدائل المائية، وليس بحاجة إلى قطرة ماء من الخارج، لدينا مياه الأمطار وحسب إحصائيات وزارة المياه يهبط على الأردن 8 مليار متر مكعب سنويا فلو استطعنا حجزها بمصائد مائية لوصلت حصلت المواطن الاردني 800 متر مكعب في العام وهو يزيد عن المعدل العالمي، أما بخصوص الآبار الجوفية لدينا 15 حوض مائي معظمها متجددة باستثناء الديسي، البديل الثالث لدينا نفاق قديمة طويلة بعضها يأتي بالمياه من جبل الشيخ والجولان وهذه الأنفاق مهملة رغم حديثنا المستمر عنها، ناهيك عن نهر اليرموك والأردن وسيل الزرقاء".
ويعتقد التل أن "الاتفاق مع الاحتلال بملف المياه سياسي، تطبيعي ولا علاقة له بحاجة الأردن للمياه.
وزارة المياه: نواجه عجزا سنويا 500 مليون متر مكعب
بدورها تبرر الحكومة الأردنية توقيعها على إعلان النوايا مع الاحتلال بتأثير التغير المناخي على كميات هطول الأمطار، وبسبب تزايد أعداد السكان وارتفاع الطلب على المياه.
يقول الناطق بإسم وزارة المياه الأردنية عمر سلامة، إن "التوقيع على مذكرة التفاهم ينبع من حاجات الأردن المستقبليَّة المتزايدة لمصادر دائمة للمياه وتزايد الحاجة لتامينها للصناعة والزراعة وغيرها من القطاعات، خصوصا في ظل تزايد التحديات المائية التي يواجهها والتغيرات المناخية الأردن يواجه عجز مائي سنوي يزيد على ٥٠٠ مليون متر مكعب سنويا".
ويتابع في رد على استفسارات "عربي 21"، "الأردن تحمل أعباء اللجوء والزيادة غير الطبيعية للسكان نتيجة موجات اللجوء التي خلفتها الصراعات في المنطقة، ما تسبب بضغط على الموارد المائية، فالعجز المائي يتفاقم عاماً بعد آخر؛ نتيجة تراجع الهطولات المطرية وتراجع مستوى سطح المياه الجوفية التي تعد مصدرا رئيسيا لتأمين احتياجات الشرب حيث من المتوقع زيادة العجز المائي للشرب خلال صيف العام المقبل إلى أكثر من ٦٠ مليون متر مكعب فقط".
وحول كميات المياه التي يحصل عليها الأردن ، كشف سلامة أنَّه يحصل على 25 مليون متر مكعب سنوياً وفقاً لمعاهدة السلام،
يقول"يضاف إلى ذلك 10 مليون متر مكعب إضافية خارج المعاهدة ويخزن كميات اضافية وفق المعاهدة من مياه اليرموك في طبريا شتاء في السنوات الوفيرة مطريا بنحو 20 مليون متر مكعب ويعتمد في باقي المصادِر على تجميع المياه من الامطار والمياه الجوفية؛ حيث تبلغ حصَّة الفرد من المياه فيه 80 متراً مكعباً سنويا مقابل 1000 متر مكعب الحصة في دول الجوار والعالم وتقل عن خط الفقر العالمي البالغ 500 متر مكعب سنويا اي بأقل 88% عن الحصة العالمية".
مضيفا "يعول الأردن على مشروعه الاستراتيجي الهام ( الناقل الوطني ) لتحلية مياه البحر في جنوب البلاد ونقلها لمسافة 400 كم إلى المناطق الحضرية في المدن لتأمين جزء من احتياجاته بطاقة 300 مليون متر مكعب سنويا".
رفض شعبي
شعبيا تظاهر آلاف الأردنيين، الجمعة الماضية وسط العاصمة عمّان، احتجاجاً على توقيع حكومة بلادهم على مذكرة تفاهم لتبادل "الماء مقابل الكهرباء" مع إسرائيل. سبقها بيوم واحد اعتصام أمام وزارة المياه لشخصيات حزبية ومستقلة رفضا لمذكرة التفاهم.
يرى المحتجون أن حكومتهم "تجبر المواطن الأردني على التطبيع الإلزامي من خلال قطاعات حيوية مثل الغاز والماء والكهرباء"، يرى منسق تجمع اتحرّك لمجابهة التطبيع محمد العبسي أن ما تم التوقيع عليها الخميس من إعلان نوايا "لإعادة تأهيل نهر الأردن والبحر الميت" لا ينفك عن مذكرة التفاهم التي وقعها الأردن مع الاحتلال "الماء مقابل الكهرباء".
يقول لـ"عربي21"، "هذه التواقيع والاتفاقيات في ملف المياه والطاقة على أولويات أجندات الإرهابي نتنياهو اليمين المتطرف كي يصبح الكيان قوة إقليمية لتصدير الغاز للعالم من خلال الأردن، وفرض السيطرة الكاملة على ملف المياه في الأردن أذا أن 20% من مياهنا ستصبح بيد وتحكم الاحتلال".
يتابع "اعلان النوايا الجديد، نسأل من هو المتسبب بتجفيف مياه نهر الأردن؟ هو الكيان الصهيوني المسؤول المباشر عن ذلك، لا علاقة للتغير المناخي بذلك، ويعود هذا الوضع الذي وصل له البحر الميت بسبب التنازلات الكارثية التي تسبب بها المفاوض الأردني بما يتعلق ملاحق المياه في وادي عربة، لذا الاتفاقيات هذه لا تلبي إلا المصلحة الاحتلال فقط".
يستغرب العبسي "كيف يبرم الأردن هذه الاتفاقيات مع نتنياهو الذي هدد مرارا بتعطيش الأردن وابتز الأردن بملف المياه، ولم تتعض الحكومة الأردنية بل وضعت هذه الأمور الاستراتيجية بيد نتنياهو وتقديم تسهيلات له للتحكم بالأردن، ولم تلتفت الحكومة للإرادة الشعبية الرافضة لهذه الاتفاقيات والتطبيع خصوصا في ظل وضوح الأطماع الصهيونية، كان الأصل أن تمضي الحكومة بإنجاز مشاريع سيادية تنهي ملف شح المياه".
ويخشى المعارضون "للماء مقابل الكهرباء" من نوايا نتنياهو تجاه الأردن، بعد محطات توتر حافلة لحكومته السابقة مع الأردن، التي هددت هددت حكومته مرارا بـ"تعطيش الاردن" في عام 2019، إلى جانب محطات من التوتر خاضها نتنياهو مع المملكة مست الوصاية الهاشمية على المقدسات.