الفيديوهات الخادشة تقتل وعينا وتفرق دمه بين المواقع

تعبيرية

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرى فيديوهات مخلة بالآداب التي تنتشر بين الفينة والأخرى كموجة تطفو على سطح مواقع التواصل الإجتماعي الأردنية بأنها تسربت بشكل عفوي وبخطأ غير محسوب انتقلت من محادثة خاصة بين أثنين أو مجموعة إلى مجموعات وفضاء عام.

 

فالجانب الغامض من التكنولوجيا للكثيرين و ارتهان حياتنا وكل سكناتنا وحركاتنا لها قد يسبب خطأ بهذا الشكل ببساطة كبسة عشوائية لزر على أحد التطبيقات وهو بهذه الحالة كالرصاصة التي إن انطلقت لا مجال إرجاع الزمن إيقافها.

 

 لكن هذا لا يمنع سؤال من التردد والارتفاع في كل مرة تعلو فيها موجة الفيديوهات المخلة سطح السوشيال ميديا في الأردن: هل هذه الفيدوهات حقيقية، وهل هي فعلا في الأردن، والأهم من ذلك هل هذه الموجة بريئة أم لا؟!

 

سؤال مشروع فهناك عناصر مشتركة بين هذه الفيدوهات المعدودة والتي تبدو أن من قام بتصويرها نفس الشخص وأن مصدرا واحدا بثها في هذا الفضاء الأزرق.

 

في مرات سابقة ثبت أن بعض الفيدوهات بعد تتبع مصدرها جاءت من عواصم عربية مجاورة، لكن هذه المرة كان هناك تعمد واضح لإظهار مناطق بأسماءها الصريحة، وسيارات بأرقامها الواضحة، ووجوه لشباب دون تغطية أو تموية في العاصمة وخارجها في المملكة.

 

من المعروف أن هذه ليست المرة الأولى التي تعلو فيها هذه الموجة ويتفاعل معها الرأي العام في كل مرة بالدهشة في البداية ثم الاستنكار والرفض لهذه الممارسات "الدخيلة على مجتمعنا المحافظ"، ثم تعلو نبرة السخرية والنكتة حولها على مدار ثلاثة أيام المعدل التقريبي لأي قصة في المجتمع الأردني إلى "ترند أو هاشتاج متصدر"، ثم تطوى بحلوها ومرها واقتحامها العيب والحرام خطوط المجتمع الحمراء التي يبدو أنها بدأت تفقد لونها الفاقع لتتحول أحمر مشع لآخر منطفيء يفقد بريقه تحت سيف التناقض والنفاق والأقنعة التي تتبدل حسب الموقف والمكان والزمان.

 

نقلت إلى معلومة "ان من أهم متصدري حملة مهاجمة مسلسل الروابي الأردني على شبكة نتفلكس الذي تصدر أكثر المسلسات متابعة في أكثر من دولة ومن ضمنها الأردن، هو شخص تزين صفحته ثلاث قضايا تحرش بنساء تم لملمتها لاعتبارات عدة !!".

 

لنفترض أن هذه المعلومة تفتقد للدقة والمصداقية إلا أنها غير بعيدة أبدا عن الواقعية بتفاصيل مختلفة، فهناك مشاهد يومية نراها تعكس التناقض الواضح ما بين أحاديث خاصة تتناول آراء رجال حول النساء وعملهن وحقوقهن وحتى وجودهن في الفضاء العام وأحيانا حتى حقهن في الحياة وبين تعليقات ذات الشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صفحات نساء ومدحهم لهن و تقديرا لانجازاتهن ودعما مطلقا لهن إلا أنهن بطبيعة الحال لسن من العائلة ولا يشبهن نمط حياة النساء فيها من قريب أو بعيد.

 

وتتناقض هذه الآراء أيضا في طرحها ورفضها لما جاء في مسلسل الروابي مثلا في العلن وبين إقرارهم في الأحاديث الخاصة أن تفاصيل المسلسل حقيقية بشكل كبير وموجودة بعيدا عن الأخطاء الفنية التي تم رصدها وأن هذا العمل مهم وان الفريق الذي نفذه ومن كانوا سببا في إخراجه للنور يتمتعون بشجاعة وإبداع لافت.

 

في كل موجة جديدة تعصف بالرأي العام الأردني تقدم فرضيات الإلهاء من جهات مجهولة أو غامضة تتمحور حول نيتها تشتيت الرأي العام عن قضايا هامة وكبرى بالغالب سياسية تتعلق بحسم ملفات بالغة التعقيد فيتم بث محتوى إعلامي واجتماعي تتقاذفه المجموعات والمواقع بشكل مكثف ومتتالي يركز على قضايا هامشية مثيرة للانتباه تضرب في مجملها وتر المسكوت عنه كالجنس والدين فتصيب الهدف بنسيان المهم والأهم ويتفرق دماء حقوقنا وقضايانا الدستورية بين عشائر وقبائل مواقع التواصل الإجتماع فلا يعرف لأي جريمة فاعل ولا لأي مقتول دية.

 

هذه المرة تم القبض على بعض ممارسي تلك الأفعال بعد تتبع الفيدوهات، بل تم تحويل من صور أحد الفيديوهات ونشره إلى القضاء ووفقا لمواد في قانوني العقوبات والجرائم الإلكترونية فهناك عقوبة بالحبس أو الغرامة حسب مجريات وتفاصيل الدعوى، فالقانون موجود وحازم إن توفرت إمكانية تطبيقه.

 

نتفق أن وعينا في خطر ومنظومة أخلاقنا تحت المحك وشبابنا يفقد معيار الخطأ والصواب في دوامة أبواب شبكة الإنترنت المصرعة على كل شيء بغياب واضح للتوجيه والمتابعة.

 

وصوت حاستنا السادسة التي تلح في خلفية كل هذه الشكوى وهذا الرفض بطرح السؤال المعتاد عن عنوان الموجة القادمة التي ستغزو التايم لاين الأردني بمحتوى لافت ويثير زوبعة جديدة وأي ملف سيحجب غبارها تفاصيله الجديدة أو القديمة وخاتمته التي دبرت ورسمت في ليل.

أضف تعليقك