انخراط شباب الأردن في المعارضة..الكرة بملعب من؟
تُلقي الأحزاب الأردنية المُعارضة باللوم على السلطات الأردنية بترهيب الشباب والتضييق عليهم بسبب الانتماء للأحزاب، لكن تلام هي الأخرى على تغييبها الشباب من مراكز القيادة فيها، أو عن مشاريع إصلاحية تطلقها، كان آخرها التحضير لمؤتمر للإنقاذ الوطني "لاستعادة مقدّرات الوطن المنهوبة".
وبحسب تقريرٍ للمركز الوطني لحقوق الإنسان، فإن عدد المنتسبين للأحزاب في الأردن بلغ 34957 منتسبا في العام، بينما لا يتجاوز عدد الشباب المنتسبين للأحزاب في الأردن 12748 شابا، بنسبة 36.47 في المئة من عدد المنتسبين.
الكاتبة والمحللة السياسية لميس أندوني، ترى أن الهجمات المضادة على ثورات الربيع العربي كان لها أثر على انخراط الشباب في صفوف المعارضة والأحزاب، بعد أن شكل الشباب النواة الأساس للحراكات الاحتجاجية، ومنها الأردن.
وقالت لـ"عربي21": "هناك إحباط عام من العمل السياسي، وغياب للأمل والأفق، وأيضا اليوم في الأردن يتم تأسيس أحزاب جديدة بدعم كامل من أجنحة الدولة، وهذا خطير لقتل الأحزاب القديمة التي يجب أن تغير من خطابها، وأن يشعر الشباب لديها أن لهم دورا ومشاركة فعلية".
وحذرت الأحزاب من أن تكون "طاردة للشباب، الذين أصبحوا يتوجهون للعمل بمنظمات المجتمع المدني، وهناك مسؤولية على الأحزاب بعزوف الشباب، لكن المسؤولية الأكبر على السلطات"، وفق تقديرها.
وعدلت السلطات الأردنية قانون الأحزاب، ووضعت نصوصا تجرم من يضيق على الحزبيين بسبب انتمائهم الحزبي، ومن مخرجات القانون الذي يعد من نتاج اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، أن "لا تقل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (18) و(35) سنة عن (20%) من عدد المؤسسين للحزب" .
إلا أن عضو حزب الوحدة الشعبية (يساري) فاخر دعاس، يرى أن هناك "غيابا للشباب والطلاب عن العمل السياسي بشكل عام، وليس الانتماء للأحزاب المعارضة فقط؛ بسبب الإحباط و اليأس من الجيل الحالي الذي يرغب في الهجرة، كما أظهر استطلاع للرأي مؤخرا".
وقال: "أيضا الانطباع السائد الذي كرسته السلطات من خلال ممارستها حول العمل السياسي والحزبي، بأنه سيؤدي إلى صعوبات في الحياة العملية والتوظيف، يعد أحد الأسباب".
ودعاس الذي يشغل أيضا منسقا لحملة "ذبحتونا" للدفاع عن حقوق الطلبة، يلقي باللوم أيضا على أنظمة التأديب "القمعية" في الجامعات، ويعتبرها "عصا مسلطا على الطلاب الناشطين في ظل غياب اتحادات الطلبة وعدم وجود جو يعزز روح العمل السياسي، بل إن الجو العام في الجامعات يحرض على الابتعاد عن العمل العام".
وحول الأحزاب نفسها، يتفق أن الأحزاب المعارضة "تعاني من ضعف المشاركة الشبابية فيها"، ويقول إن "الأسباب التي ذكرتها من تضييق على الشباب تسببت بضعف في مشاركة الشباب في الأحزاب بشكل عام، وهذا انعكس على تواجدهم في المراكز القيادية".
وقال: "أيضا من النقد الذاتي الذي على الأحزاب توجيهه لذاتها، يجب أن تكون آليات الخطاب للشباب تتواءم مع العصر، وإعطاء فرصة لحرية العمل للشباب، خصوصا في ظل السوشيال ميديا".
وأفاد ثابت العساف، وهو أول شاب يتسلم منصب ناطق باسم حزب العمل الإسلامي، بأن "الشباب موجودون بشكل جيد في صفوف المعارضة، ومنها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، وهي ليست مقياسا لكل المعارضة، ومع ذلك هناك تواجد للشباب فيها بشكل حقيقي".
ويتابع: "أما فيما يخص تواجد الشباب بشكل عام في صفوف المعارضة، فهو يعتمد على نوع المعارضة، فهناك أحزاب لديها مشكلة في البنية التنظيمية، وفيها تواجد لكبار السن بشكل أكبر، ولكن هناك أحزاب أخرى تجد لديها تعاطيا ديمقراطيا وشوريا.
ويتفق معه أمين عام حزب الشراكة والإنقاذ، سالم الفلاحات، الذي قال لـ"عربي21": "طريق لا يقوده الشباب ليس له مستقبل، فأمين سر اللجنة التحضرية للمؤتمر هو شاب، وأعضاء اللجنة التحضيرية هم دون الأربعين ومن الجنسين، لكن هناك إعاقات حقيقية أمام انعقاد المؤتمر، ورسائل رسمية تصلنا بأن عقده فيه خطورة، ولن نسمح به".
ويرى الفلاحات أن "هناك عزوفا عاما في المجتمعات العربية من الانخراط في الأحزاب، والشباب يصدمون في الوظيفة وضروريات الحياة، ويرون أن الانتساب للأحزاب سيكون عائقا أمام حياتهم الاجتماعية، بعيدا عن الشعارات والتطمينات، لكن على أرض الواقع يتم استدعاء الشباب، كما يحدث في حزبنا، ويتم التضييق عليهم للانسحاب من الحزب".
ترهيب رسمي
إلا أنه يرى أن السلطات ترهب الشباب داخل الأحزاب، وتدفعهم للاستقالة، وبحسب العساف، فإن 15 طلب استقالة لشباب تلقاها حزب جبهة العمل الإسلامي (أكبر الأحزاب الأردنية المٌعارضة) خلال العام الماضي؛ بسبب ما أسماه الناطق باسم الحزب العساف "الضغوطات الأمنية على منتسبي الحزب".
ويروي العساف قصة شاب في الحزب، "أجبره جهاز المخابرات العامة على تقديم استقالته من الحزب، مقابل السماح له بالحصول على رخصة دراجة لتوصيل الطلبات".
ويرى العساف في حديث لـ"عربي21"، أن "التشبث بالمشهد الشبابي شعارات أكبر من كونه تطبيقا على الأرض"، يقول: "الملك وعدد كبير من مسؤولي الدولة يتغنون بالتواجد الشبابي، لكن على أرض الواقع ما زالت أجهزة الأمن تقمع الشباب، وتعتقلهم على خلفية عملهم الحزبي، وتضيق عليهم، وتمنعهم من أبسط حقوقهم مثل العمل".
حراك ملكي
ويأتي ذلك وسط حديث ملكي حول ضرورة انخراط الشباب في الأحزاب، فشدد الملك عبدالله الثاني في حديث لصحيفة "الرأي" اليومية، على أن "الأبواب مفتوحة أمام الشباب لقيادة مسيرة التحديث، لكن عليهم ألا ينجرّوا خلف الشعارات الشعبوية، بل أن ينخرطوا في البرامج الواقعية والقابلة للتطبيق، فالجيل الجديد يعرف ما يريد".
وقال خلال لقائه شبابا ناشطين بالعمل السياسي والاجتماعي: "ضرورة تشكيل أحزاب وطنية تستند إلى برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، يكون للشباب صوت قوي فيها".
وأكد خلال لقائه رؤساء الجامعات الرسمية الأسبوع الماضي: "ضرورة العمل بشكل مؤسسي؛ لمنع وضع أي حواجز أمام الشباب في المشاركة بالحياة السياسية".
لكن الأهم الأكبر لدى الشباب الأردنيين يبقى البحث عن فرصة عمل بعيدا عن تعقيدات الأطر الحزبية، وبعيدا عن الشعارات الرسمية لتمكين الشباب.
وأظهر تقرير بحثي عن الهجرة في دول الشرق الأوسط، أن الأردنيين من أكثر شعوب المنطقة تفكيرا بمغادرة البلاد بنسبة 48 بالمئة.
وأوضح تقرير لشبكة الباروميتر العربي، عن الهجرة في المنطقة، أن الأوضاع الاقتصادية هي الدافع الرئيس وراء تفكير الأردنيين في الهجرة بنسبة 93 بالمئة، جلهم من الشباب.