ماذا يريد بن سلمان من الأردن..وماذا يريد الأردنيون بالمقابل؟

الرابط المختصر

وصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مساء الثلاثاء، إلى العاصمة الأردنية عمان قادما من القاهرة في جولة تشمل مصر، والأردن، ومن ثم تركيا؛ "لتنسيق الجهود في مواجهة إيران، وبحث قضايا اقتصادية".



والزيارة تكتسب أهمية كونها تأتي بعد توترات شهدتها العلاقة بين الطرفين على خلفية ملفات، من أبرزها الموقف من الوصاية الهاشمية على المقدسات، و ما عرف بقضية الفتنة التي اشارت تقارير اعلامية لعلاقة بين المتهمين ودول خليجية، وعلى رأسهم رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله الذي عمل مستشارا لابن سلمان.



ورأى المحلل السياسي المختص بالشأن الخليجي، د.حسن البراري، أن زيارة ولي العهد السعودي للأردن هي "تنسيقية قبل زيارة بايدن".

 

وقال البراري لـ"عربي21" إن "بايدن يريد أن يدشن تحالف سُني ضد إيران ودمج اسرائيل في هذا التحالف أن يتحول الاحتلال الى عنصر استقرار في المنطقة بدلا من أن تكون عنصرا مزعزعا".



ما مصلحة الأردن؟

ورأى البراري: "هنالك مصلحة تكتيكية للأردن في لجم إيران، لكن الثمن الإستراتيجي ليس لصالح الأردن، اذ سيكون هنالك دمج لإسرائيل في ظل غياب حل الدولتين وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني وهذا يضعف موقف الأردن المنادي بحل الدولتين وستكون الأردن بلا أوراق بعد إعطاء شرعية لإسرائيل وهذا اختراق مجاني للاحتلال يشجعه على مزيد من التهويد للأراضي الفلسطينية".



ويحاول الأردن الذي يعتمد اقتصاده على المنح والمساعدات الخارجية البحث عن مخرج اقتصادي بعد ارتفاع كلف الطاقة وتضخم كبير ضرب الأسعار، وتطمح المملكة في الحصول على تمويل لخطة التحديث الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة برعاية ملكية بكلفة تصل الى 4 مليار دولار سنويا على مدار عشر سنوات.



وكانت آخر منحة سعودية حصل الأردن في 2018، حولت الشريحة الرابعة منها في نيسان/ أبريل الماضي وقيمتها 50 مليون دولار لدعم الموازنة، والتي تأتي كجزء من المنحة التي قدمتها السعودية للأردن لدعم الموازنة العامة بقيمة 250 مليون دولار على مدى 5 سنوات ضمن إطار مخرجات قمة مكة . 

تحريك للاستثمار السعودي

وبيّن رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، د.خالد شنيكات، أن على أجندة زيارة ولي العهد السعودي للأردن ملفات عديدة أبرزها: ملفات المنطقة، والعلاقات الثنائية، وملفات المنطقة ما يشغل السعودية وتتضمن الملف النووي الإيراني و تدخلات طهران في المنطقة، وحرب اليمن وتطوراتها، والوضع في لبنان وسوريا وهي أمور تهم الأمن الإقليمي العربي والأمن السعودي بشكل خاص، والدور الأمريكي المطلوب".



أما "العلاقات الثنائية، فلدى السعودية جالية أردنية كبيرة وهناك حجم تبادل تجاري لا بأس به، أما الزيارة فستكون لتعميق العلاقات الثنائية، والتي قد تفتح الباب للتعاون الاقتصادي بشكل أكبر وتحريك الاستثمار السعودي في المنطقة وربما منحة عاجلة للحكومة الاردنية لمواجهة تداعيات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الأردن وقد يؤثر ذلك على الأمن الاجتماعي والاقتصادي في الأردن". حسب شنيكات.



وقال: "تدرك السعودية أهمية الأردن واستقراره في ظل حالة عدم الاستقرار في عدد من الدول العربية، وكونه يشكل حاجز هام جدا لحدودها الغربية من جهة إسرائيل وسوريا، لذا من الضروري المحافظة على أمن الأردن خصوصا في ظل المناوشات الأخيرة بين المليشيات المتطرفة وتجار المخدرات من جهة والجيش العربي من جهة أخرى".



وتوقع شنيكات أن تشهد العلاقة بين الأردن والسعودية استثمارات في مجال الطاقة وبناء سكك حديدية من العقبة إلى منطقة الماضونة ومن العقبة إلى مدينة نيوم السعودية التي تأتي ضمن الرؤية الاقتصادية التي يتبناها ولي العهد السعودي، خاصة وأن السعودية ساهمت سابقا في تمويل البنية التحتية كشبكات الطرق.

قمة بايدن في جدة



وتسبق زيارة بن سلمان "قمة جدة" المتوقعة في تموز/يوليو المقبل والتي دعا إليها الملك سلمان وتضم قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي برعاية أمريكية وحضور مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.



وعلى طاولة بادين في القمة المرتقبة ملفات عديدة أبرزها: الهدنة في اليمن وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني،إضافة إلى أمن الطاقة العالمي خصوصا بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، الى جانب الملف الإيراني الذي كان عنوان توتر العلاقة بين إدارة بادين والسعودية والإمارات مؤخرا.



ورأى نائب رئيس المجلس الأميركي للسياسة الخارجية، إيلان بيرمان، أن "هناك أمل في أن تؤدي زيارة  الرئيس بايدن للشرق الأوسط إلى سياسة أمريكية أكثر قوة تجاه إيران ، وتنسيق أوثق بين واشنطن والعواصم الإقليمية بشأن "ملف" إيران ومن المرجح أن تكون النقاط المحورية للدبلوماسية الأمريكية مختلفة إلى حد ما".



وقال بيرمان لـ"عربي21": "أولاً وقبل كل شيء، تشعر الإدارة الأمريكية بالقلق من الآثار الجانبية لحرب أوكرانيا ، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية، تدخل الولايات المتحدة الانتخابات النصفية هذا الخريف، والرئيس بايدن حريص على رؤية انخفاض في أسعار البنزين الأمريكية - التي ارتفعت بشكل حاد - بسبب العواقب السياسية المحتملة في الداخل.

 

وتابع: "من المرجح أن يستحوذ هذا على قدر كبير من اهتمامه ودبلوماسيته تجاه المملكة العربية السعودية؛ بسبب قدرة المملكة على إنتاج المزيد من النفط وتحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية ،على الأقل إلى حد ما".



وحسب بيرمان "تسعى إدارة بادين الى أن تكون على تواصل أكثير في المنطقة بعد سنوات من تجاهل قضايا اقتصادية ودبلوماسية، "تستيقظ إدارة بايدن الآن على ديناميكيات "اتفاقيات أبراهام" تحت حكم بايدن ، تجاهلت الولايات المتحدة إلى حد كبير الاتجاهات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية على مدار العام ونصف العام الماضيين. إنها تسعى جاهدة الآن للحاق بالركب، وأتوقع إيلاء الكثير من الاهتمام لطمأنة الشركاء الإقليميين بأن الولايات المتحدة تدعم الاتصال الجديد الآن في المنطقة". على حد قوله.



مشاريع عابرة للحدود لدمج إسرائيل



ويتفق شنيكات مع القول إن الزيارة تهدف ايضا للتنسيق قبيل قمة جدة، حيث قال: "سيتم تنسيق المواقف بين الأردن، والسعودية، ومصر وتركيا بملفات إيران، والحرب في اليمن، وربما حتى في الموقف تجاه إسرائيل، وحتى سيكون مطالب لدول المنطقة من الولايات المتحدة الأمريكية تتمثل في التزام أكبر بأمن المنطقة، كما يجب الإشارة الى أن الأردن كان له دور في تسهيل زيارة الرئيس بايدن إلى السعودية، وتدرك الرياض الدور الدبلوماسي الذي تمارسه الأردن خصوصا في القضية الفلسطينية وتوضيح وجهة النظر العربية للولايات المتحدة، وتتشارك السعودية والأردن في رؤية مشتركة تجاه العديد من ملفات المنطقة".



واعتبر أن "زيارة بايدن للسعودية تغير في أولويات الإدارة الأمريكية خصوصا بعد الحرب الروسية الأوكرانية التي خلطت الأولويات وعاد النفط يتمتع بأهمية خاصة في ظل أن دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا تسعى لتقليل الاعتماد الاستراتيجي على النفط الروسي وبالتالي يصبح النفط الخليجي هو البديل".



وحسب شنيكات : "سيطرح الأمريكيون تعميق التعاون للمشاريع التي ولدتها الاتفاقيات الابراهيمية، إذ تضغط إسرائيل على الولايات المتحدة لتعميق التعاون في مجال الطاقة من خلال مشاريع عابرة للحدود لدمج إسرائيل في المنطقة على اعتبار أن الرؤية الأمريكية ترى أنه يمكن الحفاظ على أمن إسرائيل من خلال دمج إسرائيل في المنطقة"