جدل الأجور الطبية .. تصعيد بين نقابة الأطباء وشركات التأمين والمواطن يدفع الثمن
نظرا لعدم استجابة 98% من الأطباء المتعاقدين مع شركات التأمين بتعليمات النقابة، وواصلوا معالجة مرضى التأمين بناء على العقود المبرمة سابقا، إذ استقبل الأطباء يوم الأحد 11428 مريضا مؤمنا وفقا للجمعية الأردنية للتأمينات الصحية.
على إثر ذلك، صعدت نقابة الأطباء من إجراءاتها، معلنة تحويل أحد الأطباء إلى مجلس التأديب لمخالفته المجلس المتعلق بلائحة الأجور، ومشددة على ضرورة توقف الأطباء عن التعامل مع كافة الجهات التأمينية حتى صدور قرار جديد، من مجلس النقابة والصندوق التعاوني وحتى لا يتعرض الطبيب للمسائلة القانونية .
وتوضح النقابة أن جميع العقود الموقعة بين الأطباء وشركات التأمين تعتبر ملغاة بحكم المادة 21 من نظام الصندوق التعاوني للأطباء، التي تقضي بإلغاء العقود القديمة وتنظيمها وفق أحكام النظام الجديد بعد مرور شهرين من دخوله حيز التنفيذ.
في المقابل تعتزم شركات التأمين رفع أقساط التأمين مع بداية العام المقبل، نتيجة إقرار لائحة الأجور الطبية الجديدة، وفقا لرئيس الجمعية الأردنية للتأمينات الصحية الدكتور نذير الباتع، الذي يوضح أن هذا الرفع سينعكس على تكاليف التأمين الصحي لعام 2025، سواء من خلال زيادة قيمة العقود لدى شركات التأمين أو رفع نسبة الاقتطاع من راتب المؤمن في بعض المؤسسات، بمعنى إذا كانت نسبة تحمل المريض 20% وزادت التكاليف، فإن المبلغ المدفوع قد يتضاعف، خصوصا في العمليات الجراحية، مما يزيد الأعباء المالية على المرضى.
المواطن المتضرر الأول
يدعو الباتع، مجلس النقابة إلى التراجع عن القرار الذي يعتبره مسيئا للمرضى، مشيرا إلى أن رفض بعض الأطباء الالتزام بالتعليمات الجديدة المتعلقة بلائحة الأجور الطبية والذين يمثلون الغالبية العظمى، يعكس الجانب الإنساني لدى الطبيب، حيث فضل مصلحة المريض المؤمن على تنفيذ تعليمات النقابة، مشيرا الى ان هذا التصرف يظهر الوجه الإنساني والأخلاقي للمهنة على المصالح الشخصية، وأن موقفهم الإنساني يستحق التقدير لا العقوبة.
ويضيف أن نقابة الأطباء أصدرت تعليمات بعدم استقبال المرضى المؤمنين إلا بالدفع النقدي، وفي المقابل، أصدرت شركات التأمين تعليمات للمؤمنين بإبلاغها عن دفعهم نقدا للحصول على العلاج، ليتم تعويضهم من خلال الأطباء المتعاونين مع الشركات، وفي حال اضطر المريض للدفع نقدا، فإن شركات التأمين تتحمل مسؤولية تسديد الفواتير خلال مدة زمنية محددة، إلا أن هذه العملية قد تستغرق أسبوعا أو أسبوعين بسبب الإجراءات.
"المطلوب في المستقبل هو تعديل الأنظمة التي سمحت للنقابة بالتفرد بتحديد الأجور، وطرح تعليمات تضر بالمرضى والشركات على حد سواء، فشركات التأمين، بموجب عقودها، ملتزمة بتقديم خدمات للمرضى، لكن هذه القرارات جعلت الوفاء بهذه الالتزامات أمرا صعبا"، بحسب الباتع.
ويؤكد أن النقابة، نتيجة للنظامين (نظام لائحة الأجور ونظام الصندوق التعاوني)، تعتقد أنها أصبحت الجهة المسيطرة على القرارات، متجاهلة حقوق الشركات، المؤسسات، وصناديق التأمين الصحي بما في ذلك التأمين الصحي الحكومي، موضحا أن هذا الاعتقاد يلقي بعبء كبير على المرضى والشركات، حيث يفترض أن أي قرار صادر عن النقابة سيكون ملزما دون مراعاة الأطراف الأخرى.
في تصريحات لنقابة الأطباء تشير إلى أن صاحب الحق الوحيد في إصدار لائحة الأجور هو نقابة الأطباء وليس شركات التأمين، كما تم نقل مسؤولية تحديد الأجور الطبية من وزارة الصحة، التي تعتبر جهة محايدة إلى نقابة الأطباء، التي تمثل مصالح فئة محددة.
الأزمة بين النقابة وشركات التأمين
كانت شركات التأمين قد أبدت رفضها للائحة الأجور الجديدة، كما خاضت الجمعية العديد من النقاشات والمفاوضات للتوصل إلى لائحة تضمن العدالة، سواء للطبيب الذي يحق له تحسين أجوره أو لصناديق التأمين الصحي وشركات التأمين، حيث توصلت الجمعية إلى صيغة توافقية رفعتها وزارة الصحة إلى رئاسة الوزراء لإقرارها، إلا أنه بعد الإقرار، تبين أن ما زودته نقابة الأطباء للوزارة لم يكن مطابقا لما تم الاتفاق عليه، مما دفع الوزير إلى سحب اللائحة، بحسب الباتع.
ويوضح الباتع أنه رغم تفهم الجمعية لحق الطبيب في تحسين دخله، فقد قامت النقابة من طرف واحد برفع الأجور الطبية بصورة مختلفة عن المتفق عليه، مما أدى ذلك الى أن تضغط النقابة على المرضى من خلال إلزامهم بالدفع النقدي للحصول على الخدمات الطبية، وهو ما يعتبره غير عادل بحق المرضى، الذين غالبا ما يعتمدون على تغطية التأمين الصحي لعدم قدرتهم على تحمل التكاليف نقدا.
و حسب الباتع يعتبر الهدف من هذه السياسات هو تحويل أموال التأمين الصحي الخاصة بالأطباء إلى صناديق النقابة لاستثمارها، وفقا لنظام الصندوق التعاوني، يقول إن هذا النظام لا يضر فقط بالمريض، بل أيضا بالطبيب مقدم الخدمة، حيث يتم تأخير دفع مستحقاته لمدة ثلاثة أشهر بعد استثمارها، مع اقتطاع 10% لصالح النقابة، مشيرا إلى بند آخر في النظام يتعلق بإلغاء العقود المباشرة مع الأطباء واستبدالها بعقد واحد بين النقابة وشركات التأمين الصحي، يتم صياغته بالكامل وفق إرادة النقابة، مما يعد تجاوزا لمبدأ التفاوض المتكافئ بين الأطراف.
لائحة الاجور:
وكان وزير الصحة، قد قرر في شهر تموز الماضي، بإلغاء العمل بلائحة أجور 2024، والعودة إلى لائحة عام 2008، إلى حين تزويد نقابة الأطباء وزارة الصحة بلائحة تعرفة أجور طبية، وفقا لما تم التوافق عليه في اجتماعات اللجنة المشتركة، مستندا الوزير الى صلاحياته وفق المادة 47 من الدستور، والمادة 3 من قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008.
وقامت نقابة الأطباء مؤخرا بتقديم لائحة جديدة للأسعار إلى رئاسة الوزراء، تضمنت تخفيض أسعار بعض الإجراءات الطبية كخطوة لخفض التصعيد بين وزارة الصحة.
وتشمل زيادة الأجور وفق اللائحة الجديدة، بنسبة 60% على لائحة 2008، تقسم إلى 20% زيادة بعد شهر، و20% زيادة بعد عام، و20% زيادة بعد عامين.