"الدرونز الإيرانية" تقنية تثير مخاوف الأردن

الرابط المختصر

تصريحات غير مسبوقة أدلى بها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لشبكة "سي أن أن" كشف من خلالها عن "تعرض المملكة العام الماضي إلى هجمات بطائرات مسيرة تحمل تواقيع إيرانية".



مخاوف الأردن من التواجد الإيراني بالقرب من حدوده الشمالية ليست بالأمر الجديد، فقد حذر العاهل الأردني وقيادات أمنية من مد شيعي بعدما سيطرت مليشيات إيرانية وشيعية على مناطق واسعة في الجنوب السوري، وخصوصا في مدينة درعا التي يتواجد فيها المعبر الأساسي (نصيب-جابر) لتبادل البضائع بين البلدين والذي توقف عن العمل منذ سنوات.





تنخرط المملكة في حلف استراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي أسست في سنوات الحرب بسوريا غرفة لدعم فصائل المعارضة السورية (الموك) لمواجهة داعش، إلا أن الغرفة توقفت عن العمل في عام 2018، ليعود النظام ليسيطر على مناطق الجنوب السوري بالتعاون مع مليشيات إيرانية.



الملك كشف في مقابلته مع الـ"سي أن أن" أن "حوادث إطلاق النار على حدودنا تزايدت تقريبا إلى الدرجة التي كنا عليها خلال ذروة القتال مع داعش. وللأسف، فقد هوجم الأردن بطائرات مسيرة تبين أنها تحمل تواقيع إيرانية وكان علينا التعامل معها".



الخبير العسكري الأردني اللواء الطيار المتقاعد د. مأمون أبو نوار، لا يخفي أيضا في حديث لـ"عربي21"، المخاوف الأردنية من توسع النفوذ الإيراني، ويصف هذا النفوذ بـ"الناتو الإيراني المكون من أربع دول عربية، هي سوريا ولبنان والعراق واليمن، بحدود ثلاثة آلاف ميل".



وحذر أبو نوار من خطورة الطائرات المسيرة التي تتقنها إيران والمليشيات التي تدعمها والتي "غيرت مفهوم الحرب الجوية في المنطقة" على حد قوله.



ويضيف أن "الدرونز أداة من أدوات الحرب الحديثة التي تهدد أمن أي دولة ولأن الرادرات العالمية لم تصمم للتعامل مع هذه الأسلحة، فإن قدرة الأردن على إسقاط هذا النوع من الطائرات المسيرة يدل على احتراف عال المستوى وأن هناك استراتيجية دفاعية متينة في التصدي لمثل هذا الهجوم".



واعتبر أبو نوار أن "الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والعراق في أيلول المقبل، ونقل معدات عسكرية أمريكية إلى الأردن "ما هو إلا إعادة تموضع لوسائل إنذار مبكرة أمريكية لصد النفوذ الإيراني في المنطقة".



"عربي21" تواصلت مع السفارة الإيرانية في عمان، للحصول على رد حول تصريحات العاهل الأردني، إلا أنها لم تجب على استفساراتنا، كما لم تجب وزارة الدفاع الأمريكية عن استفسارات "عربي21" حول أسباب وأهداف نقل معدات أمريكية إلى الأردن.



"الأردن قادر على مواجهة أي تهديد"



بدوره أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة في الأردن اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، في تصريحات صحفية في وقت سابق أن "القوات المسلحة تقف بكل قوة وحزم أمام أي تهديد أو مساس بمقدرات الوطن من خلال سعيها المستمر في توظيف استراتيجياتها على الواجهات الحدودية".



المحلل الاستراتيجي، وأستاذ العلوم السياسية، د. عامر السبايلة، يقول لـ"عربي21" إن "الطائرات المسيرة هي إحدى أهم التقنيات الإيرانية في المواجهات والتي دخلت بصورة واضحة في كردستان والعراق، وهي تقنية أكثر جدوى وأقل كلفة من الصواريخ وبالتالي فقد تم تبنيها من قبل الكثير من الفصائل الموالية لإيران وبالتالي فليس من المستغرب الحديث عن مثل هذا الهجوم، ولا شك أن للأردن تخوفات كبيرة في هذا الموضوع".



ويتابع: "تواجد القوات الأمريكية مرتبط بملف أكبر في المنطقة والتخوف من انهيارات أمنية في لبنان والعراق وسوريا، فبالتالي فإن جزء منه احتواء خطر الدرونز الذي انتقل من أيدي دول إلى أيدي مليشيات، فالمخاوف مبررة والوجود الأمريكي يخدم في عملية المواجهة".



وبدأ التدخل الإيراني في سوريا منذ عام 2012 إلا أن وتيرته زادت في 2014 من خلال دعم مليشيات شيعية محلية وأجنبية سيطرت على المطارات العسكرية، بينما سيطر حزب الله على عدة مواقع عسكرية كانت تابعة لقوات النظام في الجنوب السوري، تحديداً في المنطقة الفاصلة بين محافظة السويداء ومحافظة درعا، من بينها مطار الثعلة العسكري، وكتيبة الدفاع الجوي في السويداء، وتعد هذه المواقع من أبرز القواعد المتقدمة التي تسيطر عليها إيران من خلال حزب الله، بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل، بحسب مراكز دراسات استراتيجية.



"موقف أردني غير واضح"



واعتبر المحلل العسكري العقيد الطيار السوري المعارض، حاتم الراوي، أن إعلان الأردن عن هذه الضربات بطائرات إيرانية مسيرة "بعد إعلانه عن مشروع الشام، يجعلنا نقع في التباس لم تتضح معالمه".



يقول لـ"عربي21": "فهل ردّت إيران على مبادرته ردّاً صادماً جعله يبدأ حالةً من التصعيد، علماً بأني أميل إلى أن إيران التي تعلم أن الأسد المتهاوي مستعدٌّ للانتقال إلى أي حضن قد ينقذه فبدأت التصعيد من جهتها مع الأردن لقطع الطريق على مبادرته، الصورة القادمة من الأردن ما زالت مشوشة خالية من الوضوح والحديث عنها يحتاج إلى متابعة أكثر لعلّها تتضح أكثر".



ويضيف: "بعد عودة الملك عبدالله من اجتماعه ببايدن، صرّح بأن الرئيس السوري هو الرئيس الشرعي وتقدم بمبادرة أطلق عليها اسم مشروع الشام، كل ما ورد على لسانه كان بمثابة نقلة نوعية لخروج الأردن عن خط التصريحات القريبة من هذا المنحى إلا أنها كانت تأتي من وراء حجاب".



هذا وتحكم المليشيات الإيرانية والشيعية قبضتها على المعبر الحدودي بين الأردن وسوريا تحت مسمى الفرقة الرابعة.



وتتنافس قوتان على المشهد في الجنوب السوري المحاذي للحدود الأردنية الشمالية، هما الفيلق الخامس وهو مدعوم من روسيا وهو خليط هجين من جيش حر سابق، وأبناء المنطقة، وجيش نظامي، ويقدر عدده حسب أرقام غير رسمية بـ15 ألف عنصر بقيادة أحمد العودة ويتمركز ببصرى الشام، ودرعا.



أما القوة الثانية فهي الفرقة الرابعة التابعة للنظام وبإشراف ماهر الأسد، والتي تعتبر غطاء للوجود الإيراني وحزب الله، وتسيطر على جميع النقاط في معبر نصيب.