قل لها شيئا.. عن الأمل

 

قل لها شيئا عن الحيرة الفاصلة بين الوقت والجغرافيا، قل لها شيئا عن تفاصيل الحياد بين المدن حين تسقط شهية في يد القاتل، وحين تستعد للزفاف القسري لسيد جديد. 

قل لها شيئا عن بوابات المدن العالية، تحدث بلطف معها عن مساءات العواصم حين تجثو لتبارك سقوطها. قل شيئا عن العواصم حين تبيع خلاخيلها فقرا وسخطا وسقوطا في فخ العواطف البذيئة، ترنم باغنية كالحة عن الحب بين عاشقين سقطا في الطريق الى العاصمة. 

قل شيئا عن الحرب في زمن الخوف والرعب والتيه، قل شيئا عن الموتى الذين ينامون بدون تراب، عن المدافن حين تعج بالزوار، وعن القتلة الذين يتسلون بالرصاص في لحم الغير. قل شيئا عن مديح المدن حين يعتلي أيامها مقاتلون من اجل السقوط، قل شيئا عن تفاصيل الحدائق التي اصبحت مأوى للجيوش والدبابات والنيران الصديقة. 

قل لها كل شيء، لا تخبيء في جوفك قناديلك الذابلة، تحدث عن مواقيت الحياة في مواجهة عناقيد الموت الرديء، قل لها مثلا"كيف كنت تنتظر صباحها على مفرق الطريق بعيدا عن حارتك قبل ان يغتالك متطوع يقتل باسم الرب وباسم السلطان". 

قل قليلا من الشعر لها، كيف خبَّأت في جيبك رسالتها الأولى، وأشهدت صديقا لك على أول مواعيدك معها. لا تترك في موعدك الأخير شيئا من التفاصيل ولا تضعه في حجرها، تحدث عن لون شعرها، عن فستانها، عن لون حذائها، عن رجليها اللتان تهمسان في الطريق اليك، عن عينيها حين تذبحان فيك الشوق، عن جنون العلاقة التي تربط بين قلبيكما، عن مستقبل مقبل في عاصمة تنتظر السقوط والموت. 

لا تخفي عنها تفاصيل الجري حافيا في الحارات، عن الشجرة في اخر الشارع كيف كانت ملعبا لك قبل ان تتحول الى مكان تنتظر مرور هوائها فيها. 

قل قليلا عن الأمل فوحدك من يتقن الحديث عن هذه الفضيلة، ولماذا لم ينتصر عليك متطوع لا يعرف باسم من يقاتل ..باسم الله أم باسم السلطان ؟؟!!. 

ودع حبيبتك الحياة بشيء من النبل والإعتراف الرحيم، إذهب بعيدا في التذكار، قل لها كيف بكيت ساعة شممتها، وساعة ودعتها ، وساعة الحلم بلقاء صنعته الصدفة على غير موعد.. ودع حبيبتك فهذا الذي يقتل باسم الرب والسلطان يعرف تماما أن موتك حياة له، هو يؤمن بان الحرب في سبيل الهين مختلفين لن تفضي للفردوس.

ودع حبيبتك بشيء من التيه على اليوم، قل كل شيء ولا تنسى ابدا أنك وحدك من سيخرج باذخ الخطى لعالم ينفتح على الأمل.. قل لها شيئا عن كل شيء.. ولا تنسى أبدا.. إن لك الحياة إن أردتها...

أضف تعليقك