العلاج بالفنون... خطوة مبتكرة لتعزيز الرعاية الصحية لمرضى الزهايمر

الرابط المختصر

مع تسارع وتيرة الحياة، أصبحت الأمراض المزمنة، ومنها مرض الزهايمر بين كبار السن يظهر بشكل ملحوظ أكثر من الماضي، حيث كانوا يعيشون ضمن أسر ممتدة توفر لهم الرعاية والحماية دون الحاجة للعلاجات الإضافية، بينما اليوم مع تغير نمط الحياة وتزايد انشغال أفراد الأسرة، بات كبار السن بحاجة إلى اهتمام خاص يتجاوز الدعم الأسري التقليدي.

ومن بين تلك الاحتياجات لتحسين جودة حياة مرضى الزهايمر، أصبح العلاج بالفنون جزءا مهما إلى جانب العلاجات الطبية، يسهم بالتخفيف من الأعراض، كما يساعد العلاج بالفنون في تحسين التواصل لدى أولئك الذين يجدون صعوبة في التعبير بالكلام، مما يضفي عليهم شعورا بالفرح ويعزز اندماجهم الاجتماعي.

في الأردن تشير دراسات إلى وجود حوالي 31 ألف مصاب بالخرف، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 50 ألفا بحلول عام 2050، مما يستدعي تعزيز برامج الدعم والتوعية وتوفير الموارد اللازمة للتشخيص والعلاج.

 

 

مبدأ العلاج بالفن

تؤكد أخصائية العلاج بالفنون، نور حتر، أن العلاج بالفنون يساعد مرضى الزهايمر على الاستفادة من الأجزاء الفعالة من الدماغ، عبر تنشيطها بأساليب فنية كالرسم والصوف والألوان التي تثير الذكريات والروائح المحفزة، ما يسهم في تحسين الأداء الذهني لديهم وتعزيز تفاعلهم مع البيئة من حولهم.

توضح حتر أن العلاج بالفنون يعد وسيلة فعالة للأشخاص الذين فقدوا القدرة على التواصل اللفظي أو أصبحت لديهم صعوبة في التعبير بالكلام، حيث يأتي العلاج بالفنون ليعوض هذا النقص في القدرة على التواصل.

وتضيف أن "المخططات المعرفية" هي تراكيب ذهنية تتشكل لدى الإنسان منذ ولادته وتستمر معه لسنوات، وتساعده في تنظيم أفكاره ومشاعره والبقاء على اتصال ببيئته، ليتمكن من تلبية احتياجاته الأساسية ومعرفة طريقه وإتمام أنشطته اليومية، ومع ذلك، تبدأ هذه المخططات بالضعف لدى مرضى الزهايمر، وهو ضعف لا يزال العلم غير قادر على تفسيره بشكل كامل، فالمرض له أنماط متعددة ويصنف ضمن فئة "الخرف".

يسعى المعالجون بحسب حتر إلى استثمار الأجزاء الفعالة في الدماغ لمنع تدهورها، وفي بعض الحالات، خاصة في المراحل الأولى من المرض، يمكن تحفيز بعض المهارات المفقودة، رغم أن استعادة الأجزاء المتضررة من الدماغ ليست بالأمر السهل، خاصة مع التقدم في العمر، مشيرة الى أن التدخل بالعلاج بالفنون يكون أكثر فعالية في المراحل المبكرة والمتوسطة من المرض، حيث يكون من الأسهل على المريض الاستجابة رغم صعوبة المراحل الأولى والمتوسطة التي يشعر فيها المصاب بفقدان متزايد للذاكرة وضعف في تذكر الأحداث

 

مراحل العلاج

تمر مراحل علاج مرضى الزهايمر بالفن بعدة خطوات، أولها التشخيص الطبي الشامل لاستبعاد أي أسباب عضوية تؤثر على الدماغ أو قد تتداخل مع الأعراض النفسية، حيث أن بعض أعراض الاكتئاب، مثل العزلة والانطواء، قد تتشابه مع أعراض الزهايمر، مما يجعل من الضروري استبعاد الجوانب الجسدية والنفسية قبل الانتقال إلى العلاج بالفنون، بحسب حتر.

العلاج بالفنون هنا يعد جانبا تكميليا ومساعدا بجانب العلاج الطبي الأساسي، تقول حتر حيث تستخدم تقنيات فنية متعددة تناسب احتياجات كل مريض، مثل الرسم، والعمل بالصلصال، وفن الديكوباج، تساهم هذه الأنشطة في تنشيط ذاكرة المرضى، حيث يمكن للمريض مثلا تجميع صور من ذاكرة العائلة أو العمل على رسومات تثير لديه ذكريات قديمة واضحة، هذه الأنشطة تساعد المريض في تذكر لحظات الطفولة بشكل أكبر، إذ تظهر الذكريات بشكل متقطع، وتبرز من خلال الألوان والأشكال التي يستعملها والتي تعيد إليه صورا من الماضي.

إلى جانب الممارسة الفنية، يشجع هذا العلاج على التفاعل الأسري، حيث ينصح أفراد الأسرة بالجلوس مع المريض والتواصل معه باستمرار، يمكن كذلك تنشيط حواس المريض باستخدام روائح مميزة، مثل رائحة المخبوزات أو العطور المألوفة، التي تساعده في استرجاع ذكريات من الماضي، هذا التفاعل الأسري، بالإضافة إلى الأنشطة الفنية، يخلق للمريض شعورا بأنه جزء من محيط عائلي داعم، ويمنحه مساحة آمنة للتعبير والتذكر، بحسب حتر.

من الأمثلة على ذلك، تم تنظيم فعالية للرسم لمرضى الزهايمر، شاركت فيها سيدة تعاني من العزلة الاجتماعية والحزن، من خلال الرسم، عبرت عن مشاعرها وذكرياتها الجميلة بدون كلمات، مما أظهر كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة للتعبير الوجداني دون الحاجة للغة.

 

 

دور وزارة الصحة

يواجه الأردن عدة تحديات في التعامل مع مرض الزهايمر، من أبرزها قلة الوعي المجتمعي  حول المرض، ونقص الموارد المتاحة للتشخيص والعلاج والرعاية،  وتعمل الحكومة والجمعيات المتخصصة على بذل الجهد لزيادة الوعي بالمرض وتوفير المزيد من الموارد.

وللحد من هذه التحديات، قامت وزارة الصحة بالتعاون مع جمعية العون لرعاية مرضى الزهايمر بتطبيق تكنولوجيا الرعاية الصحية، بهدف تحقيق شراكة ناجحة لتوفير الرعاية الصحية المنزلية ذات جودة عالية للمرضى وتبادل الخبرات لرفع الوعي بمرض الزهايمر وتوفير معلومات عن طرق الدعم والمساعدة للمرضى وعائلاتهم.

ويساعد تطبيق "سواعد"  مرضى الزهايمر المتواجدين بالمنزل أو عائلاتهم للوصول إلى خيارات متعددة من مزودي خدمات الرعاية الصحية المنزلية الذين تم اختيارهم بعناية شديدة والمتواجدين بشبكة تطبيق سواعد وطلب خدمات الرعاية الصحية الشاملة وذات الجودة العالية لتقدم براحة بيوتهم.