جماعة الإخوان المسلمين: هذا هو مفهوم الجهاد لدينا
جددت ندوة عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط، الثلاثاء الماضي، تحت عنوان "تطور الفكر السياسي لدى تيار الإسلام السياسي.. الأردن نموذجاً"، التساؤلات حول مفاهيم "الدولة المدنية، والتطرف، والجهاد" وموقف حركات الإسلام السياسي منها وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين.
و زاوجت جماعة الإخوان المسلمين-منذ نشأتها في مصر منذ عام 1928 - بين العمل الاجتماعي والسياسي تحت إطار عام ديني حكم خطابها، إلا أن تجديد ومراجعات فكرية وقانونية خضعت لها الجماعة وخصوصا في الأردن عقب الهجمات المرتدة على ثورات الربيع العربي تصنيف الجماعة كمنظمة "إرهابية" في بعض الدول العربية، والتضييق عليها بدول أخرى الأردن نموذجا.
وأجرت الجماعة في عام 2015 أكثر من 100 تعديل على قانونها، وسعت فيها من الممارسات الديمقراطية داخل أطر الجماعة، وسعت مشاركة الشباب والمرأة في القرار الداخلي للجماعة، اذ اعطت المرأة دورا في مجالس الشورى، كما خفضت سن دخول الشباب للمراكز القيادية إلى 21 سنة.
ومن المفاهيم الجدلية التي ظهرت بعد ما يسمى بالحرب على الإرهاب، مفهوم الدولة المدنية، إذ تتلخص فكرة جماعة الإخوان أن "الدولة المدنية هي دولة ذات مرجعية إسلامية، تقوم على أسس المواطنة والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة، والشورى والديمقراطية والمؤسسية وسيادة القانون، وأن الإصلاح الشامل يقوم على الإصلاح السياسي والدستوري والتشريعي وهو ضرورة وطنية لا مناص من إنجازها من أجل حياة كريمة ومزدهرة".
عضو مجلس الشورى في جماعة الإخوان المسلمين، د.محمد سعيد بكر، يبين موقف الجماعة من مفاهيم الدولة المدنية والجماعات المتطرفة، ومفهوم الجهاد، والموقف من العمليات الانتحارية في الدول الغربية.
يعتبر د.بكر أن "موقف جماعة الإخوان المسلمين من التيارات المتطرفة والمتشددة واضحا". واصفا فكر هذه التيارات "بالاختراق لمنهج الفكر الإسلامي المعتدل والعقيدة، إذ لا يمكن يقبل أي منصف أن تدمغ هذه الأمة الوسطية ذات رسالة الرحمة، بدمغة داعش والتطرف والإرهاب".
مضيفا أن"التطرف ذو جانبين يحاولان جذب الوسطية والاعتدال كل الى جانبها، الأول التطرف والتشدد والثاني التمييع والتضييع والإلحاد".
وعن شكل الدولة المدنية في تصور جماعة الإخوان المسلمين، يقول إن "الحركة الإسلامية لا يوجد لديها أزمة مع المصطلح، بقدر وجود أزمة مع المضمون، إذ يجب أن يكون مرجعية هذه الدولة، قال الله، وقال رسول الله، فإذا كانت دولة المدنية تعني أن يحكم الناس الناس وفق هدي الله ومرجعية كتاب الله والسنة النبوية لا مشكلة".
وادان د.بكر ما تقوم به الجماعات المتطرفة من قتل المواطنين وتفجيرهم تحت اسم الجهاد، مشدد أن "الحركة الإسلامية تحب الجهاد و تتبناه، لكن لا يعني قتل الناس وتفجيرهم والذهاب إلى بلادهم وإرسال الانتحاريين إلى أوروبا وقتل الناس، هذا ولا نعترف به وهو غير مشروع، اما الجهاد الذي يتبناه الإخوان المسلمين هو دفع المغتصبين من بلادنا، واعظم نموذج جهاد الحركة الإسلامية حماس الذي به يرد عدوان هؤلاء الغاصبين عن مقدساتنا فالدفاع عن النفس مشروع في كتاب ربنا وكل القوانين الوضعية، و لا نتعرف عنوان آخر للجهاد غير ذلك".
وحول تصنيف بعض الدول العربية، لجماعة الإخوان المسلمين، كجماعة "ارهابية"، يقول د.بكر، إن "الحركة الإسلامية عنوان من عناوين الاعتدال والوسطية في العالم كله ويشهد بذلك تاريخها وبرامجها ومناهجها، لكن يبدو أن هذا هذا التصنيف جاء بضغط أنظمة ودول كبرى لمحاولة ربط هذه الحركة وجرها و شيطنتها، لكن هذه الحركة عصية على محاولات الشيطنة وربط فكرها الاصيل بالتطرف، إذ يوجد لوبيات وتيارات تسعى دمغ الإسلام المعتدل بالإرهاب والتطرف، ولا تريد هذه الجهات للكون أن يصطلح، اما تمشي معهم في تيار التمييع والتضييع والإلحاد أو تتهم بالتطرف والإرهاب".
بدوره يرى رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد أن االفكر السياسي لتيارات الإسلام السياسي، تعرض الى "التشويه لدى صنّاع القرار العرب والأجانب على حدٍّ سواء، نتيجة خلط كثيرٍ من الباحثين الغربيين، بين هذا التيار وبين جماعات العنف والإرها .نتيجة خلط كثيرٍ من الباحثين الغربيين، بين هذا التيار وبين جماعات العنف والإرهاب".
مشددا في ورقة بحثية له على " ضرورة التعامل مع تيار الإسلام السياسي وما يتمتع به من قوة مبدئية وشعبية وسلميّة في حماية المجتمع ومواجهة أيّ تحولات إزاء التطرف والإرهاب، وبما يشكل دعامةً لأردنٍ قويٍّ ومتماسك وموحد لمواجهة التحديات الداخلية والأخطار الخارجية وعلى رأسها المشروع الصهيوني".
وفي هذا السياق يقول رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد إن "المتتبع لمسار الحركة الإسلامية السياسي في الأردن، يلحظ التطور الإيجابي الذي أنتجته المؤسسات القيادية في الحركة، ومن أهم العناوين التي ناقشتها ما يتعلق بهوية المجتمعات والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والتعددية والمشاركة بالانتخابات والحكومات والموقف من النظام الدولي- العلاقات الإقليمية والدولية، والإرهاب، والدولة المدنية والمكونات الدينية في المجتمع، والمرأة، حقوق الإنسان، وانها قطعت شوطاً كبيراً في هذه المراجعات".
مضيفا أن "الجماعة اعتمدت في تعريف هوية المجتمعات النص التالي ( المجتمعات التي نعيش فيها هي مجتمعات إسلامية أصابت بعض جوانبها تشوهات تستوجب الإصلاح )، وهذا النص بديل لمصطلح جاهلية المجتمعات الإسلامية، وعلى هذا الأساس بنت الحركة رؤيتها الإصلاحية الصادرة عام 2005، وبخصوص الديمقراطية، فقد كانت الحركة ترفض استخدام هذه المفردة لأنها مصطلح غير إسلامي وكانت الحركة ترى فيه نقيضاً للشورى، لاحظ البرنامج الانتخابي عام 1989 حيث اكتفت الجماعة بمصطلح الشورى، في حين أنها استخدمت مترادفة الشورى والديمقراطية في انتخابات 1993، وصولا إلى أن مصطلح الديمقراطية ليس نقيضاً لمفهوم الشورى".
وفي موضوع الإرهاب، يؤكد أن "جميع الشواهد والدراسات العلمية أثبتت أن الحركات الإسلامية المعتدلة تلفظ وترفض ثقافة العنف والغلو والتطرف وأن الغلو والتطرف والإرهاب يشكل تهديدا للأمن والسلامة العامة، وأن الإرهاب الذي تمارسه جهات متعددة ليس له علاقة بالإسلام، وترى الحركة بأن الاستراتيجيات التي وضعت لمواجهة الإرهاب قاصرة وليست شاملة، إذ ان الحركات الإسلامية المعتدلة قادرة على المساهمة في مواجهة مخاطر الإرهاب، وبناءً على ذلك فإن استهداف الحركات الإسلامية المعتدلة من شأنه أن يعيق مكافحة الإرهاب بل ويزود الحركات الإرهابية برصيد إضافي".
وأما بخصوص الدولة المدنية، يقول بني ارشيد "إن موقف التيار ( الإخوان المسلمون في مصر وسوريا والعراق وحركة النهضة التونسية والحركات الإسلامية في الجزائر ولبنان وبقية الدول الإسلامية) واضح ومعلن بقبول الدولة المدنية، ولا يراها نقيضاً لمشروع الدولة الإسلامية،حيث أبدى المراقب العام للجماعة في الأردن المهندس عبدالحميد الذنيبات ارتياحه من الورقة النقاشية السادسة التي طرحها رأس النظام بعنوان الدولة المدنية، وقال الذنيبات في مقابلة مع جريدة السبيل: " الإخوان المسلمون يسعون إلى "شراكات وطنية واسعة، والانفتاح على جميع المكونات الوطنية ".
ورغم التضييق الذي تعرضت له الجماعة من اعتقال للقيادات وإغلاق مقراتها، ومحاولة شق صفوفها إلا أن سياسيين اعتبروا في الندوة التي عقدها مركز الشرق الأوسط للدراسات أن "جماعة الإخوان المسلمين تعتبر رافعة للنظام السياسي الأردنيين ومكسباً له في ضوء نتائج الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة التي جرت في البلاد. كما تشكل حامية للشباب الأردني من التطرف والغلو المذهبي؛ كونها أبقت خلافها مع الآخرين في الإطار السياسي ولم تنقله إلى مجال الفكر الديني وقبولها للآخر وبعدها عن الصدامية أو الإقصاء، وأنها الجهة التي تمتلك برنامجاً وطنيا يحقق مصلحة الوطن والمواطن ويحافظ على قيم المجتمع، مشيداً بتجربة التحالف الوطني للإصلاح وما مثلته من شراكة وطنية".