جهود مستمرة للضغط على المانحين من أجل استئناف دعمهم " للأونروا"
بعد ارتفاع عدد الدول المانحة إلى 15 دولة، جمدت تمويلها لوكالة الغوث لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا" من بينهم 6 دول تعد من كبار الدول المانحة، تستمر الجهود في مواجهة هذا التصعيد، بهدف الضغط على المانحين لاستئناف دعمهم لما له من تبعات خطيرة على الوضع الإنساني لسكان قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي.
في ظل تصاعد هذه الأزمة يستضيف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء اجتماعا لكبار مانحي وكالة أونروا في نيويورك، لإقناع المانحين بمواصلة دعم الوكالة الدولية.
ولضرورة استمرار الدعم الدولي لـ "الأونروا"، يشدد الملك عبدالله الثاني خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة ، أمس ضرورة مواصلة المجتمع الدولي دعم (الأونروا)، للاستمرار في تقديم خدماتها الإنسانية الحيوية وفق تكليفها الأممي.
كما انتقدت مقررة أممية بارزة تعليق عدة دول تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وقالت إنه انتهاك لقرار محكمة العدل الدولية، ويمكن أن يشكل انتهاكا للاتفاقية الدولية بشأن الإبادة الجماعية.
وتشير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أن محكمة العدل الدولية طلبت "السماح بمساعدات إنسانية فعّالة" لسكان قطاع غزة، وبالتالي فقرار تلك الدول بمثابة "عصيان علني لقرار محكمة العدل الدولية".
"الأونروا" في خطر
نتيجة لهذا القرار، يترتب على وكالة "الأونروا" عدم تلقي تمويل يغطي 46% من ميزانيتها، سواء للخدمات الأساسية مثل المدارس والمرافق الطبية، أو للخدمات الطارئة مثل الاستجابة لحالات الطوارئ في غزة وسوريا، مما قد يعرض الوكالة لخطر توقف عملياتها في غضون أسابيع، وفقا لتصريح المتحدثة باسم "الأونروا" في الأردن، تمارا الرفاعي.
وحول الدول التي قامت بإيقاف التمويل لوكالة الأونروا يقول خبير القانون الدولي المحامي جوناثان كتاب، إن وقف الدعم عن "الأونروا" هو مخالف لقرار محكمة العدل الدولية، وعليها محاسبة الدول التي قطعت التمويل عن الأونروا كونها أصبحت شريكة في حرب الإبادة.
فيما يتعلق بالعلاقة بين إسرائيل و"الأونروا"، يصف كتاب هذه العلاقة بالغريبة منذ تأسيس الوكالة، إذ ترى إسرائيل وجود الأونروا بوصفها وسيلة لتخفيف المسؤوليات الملقاة على عاتقها كدولة محتلة وفقا للقانون الدولي، وجاءت الأونروا لتوفير المساعدة الإنسانية والرعاية الصحية والتعليم للاجئين الذين يعيشون تحت الاحتلال.
ومن ناحية أخرى، تعارض إسرائيل وجود الأونروا، خاصة من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف وحلفائها في الولايات المتحدة، باعتبار أن الهدف الأساسي لتأسيس الأونروا كان علاج الوضع الإنساني للنازحين حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، وتعترض إسرائيل على هذا الهدف بشكل قاطع، حيث تفضل أن ينسى الاجئين في دول الشتات فكرة العودة إلى فلسطين.
في أعقاب حرب عام ١٩٤٨ ، تأسست الأونروا بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين، وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950.
ونظرا لعدم حل مسألة اللاجئين الفلسطينيين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، وكان آخرها تمديد عمل الأونروا لغاية 30 حزيران 2023.
بقاء " الأونروا" يحافظ على القضية
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 194 الذي تقرر فيه "وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقا لمبادئ القانون الدولي والعدالة.
استاذة العلوم السياسية والباحثة في الشأن الفلسطيني الدكتورة أريج جبر، تشير في حديث لراديو البلد، إلى أن الهدف من وجود وكالة أونروا هو حماية حق اللاجئ الفلسطيني وضمان عودته، وأن دورها في الحفاظ على جودة القضية الفلسطينية لا زال حيويا، خاصة فيما يتعلق بحقهم في التعويض عن الأحداث التي وقعت في عام 1984.
وتؤكد جبر أن الهدف من الضغوطات المالية على الأونروا من قبل الولايات المتحدة والدول وحلفاؤها هو إلغاء صفة اللجوء للفلسطينيين، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على حقوقهم والدفاع عنها، موضحة أن إنهاء وجود الأونروا يعد أسرع وسيلة للتخلص من هذه الحقوق.
لم يكن الحديث عن قطع التمويل عن الأونروا جديدا حيث قررت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سابقا عام 2018، وقف التمويل كليا عن (أونروا)، بهدف تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، بدءًا بعدم الاعتراف بوجود القضية أساسا.
حيث قررت إدارة ترامب مطلع 2018 تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه الولايات المتحدة للوكالة من 365 مليون دولار إلى 125 مليونا، لم تقدم منها للعام الجاري إلا 60 مليونا فقط، وكان التمويل الأميركي للوكالة يمثّل سابقا ثلث ميزانيتها السنوية البالغة 1.24 مليار دولار، وهو ما يؤثّر جذريا على حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين المعتمدين على خدمات الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان.