حالة من السخرية عمت شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن، حول قرار مجلس الوزراء الأخير بتحديد كمية السجائر التي يسمح للمسافر حملها من معبر جابر الذي يربط بين الأردن، وسوريا، في محاولة من الحكومة لتعويض خسائرها من السجائر المهربة.
القرار تسبب مساء الجمعة باندلاع أعمال في مدينة الرمثا المتاخمة لمدينة درعا السورية، والتي تعتمد بشكل أساسي على التجارة بين البلدين، الأمر الذي اعتبره مواطنو المدنية "تضييقا عليهم".
بينما سخر أردنيون من اعتماد الاقتصاد الأردني على عائدات السجائر كبند مهم في إيرادات الدولة، وتأثر الموازنة بعمليات التهريب واللجوء الى السجائر الإلكترونية، واطلق ساخرون مقولة (صبّح ع البلد بكروز دخان) على غرار، صبح على مصر بجنيه. الخبير الاقتصادي، رئيس تحرير موقع المقر، سلامة الدرعاوي، يقول لـ"عربي21" إن "إيرادات الحكومة الأردنية من الرسوم على التبغ وحدها تبلغ مليار ومائة مليون دينار، مما يشكل 26% من الإيرادات المحلية".
وانتقد الدرعاوي لجوء الحكومات الاردنية للضرائب والرسوم، بعد انتهاجها برنامج التخاصية الذي جاء للأسف وليدة حاجة الدولة المُلحّة للمال لكي تسدّ به التزاماتها تجاه الدائنين، مما أدى إلى اعتماد الخزينة على محدودية من الدخل المتأتي لها وهو في الغالبية من عوائد الضرائب والرسوم المختلفة.
الحكومة الأردنية، تقول علي لسان وزير المالية عز الدين كناكرية، إن إيراداتها من الرسوم على التبغ تراجعت بنسبة 100 مليون دينار؛ بسبب عمليات التهريب، وانتشار السجائر الإلكترونية". اعتماد الحكومة الأردنية على الرسوم والضرائب المفروضة على التبغ والمركبات والمحروقات، كانت كفيلة لإطلاق دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لاقالة الحكومة وفريقها الاقتصادي، وتغيير النهج القائم على "الجبابة". يتساءل الكاتب الساخر أحمد حسن الزعبي، "هل يرضي نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر ما يجري بالرمثا الآن؟ ما رأيك تزيد الخبزات تا تشوف وجع الأردني؟...حكومة حماقات حقا". كما يستغرب أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، اعتماد اقتصاد الدولة على إيرادات التبغ "ثمانية ملايين أردني،٣٠جامعة، خمسين حزب، نقابات مهنية اقتصاديين، خبراء وإدارة عريقة و٩٦ ألف كيلومتر مساحة واقتصادنا دخان." اما الاعلامي اسامة جيتاوي، علق قائلا "حكومة الرزاز مأزومة خصوصا بعد الأرقام المخيبة لآمالهم بعد فرض الضريبة ورفع أسعار الدخان،تخيل حكومتك أملها تبيع دخان للناس أكثر عشان تسد عجزها ولاحقه الي جاي من السفر وطالع من المطار ع كروز دخان". ولم ينسى الأردنيون استحضار أكبر عملية تهريب للسجائر في تاريخ البلاد والتي عرفت بـ"امبرطورية مطيع"، وعلق الصحفي حازم صياحين،"10 سنوات وامبراطورية مطيع للدخان تعمل و تتمدد وتتوسع داخل الوطن بغطاء متنفذين ومافيات وخسر اقتصاد البلد مليارات، واليوم كروز دخان ازعج حكومتنا والرمثا مغلقة الآن احتجاجا على قرار الكروز". ويعرب الكاتب الصحفي مالك عثامنة عن قلقة حول ما يجري في مدينة الرمثا، مطالبا العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني التدخل، واعادة الدولة للدستور، والدستور للدولة، قائلا لـ"عربي21" إن "كل ما يحدث يوميا من أزمات يوحي أن هناك قوى شبحية في البلد على صيغة عصابات". مستغربا الهجوم على البحارة (اسم يطلع على ناقلي البضائع بين الحدود) و اتهامهم بالخروج عن القانون في ظل وجود فساد أعلى في الدولة وغياب تطبيق القانون على الجميع. داعيا الى قراءة البيان الغاضب الذي أصدره البحارة، لما له من إشارة لتورط متنفذين بعمليات تهريب و ارتباطات إقليمية واستخدام المحتجين مصدرو البيان لأسم "تنسيقية" على غرار ما كان يحدث في سوريا. من جهتها جددت الحكومة الأردنية في بيان صحفي اليوم السبت التأكيد على أنّ الإجراءات التي اتخذتها بهدف منع التهريب جاءت لحماية المجتمع وأمنه ومواطنيه واقتصاده من مخاطر تهريب المخدّرات والسلاح والدخان. مشددة أنها "تفهّم تماماً الظروف الصعبة التي عاشتها المدينة خلال السنوات الماضية، جرّاء إغلاق الحدود بسبب الأوضاع الأمنيّة في سوريا، شأنهم شأن غالبيّة محافظات ومدن المملكة؛ مؤكّداً أنّ الحكومة لديها رؤية شاملة للحدّ من هذه المشاكل، والارتقاء بالواقع التنموي والاقتصادي والاجتماعي في جميع المحافظات، ووفق الإمكانات المتاحة.".