الشهيد الجازي يعيد إلى الواجهة مشاعر الغضب الشعبي ضد جرائم الاحتلال

الرابط المختصر

"جازي عليهم يا شعب جازي" هذا الشعار انتشر بسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو واحد من ردود الفعل الشعبية في الشارع الأردني بعد الإعلان عن منفذ عملية إطلاق النار على الجانب الفلسطيني من جسر الملك حسين الشهيد ماهر الجازي يوم الأحد، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين.

الشعار المستوحى من أغنية فلسطينية، أصبح رمزا يتداوله الناشطين للشهيد الجازي، حيث تصاعدت ردود الفعل الشعبية بعد الكشف أن الجازي من جنوب الأردن، وخرج الآلاف في مسيرة في منطقة وسط البلد، وتم توزيع الحلوى في بعض المناطق في المملكة، تعبيرا عن فرحتهم بالعملية التي جاءت في ظل تصاعد التوتر بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي، حيث أعادت هذه الحادثة إلى الواجهة مشاعر الغضب والتضامن مع القضية الفلسطينية.

كما دعت الحركة الإسلامية إلى المسيرة التي حملت شعار "من الكرامة للكرامة"، وشارك فيها حشد كبير من الأردنيين الذين أدوا صلاة الغائب على روح الشهيد الجازي، كما أُطلقت الألعاب النارية احتفالا بالعملية.


 

من الشهيد الجازي

منذ إعلان اسم منفذ العملية، تزايد الاهتمام بالبحث عن هويته وتفاصيل حياته، ليتضح أن ماهر الجازي، عسكري متقاعد من القوات المسلحة الأردنية، عمل سائق شاحنة، ولد عام 1985 في إحدى قرى محافظة معان، وهو متزوج وأب لستة أطفال، كما تبين انتماؤه لعشيرة الحويطات.

كما تداولت عدة روايات حول عائلته، تبين أن الشهيد ينتمي إلى نفس العشيرة التي ينتمي إليها الشيخ هارون الجازي، قائد معركة القسطل في القدس عام 1948، واللواء مشهور حديثة الجازي، أحد قادة معركة الكرامة عام 1968.

في بيان رسمي، حملت عشيرة الحويطات مسؤولية العملية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبرة أن "دم ابننا الشهيد ليس أغلى من دماء أبناء شعبنا الفلسطيني، ولن يكون آخر الشهداء".


 

الجازي يعبر عن غضب الشارع

يرى المحلل السياسي الدكتور حسن الدعجة أن هذه العملية تعكس غضب الشعب الأردني بمختلف مكوناته، حيث أن ما قام به الشهيد ماهر الجازي هو تجسيد لما يفكر فيه كل مواطن عربي تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدا أن القضية الفلسطينية ليست شأنا فلسطينيا فقط، بل هي صراع عربي إسرائيلي شامل.

ويشير الدعجة إلى أن هذه الحادثة تحمل رسائل واضحة، أبرزها أن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنه الاعتماد على عقلية القلعة أو القوة العسكرية المتقدمة، مهما توفر له من دعم أمريكي بأحدث الأسلحة والطائرات، فإرادة الشعوب، بحسب الدعجة، أقوى وأصعب في التنبؤ بما قد تقوم به.

ويعتبر أن الاحتفال الشعبي الأردني بهذه العملية كان وكأن كل مواطن أردني هو من نفذها، ما يعكس دعم الشعب  العميق للقضية الفلسطينية، وهذا الدعم أعطى جرعة من الأمل للشعب الفلسطيني وأظهر أن الأردنيين يقفون بجانبهم، مضيفا أن الشعوب الأردنية والعربية لا تقبل بالاحتلال ولا الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الإنسانية.

كما أن الخطاب الرسمي الأردني، الذي يؤكد مرارا أن حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين هو المفتاح لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، يعبر بدقة عن مشاعر ومواقف الشعب الأردني، بحسب الدعجة.

تداعيات الحادثة 

قبل عملية " طوفان الأقصى " وتشهد العلاقات الأردنية الإسرائيلية توترا متصاعدا، حيث تفاقمت بسبب تداعيات الحرب الاسرائيلية على غزة، ومواقف إسرائيل تجاه الأماكن المقدسة في القدس، خاصة الحرم القدسي،  وسط تأكيدات للأردن أنه يحتفظ بدور للوصاية الهاشمية.

يشير الخبير السياسي أسامة الشريف إلى أهمية انتظار نتائج التحقيق من الجانب الأردني، إلى أن تداعيات الحادثة داخل إسرائيل باتت واضحة، حيث تشعر إسرائيل بالعزلة والغضب، خاصة تجاه الأردن، مشيرا إلى خصوصية العلاقات بين الشعبين الأردني والفلسطيني، وهو ما يعكسه استمرار التظاهرات منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي، مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى"،  مضيفا إلى أن الموقف الرسمي الأردني كان قويا في هذا السياق.

على الصعيد الرسمي، يؤكد الشريف أن العلاقات بين الأردن وإسرائيل متوترة للغاية، خصوصا مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، حيث ازدادت التوترات بعد أحداث السابع من أكتوبر، إلى جانب استمرار عملية تهويد المسجد الأقصى، والتصريحات الاستفزازية من الحكومة الإسرائيلية، والأحداث الأخيرة في الضفة الغربية.

كما يشير الشريف إلى أن العملية كانت فردية، وليست مرتبطة بأي تنظيم أو دولة، على عكس ما تدعيه إسرائيل بربطها بإيران كجزء مما تسميه "محور الشر".

صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب الحادثة قائلا "نحن محاطون بأيديولوجية قاتلة تقودها إيران ضمن محور الشر"، وقد لاقى تصريحه تأييدا في الشارع الإسرائيلي.

هذه التداعيات قد تؤدي إلى تعزيز السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الجسور، مما قد يزيد من التوترات الأمنية بين الأردن وإسرائيل، بحسب الشريف، محذرا من أن الحكومة الإسرائيلية قد تتخذ خطوات قد تؤثر على حركة الشاحنات والمساعدات المتجهة إلى قطاع غزة، وكذلك على حركة المسافرين عبر الجسور التي أغلقت من الجانبين الفلسطيني والأردني.

وكانت أعلنت إدارة أمن الجسور الأردنية يوم الاثنين عن "إغلاق جسر الملك حسين أمام حركة المسافرين والشحن حتى إشعار آخر."

من جانبها تؤكد وزارة الخارجية وشؤون المغتربين أن التحقيقات الأولية تؤكد أن الحادث الذي قتل فيه مطلق النار عمل فردي، مشددة الوزارة على موقف الأردن الثابت في رفض وإدانة العنف واستهداف المدنيين لأي سبب كان، والداعي إلى معالجة كل الأسباب والخطوات التصعيدية التي تولده.

وتؤكد الوزارة أن الأردن مستمر في جهوده وتحركاته الإقليمية والدولية المستهدفة التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، ووقف التصعيد الخطير في الضفة الغربية وصولاً إلى تهدئة شاملة وإطلاق جهد سياسي حقيقي يعيد الأمل بإمكانية تحقيق السلام العادل والدائم على أساس حل الدولتين، ويحمي المنطقة كلها من تبعات استمرار التدهور الذي يكرس اليأس والتطرف، ويفجر دوامات العنف والقتل ويدفع ثمنه الجميع.