الباقورة والغمر تصد بواباتها بوجه الإسرائيليين

يقف مجموعة من الجنود الأردنيين المسلحين امام بوابة اسمنتية ضخمة تحمل على صورا للملك عبد الله الثاني ووالده الراحل الملك حسين في منطقة الباقور (شمال العاصمة على الحدود مع اسرائيل) وقد أغلقوا البوابة الواصلة بين المملكة، وإسرائيل رافعين العلم الاردني كما بثت قناة المملكة الرسمية الأحد.

 

 البوابة التي كان يستخدمها مزارعون اسرائيليون لدخول مزارعهم قبل تاريخ 10\نوفمبر، لمنطقة الباقورة التي تعرف بالجانب الإسرائيلي "جزيرة السلام"، لم تعد ترحب بالمزارعين الإسرائيليين بعد أن عادت تلك الأرض للسيادة الأردنية الكاملة، يوم الأحد الماضي.

 

وينطبق ذلك على منطقة الغمر الواقعة بالقرب من طريق البحر الميت القديم داخل الأراضي الأردنية بشكل طولي، بمساحة 4000 دونم، وجميعها مناطق زراعية خصبة غنية بالمياه الجوفية، عادت هي الأخرى للسيادة الأردنية.

 

استعادة الأردن لمنطقتي الباقورة، والغمر (400 كم جنوب العاصمة) بعد أن اتفق الأردن وإسرائيل في معاهدة السلام (1994) على تطبيق نظام خاص  يضمن "حقوق ملكية أراض خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية ويعطي اسرائيل حق الانتفاع في الأرض"، ويبقى هذا الوضع -وفقا للملحق 1(ب) في الاتفاقية- نافذ المفعول لمدة خمس وعشرين سنة، ويجدد تلقائيا لفترات مماثلة ما لم يُخطِر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته بإنهاء العمل بهذا الملحق قبل سنة من انتهائه، وهذا ما قامت به الحكومة الأردنية العام الماضي (12/10/2018) عندما أخطرت الجانب الإسرائيلي تحت الضغط الشعبي أنها لا ترغب في التجديد.

 

"سأذهب مع عائلتي في نزهة واقوم بشوي اللحوم في الباقورة"، بعفوية يعبر سائق التاكسي الأردني ابراهيم النجار عن أمله بزيارة الأرض التي احتلتها إسرائيل في 1950.

 

إلا ان المنطقة مازالت منطقة عسكرية مغلقة لا يدخلها المدنيين الا بتصريح أمني خاص من الجيش الأردني، منطقة تقول اسرائيل إن الأردن سمح لمزارعيها  تمديد الانتفاع بها حتى 30 إبريل/ نيسان المقبل لحين قطاف ثمار محاصيلهم التي زرعوها قبل انتهاء الملحقين الخاصين في 10/ نوفمبر.

 

الخارجية الأردنية لم تنكر اعطاء المزارعين الاسرائيليين مهملة لقطاف محاصيلهم، لكن ضمن شروط معينة ، وحسب بيان وزعته وزارة الخارجية الأردنية على وسائل الإعلام، تحت اسم مصدر في الوزارة  قال إن " الأردن مارس حقه القانوني الذي جسدته الاتفاقية بعدم تجديد الملحقين ويحترم التزامه القانوني أيضا باحترام أي حقوق تأتت من الاتفاقية وهي محصورة في احترام الملكية الخاصة في الباقورة والسماح بحصاد ما كان زرع قبل انتهاء العمل بالملحقين في الغمر وفق القانون الأردني".

 

وحسب الخارجية الاردنية "لا تمديد ولا تجديد للملحقين الخاصين في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية اللذين صدر بموجب هما نظامان خاصان نظما حق الانتفاع الذي منحته الاتفاقية لإسرائيل".

 

"فيما يتعلق بالباقورة أقرت اتفاقية السلام بملكية خاصة ل٨٢٠ دونم وأن الأردن سيسمح لأي مواطن إسرائيلي يثبت ملكيته الحصول على تأشيرة دخول من السفارة الأردنية في تل أبيب لدخول المملكة عبر الحدود الرسمية وستحترم حق الملكية حسب القانون الأردني ووفقه، أما بالنسبة لأراضي الغمر البالغة ٤٢٣٥ دونم فهي أراضي مملوكة للخزينة منحت الاتفاقية اسرائيل حق انتفاع منها انتهى الاحد 11/10 بانتهاء العمل بالملحقين."  يقول المصدر في الخارجية.

 

وبين أن "المملكة وفق التزامها القانوني ستسمح بحصاد ما كان زرع قبل انتهاء العمل بالملحقين، لكن حسب القانون الأردني ووفقه إذ ستمنح تأشيرات دخول للمزارعين من خلال السفارة في تل أبيب للدخول للمنطقة حسب القانون ومن دون أي من الاستثناءات التي كانت ممنوحة وفق الملحق. "

 

ملكيات خاصة

وما زالت تواجه الأردن مشكلة الملكيات الاسرائيلية الخاصة في تلك الأراضي، وتعود قصة الملكيات الخاصة في الأرض الأردنية إلى عام 1926، عندما منحت سلطات الانتداب البريطاني شركة الكهرباء الفلسطينية المملوكة لبنحاس روتنبرغ، أحد قادة الحركة الصهيونية، حق امتياز توليد الطاقة الكهربائية، عن طريق استخدام مياه نهري الأردن واليرموك ليبيع روتنبرغ لاحقا الأراضي إلى الوكالة اليهودية.

 

الخبير في القانون الدولي، أنيس القاسم، يرى ان على الحكومة الأردنية التأكد أن تلك الممتلكات امتلكت بصورة شرعية وقانونية، طبقاً للقوانين الأردنية. إذا ثبتت قانونية وشرعية الممتلكات، يُعامل الإسرائيلي معاملة المستثمر الأجنبي. الأملاك من حق الإسرائيلي وهو يستفيد منها إلا انه لا يستطيع الادعاء بسيادة إسرائيل على مزرعته أو أراضيه لأنه يخضع للسيادة الأردنية، وهو كأي شخص أجنبي يشتري بيتا أو مزرعة في الأردن، وتطبق عليه القوانين الأردنية مهما كانت جنسيته.

 

وحسب القاسم “يجوز للإسرائيلي الامتلاك في الأردن، وفق معاهدة السلام، إذ ألغى الأردن قانون المقاطعة، وأصبح للإسرائيلي حق التملك في الأردن كما للأردني حق التملك في إسرائيل”.

 

فرحة أردنية

النائب في البرلمان خليل عطية يصف شعوره باستعادة الباقورة والغمر بـ"النصر العظيم"، يقول " فرجة كبيرة عارمة استرجاع هذه الأرض الخصبة، وكأن جزء من جسدي عاد لي، عادت الأرض لأصحابها، جميع الشعب الأردني كان تواقا لاسترجاع أراضيه، اليوم الفرحة دخلت بيت كل مواطن اردني، اشرك الملك عبد الله الثاني الذي رفض تجديد انتفاع اسرائيل بهذه الأراضي".

 

وفور استعادة الأردن للاراضي أعلنت "داﻻس" إحدى كبرى شركات السياحة الأردنية، عبر موقعها على الفيسبوك عن قرب "رحلات سياحية الى منطقة الباقورة والغمر".

 

 وقال،أمجد المسلماني النائب السابق ومالك شركة داﻻس للسياحة "قررت افتتاح مسار سياحي جديد إلى الغمر والباقورة وإلى الريف الأردني الشمالي وستبدأ داﻻس بإعداد برامج سياحية متكاملة للاردنيين والأجانب لتعريفهم على المناطق المستعادة من الاحتلال".

 

منذ 69 عاما لم تطأ أقدام اردنية منطقتي الباقورة (شمال العاصمة) والغمر (في الجنوب)، وهي مناطق زراعية تمتاز بتوفر المياه الجوفية، الملك عبد الله الثاني اعلمن الأحد خلال افتتاح الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر أن الأردن  "سيفرض سيادته الكاملة على كل شبر من الباقورة والغمر". وبالتزامن مع كلمة الملك في البرلمان رفع الجيش الأردني علم الأردن على منطقة الباقورة.

أضف تعليقك