ترقب أردني لتداعيات المشهد السياسي بعد سقوط نظام الأسد
يترقب الأردن التطورات بحذر شديد إزاء التطورات السياسية في سوريا والمنطقة ككل، بعد سقوط نظام بشار حافظ الأسد، بعد 14 عاما من الحرب والصراع في البلاد.
وجاء ذلك، بعد تحقيق المعارضة المسلحة تقدما غير مسبوق وسيطرتها على العاصمة دمشق، حيث أعلنت الفصائل السورية عن "هروب الأسد" وبدء مرحلة جديدة.
ورغم التطمينات التي قدمتها الجهات السورية المعارضة التي استلمت زمام الأمور، فإن الأردن، بحكم موقعه الجغرافي الحساس وارتباطاته التاريخية والسياسية مع سوريا، يتابع هذه الأحداث بقلق، خاصة في ظل انعكاساتها المحتملة على حدوده الشمالية وأمنه الداخلي، بالإضافة إلى تداعياتها على الملف الإنساني المتعلق باللاجئين السوريين والجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر ماضي يؤكد أن الأردن يشعر بالقلق حيال ما يجري على حدوده الشمالية، إلا أن هذا القلق لا يقل عن المخاوف التي كانت موجودة خلال فترة حكم نظام بشار الأسد، حيث شهدت تلك الفترة تهريبا مستمرا عبر الحدود وحوادث أمنية استهدفت الأمن الأردني والقوات المسلحة الأردنية وكانت تتم برعاية شبة رسمية من النظام السابق.
ويوضح ماضي أن الأردن يتعامل مع التطورات الحالية بحذر شديد، مشيرا إلى وجود تطمينات من الفصائل السورية التي استلمت السلطة، حيث أكدت على اعتبار الأردن دولة شقيقة وجارة لم تقصر في دعم اللاجئين السوريين خلال الفترات الماضية.
ويضيف أن الأردن من المتوقع أن يتخذ خطوات مدروسة تجاه أي نظام سياسي جديد في سوريا، وذلك بناء على السياسات التي سينتهجها هذا النظام الجديد تجاه الأردن واستقراره وأمنه، مشيرا إلى وجود ملفات حساسة بالنسبة للأردن مرتبطة بالشأن السوري، أبرزها ملف اللاجئين، حماية الحدود، والموقف الإقليمي من القضايا العالقة في لبنان وغزة.
فرص للتغيير
نظرا لهذه الأحداث تم إغلاق معبر جابر الحدودي الوحيد العامل مع سوريا بسبب "الظروف الأمنية" في البلد المجاور، وفق ما أعلن وزير الداخلية.
يقع الأردن في منطقة مضطربة وغير مستقرة، حيث تعاني الدول المجاورة من تحديات في أنظمتها السياسية، ويسعى بشكل دائم إلى لعب دور عامل استقرار في المنطقة، بحسب ماضي.
أما فيما يتعلق بالقضية اللبنانية والتطورات في سوريا، بحسب ماضي يقول إنه يبدو أن المنطقة مقبلة على تغييرات جديدة قد تمتد إلى دول أخرى، والأردن يدرك أهمية معالجة قضايا الاستقرار، ومن أبرزها ملف اللاجئين، الذي يشكل تحديا كبيرا للعديد من الدول، إلى جانب ضرورة العمل على عودة اللاجئين إلى أوطانهم.
ويشير إلى أن سوريا بحاجة إلى إعادة إعمار شامل، يشمل البنية السياسية والاقتصادية وإصلاح المؤسسات، ويتمتع الأردن بخبرات متراكمة تمكنه من تقديم المساعدة للشعب السوري والدولة السورية.
في هذا السياق، يتحرك الأردن وفق مسارين أساسيين، الأول يتعلق بالجوار الجغرافي والإقليمي، حيث ترتبط استقرار سوريا مباشرة باستقرار الأردن، والثاني هو الالتزام الأخلاقي تجاه الشعب السوري والدولة السورية، ومن المتوقع أن يبذل الأردن جهودا كبيرة في المرحلة المقبلة لدعم هذا التوجه، بما يعزز التعاون الإقليمي ويحقق الاستقرار المنشود، بحسب ماضي.
"الأردن وما يحدث في سوريا"
في ورقة تقدير موقف صادرة عن معهد السياسة والمجتمع للدكتور محمد أبو رمان والدكتور بدر الماضي، تناولت بعمق هذه التحولات وآثارها على الأردن، خاصة فيما يتعلق بأمن الحدود الشمالية، شبكات تهريب المخدرات، ودور الأردن الإقليمي.
وتبين الورقة الذي نشرها معهد السياسة والمجتمع للمحللين السياسيين الدكتور محمد أبو رمان والدكتور بدر الماضي بعنوان " الأردن وما يحدث في سوريا: التحديات، التهديد والفرص الاستراتيجية، إنّ الفرصة التي قد تتحول لصالح الأردن تتمثل بأمن الحدود الشمالية عبر شبكة علاقات استراتيجية مع القوى المحلية السورية، ونفوذ عسكري وأمني أردني، وإنهاء شبكات تهريب المخدرات على الحدود الشمالية، وتوفير بيئة مناسبة لعودة نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين، بخاصة إلى المحافظات الجنوبية ودمشق، ودور إقليمي أردني أكبر في المنطقة مرتبطاً بمصالح الأردن الاستراتيجية والأمنية وسمعته الدولية المعتبرة كمفتاح للحل وليس المشكلات، ولطالما نظر كثير من الأشقاء السوريين بإيجابية للأردن ودوره.
وتبين أنه عندما تبخرت الرهانات الدولية والإقليمية على تغيير النظام السوري، وتدخل الروس بصورة كبيرة، كانت هنالك تفاهمات أردنية-روسية على أمن الحدود الشمالية وعلى ضمان سلامة أهل درعا، وقام الأردن بالتخلي عن الاستراتيجية التي اعتمدها سابقًا استراتيجية الوسادات عبر حل المجموعات المسلحة المقربة منه.
وتوضح أن شعور النظام السوري بالانتصار في الحرب الداخلية، وانفتاح دول عربية أخرى عليه وعودة الأسد إلى مؤتمرات القمة العربية دفع دمشق إلى القفز عن المقاربة الأردنية، التي رآها غير ضرورية لتطبيع العلاقات مع النظام العربي.
ووفق الورقة فإن المنظور الأردني لهيئة تحرير الشام ما يزال مرتبطًا بعلاقة الهيئة بالقاعدة وبوصفها منظمة إرهابية مثّلت خلال مرحلة وجودها في درعا، في بدايات الثورة السورية، مصدر تهديد للأمن الوطني الأردني، وبالتالي يشعر الأردن بقلق شديد من تقدم الهيئة وتوسيع نطاق السيطرة والنفوذ لها، ومن تحرّكات شبيهة لأنصارها في درعا.
عائلة الأسد
عائلة الأسد حكمت سوريا منذ تولي حافظ الأسد رئاسة البلاد عام 1971، وحتى سقوط نظامهم في 8 من شهر كانون الاول 2024، بعد وفاة حافظ في عام 2000، تولى ابنه بشار الأسد السلطة.
خلال فترة حكمهم، أسست العائلة نظاما استبداديا شموليا، حيث سيطر حزب البعث على المشهد السياسي، بينما اندمجت الأحزاب الأخرى تحت مظلته ضمن ما يسمى بـ"الجبهة الوطنية التقدمية".