لماذا لم يشارك الأردن في "اجتماع النقب"؟
أعلن الأردن، وبشكل غير رسمي، عبر تسريبات إعلامية، أنه لن يشارك في اجتماع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، مع وزراء خارجية إسرائيل والمغرب ومصر والبحرين والإمارات في صحراء النقب يومي الأحد والاثنين.
ونقل موقع "مدار الساعة" الأردني، الأحد، عن مصدر (لم تسمه) قوله إن "نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، لن يشارك في الاجتماع، إذ يتواجد الوزير الصفدي حاليا في العاصمة القطرية، حيث يشارك في منتدى الدوحة".
محللون سياسيون، يعتقدون أن غياب الأردن عن الاجتماع جاء مقصودا، خصوصا أنه ضم ما يعرف بـ"دول الاتفاقيات الإبراهيمية"، وهي المغرب، والإمارات، والبحرين، ويقول محللون إن "الأردن لا يريد الانخراط في هذا الحلف، أو إعطاء شرعية لهذا الاتفاقيات الإبراهيمية التي تعتبر من مخرجات صفقة القرن".
ويعتقد محللون، في حديث لـ"عربي21"، أن الاجتماع يهدف لتشكيل حلف عربي-إسرائيلي، لمواجهة إيران في المنطقة، خصوصا بعد قصف الحوثيين لمنشآت حيوية في السعودية والإمارات بطائرات مسيرة إيرانية.
الاتفاق النووي- الإيراني على الطاولة
الدبلوماسي الأمريكي السابق، مفيد الديك، يقول لـ"عربي21"، إن "إيران ستكون الملف الأبرز في اجتماع النقب، خاصة أن الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني قادم.
ورأى أن الاجتماع يحمل رسالة للولايات المتحدة، مفادها أن هنالك تحالفا جديدا في المنطقة مكونا من أطراف عربية إلى جانب إسرائيل ترفض هذا الاتفاق.
وأشار إلى أن إسرائيل تحاول من خلال الاجتماع، إظهار المنطقة على أنها تمر بمرحلة جديدة تقوم بها تحالفات عربية إسرائيلية دون وساطة أمريكية، إنما أمريكا هي مدعوة هذه المرة وليس وسيطا".
أما بخصوص عدم مشاركة الأردن، أعرب الدبلوماسي السابق عن اعتقاده بأن "الأردن لديه قلق من أن هذا الاجتماع يأتي في إطار ما حاول ترامب تسويقه في المنطقة هو صفقة القرن التي رفضتها الأردن والسلطة الفلسطينية، ما أدى إلى إفشالها، فعمدت إدارة ترامب إلى تنفيذ الجزء الثاني، وهو توقيع اتفاقيات سلام مع دول عربية مثل المغرب الإمارات والسودان والبحرين".
أما السبب الثاني برأيه لعدم مشاركة الأردن "هو عدم قلق الأردن من الاتفاق النووي الإيراني- الأمريكي، حيث تشعر المملكة أن لا مصلحة قومية بحضور هذا الاجتماع، الموضوع الإيراني ليس مهما للأردن".
الإسلاميون يستهجنون
بدوره، استنكر حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني مشاركة وزراء الخارجية لكل من دولة مصر والإمارات والبحرين والمغرب في اللقاء الذي يستضيفه الاحتلال، الاثنين، بحضور وزيري خارجية حكومة الاحتلال والولايات المتحدة.
وحسب بيان صحفي صدر مساء الأحد عن الحزب ووصل لـ"عربي21" نسخة منه، "يرى الحزب أن ما تقوم به الأنظمة الرسمية التي تواصل نهج الهرولة للتطبيع مع الاحتلال قد تجاوز مرحلة التطبيع، لتصل إلى مستوى التحالف مع العدو الصهيوني، والتنسيق معه في التعاطي مع قضايا المنطقة، رغم استمرار العدو الصهيوني في اعتداءاته بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات والوصاية الأردنية عليها، وبما يشكل ضوءا أخضر للاحتلال لمواصلة جرائمه".
وطالب الحزب الحكومة الأردنية بموقف رسمي "واضح" من عدم المشاركة.
"كان على الأردن المشاركة"
المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية، عامر السبايلة، اعتبر أنه "كان على الأردن المشاركة في الاجتماع من باب الواقعية السياسية، حيث إن الأردن حضر اجتماعات مماثلة مثل لقاء شرم الشيخ، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي والمصري، كما كان على الأردن الحضور كي لا تظهر القضية أنها اجتماع لأطراف الاتفاقية الإبراهيمية، خصوصا في ظل مشاركة المغرب التي تريد لعب دور في القدس، فمن المتوقع أن يكون هنالك حديث عن مستقبل القدس في الاجتماع".
وتابع: "الأردن يعتبر أن مصر والإمارات يعبران عن مصالحه في الاجتماع، مع ذلك فحضور الأردن كان ضروريا في ظل مشاركة الولايات المتحدة، التي تخشى التصعيد في الضفة الغربية، والقدس تحديدا، في شهر رمضان.
ورأى أن أمريكا تريد في هذا الاجتماع أن تبحث مع الحلفاء موقفهم من القضية الأوكرانية وعملية السلام.. والموقف من هجمات الحوثيين الصاروخية على السعودية والإمارات… لذا فالأردن كان عليه من باب الواقعية السياسية أن يشارك".
وحسب وسائل إعلام أمريكية، سيبحث وزير الخارجية الأمريكي في اجتماع النقب، الاتفاق النووي الإيراني-الأمريكي، الذي بات في المراحل الأخيرة من المفاوضات غير المباشرة الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي نص على رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل الحدّ بشكل كبير من برنامجها النووي وتوفير ضمانات بأنها لا تسعى لتطوير سلاح نووي.
الكاتبة الصحفية لميس أندوني، قالت لـ"عربي21"، إن "الأردن يخشى من المشاركة في هذا الاجتماع؛ لعدم ثقته في أهداف اللقاء الذي يجمع البحرين والإمارات الأكثر تطبيعا، فالسؤال ما هو مطلوب من الأردن؟ هناك خطوات تطبيعية الأردن غير مستعد لها".
وأضافت: "الأردن لا يستطيع الانخراط في هذا الحلف وما يتبعه من استحقاقات من التحالفات الإبراهيمية، رغم أنه كان قريبا منها، لكنه لم يدخل فيها رسميا، أمريكا تحاول توريطه في تلك الاتفاقيات".
وكانت صحيفة "تايم أوف إسرائيل" ذكرت في مقال للكاتب دافيد هوروفيتس أن الجهود لإضافة وزير خارجية الأردن إلى القائمة لم تؤت ثمارها.
ولفتت إلى أن الاجتماع يتزامن مع زيارة مقررة لملك الأردن عبد الله إلى رام الله، تهدف إلى المساعدة في إيجاد طرق لتخفيف التوترات الإسرائيلية- الفلسطينية في الفترة التي تسبق شهر رمضان، الذي يتسم بأجواء مشحونة.