المعلمون والحكومة من ينزل عن الشجرة اولا

يشابه المشهد السياسي في الأردن اليوم المشهد في عام 2018 عندما تصدرت النقابات المهنية جماهير غاضبة من القرارات الاقتصادية للحكومة.

 

اليوم يلمع نجم نقابة المعلمين الأردنيين، التي نفذت اعتصاما حاشدا في مواقع مختلفة من العاصمة عمان الخميس الماضي، وسط تأييد شعبي لمطالبهم المعيشية.

 

ولا تبدو الأمور مرشحة للاستقرار والهدوء؛ بعد صعود نقابة المعلمين والحكومة على الشجرة، إذ تصر النقابة على الحصول على علاوة مهنية بنسبة 50% كانت قد اتفقت عليها في عام 2014 مع حكومة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله النسور، بينما ترى الحكومة الأردنية أن هذه العلاوة ستكبد خزينة الدولة مبلغ 112 مليون دينار، وهو مبلغ غير متوفر حسب وزير التربية والتعليم.

 

"نحو التصعيد"

 

النقابة التي أعلنت إضرابا شاملا عن العمل، الأحد، تلوح بإجراءات أكثر "قسوة" في حال استمرار ما أسمته "التعنت الحكومي"، المشهد القادم "لن يسر أحدا" حسب ما يقول عضو نقابة المعلمين، باسل الحروب، في حال عدم تلبية مطالب المعلمين، "وقد يقود النقابة إلى الإضراب المفتوح عن العمل، وهذا الذي نتمنى عدم الوصول إليه".

 

يقول الحروب، لـ"عربي21": "بإمكان الحكومة إجراء مناقلات مالية في الموازنة، وتخفيض إنفاقها لتوفير مبلغ لتحسين وضع المعلمين، إذ من المتوقع أن ترفع العلاوة راتب المعلم بمبلغ من 80 دينارا-150 دينارا، حسب درجة المعلم".

 

يبلغ متوسط راتب المعلم الأردني 450 دينارا (565 دولارا)، تآكلت قدرتها الشرائية، بسبب التضخم الكبير وارتفاع الأسعار، وفرض الرسوم والضرائب، خلال السنوات العشرين الأخيرة.

 

يرى الكاتب، والمحلل السياسي إيهاب سلامة أن "المعلمين بتصعيدهم، وضعوا الحكومة في مأزق، وربما وضعوا أنفسهم فيه أيضا، فكلاهما صعد إلى الشجرة، وانتهى الأمر، ولن ينزل أحدهما عنها مسلما للآخر، دون النزول معا إلى طاولة واحدة، والاحتكام للحوار، والتوصل إلى تفاهمات مناسبة".

 

يعتقد الكاتب أن "ورطة الحكومة الأردنية تكمن في أنها إذا وافقت على مطالب المعلمين نصا، فقد تفتح على نفسها صندوق باندورا، ويخرج عليها منه ما لم يكن متوقعا لها ولمؤسسات الدولة برمتها. وإذا لم توافق، فهي بكل تأكيد أمام تحد صعب أيضا، وخيارات مفتوحة، قد تصل إلى حل مجلس النقابة بمداخل قانونية، وزيادة تصعيد المعلمين، الأمر الذي يرشح المسألة إلى مزيد من التعقيدات والمخاوف".

 

ويزيد سلامة إن على المعلمين والحكومة "الابتعاد عن المواقف المتشنجة، وعدم التمركز في نقطة واحدة، والمطلوب من الطرفين إجراء حسابات جادة ودقيقة لمآلات موقفهما لاحقا، وخطورة انعكاساته وتبعاته إذا ما راوحت الأمور مكانها، ما يفرض على الحكومة والمعلمين تحكيم المنطق، وتغليب صوت العقل، وترجيح الحكمة، وعدم الوصول إلى مرحلة كسر عظم يكون فيها الجميع خاسرا".

 

"تخوف من حالة حراك شعبي"

 

الحكومة الأردنية التي أغلقت شوارع حيوية في العاصمة عمان، الخميس الماضي، وأصرت على موقفها في منع اعتصام المعلمين أمام مقر الحكومة، يراه محللون بأنه يأتي تخوفا من إعادة صناعة مشهد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالحكومة السابقة، وخوفا من انتقال عدوى الاحتجاجات لقطاعات أخرى.

 

يقول سلامة لـ"عربي21" إن من الطبيعي أن مؤسسات الدولة العميقة قرأت هذا الأمر جيدا، "وتضع في حساباتها أن القبول بمطالب المعلمين، لن يقتصر لاحقا على المعلمين وحدهم، وقد يجر في ذيوله قطاعات أخرى ترى نفسها مهمشة، تجنح تجاه مسارات المعلمين، وتطالب هي الأخرى بحقوق أو مكتسبات".

 

نقابات مهنية، وأحزاب أردنية، وحراكات، دخلت على خط إضراب نقابة المعلمين، وأيدت اعتصامهم ومطالبهم المهنية، في وقت أضافت فيه أحزاب مطالب بإصلاحات سياسية إلى مطالب المعلمين، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي وأزمة الحكومة، بعد تململ شعبي من حديثها عن مشروع النهضة والإنجازات الاقتصادية المرتقبة.

 

 

أضف تعليقك