اتصال الملك مع نتنياهو.. كسر للجليد أم رغبة أمريكية؟
في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات أجرى الملك عبد الله الثاني اتصالا مع زعيم حزب الليكود رئيس حكومة الاحتلال المكلف بنيامين نتنياهو وهنأه بفوزه في الانتخابات.
الاتصال يأتي بعد حقبة توتر كبيرة بين الطرفين، حيث لم يهاتف الملك عبدالله نتنياهو أو يلتقيه منذ سنوات.
وكانت قد تدهورت العلاقات بين الأردن والاحتلال الاسرائيلي في ظل تحالف ترامب ونتنياهو إثر معارضة الملك بشدة خطة الرئيس السابق دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط أو ما عرفت بـ"صفقة القرن".
"كسر للجليد و علاقات مستقبلية معقدة"
الوزير الأردني الأسبق الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان، يرى أن "اتصال الملك بنتنياهو يهدف لكسر الجليد، خاصة أن الأردن يحرص دائما على تحييد العلاقات الشخصية عن القضايا السياسية، وتاريخيا ينظر النظام الأردني للأمور من زاوية المصالح الأردنية".
يقول لـ"عربي21": "هذا لا ينفي أن هناك توترا واضحا وملموسا على صعيد العلاقة السياسية خلال فترة بنيامين نتنياهو، وكانت هنالك رغبة أردنية بعدم عودته، وشهدنا تحسنا في العلاقات الأردنية الإسرائيلية خلال فترة غيابه عن رئاسة الحكومة الإسرائيلية".
يتابع: "هناك قناعة لدى صانع القرار في عمان بأن نتنياهو لديه أجندة معادية للأردن، إلى جانب وجود تصورات كانت لدى عمان بتورط إسرائيلي و إقليمي بقضية الأمير حمزة أو ما عرفت بقضية الفتنة".
وبحسب أبو رمان فإن "ما قام به الملك إجراء روتيني، خصوصا أن نتنياهو تم تكليفه بتشكيل الحكومة، إلى جانب أن هناك عملا على تحييد ملف شخص نتنياهو، ولكن هذا لن يؤثر على الخلافات العميقة بين الأردن وإسرائيل حول ملفات عديدة، وعمان تتوقع الأسوأ من عودة نتنياهو خاصة أنه قد يأتي بحكومة غير مسبوقة من التوجهات اليمينية، وهناك إدراك في عمان أن هنالك انقلابا وتحولا كبيرا في الموقف الإسرائيلي من الأردن فلم تعد الدول القومية مصدر تهديد لها، أصبح التهديد داخليا ديمغرافيا فلسطينيا".
ويعتقد أن "الأمور ستكون معقدة مستقبلا في العلاقة بين الأردن وإسرائيل؛ بسبب وجود اتفاقيات ابراهيمية وقعت مع الإمارات، وهناك اتفاقيات وقعت بين الأردن وإسرائيل على الصعيد الاقتصادي، في نفس الوقت هناك صدام على الصعيد الدبلوماسي باعتقادي سيستمر، اليوم الأردن سينتظر شكل الحكومة الإسرائيلية القادمة، لكن ما خفف وطأة الأمر على الأردن هي نتائج الانتخابات الأمريكية النصفية التي لم تؤد إلى انتصار كبير للجمهوريين، ما يجعل من الأمريكيين مصدرا مساعدا لامتصاص الاحتقان المتوقع مع نتنياهو".
محطات من التوتر
قائمة التوتر طويلة التي سببها نتنياهو للأردن مخلفا صداعا كبيرا لدى السلطات الأردنية، كان هناك استهداف واضح للوصاية الهاشمية على المقدسات التي تم انتهاكها من خلال اقتحامات المتطرفين ومحاولة نشر بوابات إلكترونية على مداخل الأقصى، وفي 2014 قتل القاضي الأردني رائد زعيتر على جسر الملك حسين، وحادثة مقتل أردنيين على يد رجل أمن في السفارة الإسرائيلية في2017 واستقباله استقبال الأبطال من قبل نتنياهو، وصولا إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة 2018 والتحالف مع دول عربية في محاولة لإيجاد دور لها على حساب الوصاية الهاشمية.
ومن محطات التأزيم تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في أيلول/ سبتمبر 2020 بضم أراض في غور الأردن، وشمال البحر الميت، في حل شكل الحكومة المقبلة، الأمر الذي دفع الملك الأردني إلى القول بأن "خطوة كهذه سيكون لها أثر مباشر على العلاقات بين الأردن وإسرائيل، وإسرائيل ومصر".
اهتمام اعلامي إسرائيلي بالاتصال
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي يقول لـ"عربي21": "اهتمت وسائل الإعلام العبرية بخبر اتصال الملك عبد الله مع نتنياهو المكلف رسميا بتشكيل الحكومة، وحظي الخبر بتغطية واسعة، وتضمنت التحليلات أن هذا الاتصال يأتي على خلفية المخاوف الأردنية من تشكيلة الحكومة الجديدة، وإمكانية الإضرار بالوضع القائم والمس بالوصاية الهاشمية على المقدسات، خصوصا إذا ما جرى تعيين بن غفير وزيرا للأمن الداخلي حيث إن هنالك مخاوف أردنية من أن يكون بن غفير مسؤولا عن الأقصى".
ويضيف: "ما يلفت الانتباه أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ومراسليها للشؤون العربية كانوا يرصدون حتى اللحظة أي إعلان رسمي من الطرف الأردني عن موضوع الاتصال".
واعتبر أن "الاتصال حنكة سياسية من الملك عبد الله الثاني الذي وضع الكرة في ملعب نتنياهو باعتباره بداية للرغبة بفتح صفحة جديدة في العلاقة لعل ذلك يؤخذ في الحسبان عند تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وخصوصا أن نتنياهو كما رشح من الإعلام العبري خلال قمة شرم الشيخ للمناخ بعث إلى الجانب الأردني تطمينات في ما يتعلق بالحفاظ على الوضع الراهن في الأقصى".
"بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية"
الكاتبة والمحللة السياسية لميس أندوني، تحذر في حديث لـ"عربي21"، أن "نتنياهو لا يمكنه طي الملفات خصوصا ملف ضم الضفة والأغوار، الضم يجري على الأرض بشكل تدريجي".
وتقول: "الملك عبدالله الثاني لا يثق بنتنياهو، ربما الاتصال جاء بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية، وربما عبر الملك عن مخاوفه في الاتصال، خصوصا أنه يتم تصوير نتنياهو الأقل تطرفا مقارنة مع المتطرفين جدا بن غفير وسموتريتش".
وكان الملك عبد الله الثاني قال الأحد الماضي في خطاب العرش الذي ألقاه في افتتاح الدور الثاني للبرلمان، إن "حل القضية الفلسطينية يبدأ بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكداً أنها "على رأس أولوياتنا".. مجددا على موقف الأردن من حل الدولتين "وهي على رأس أولوياتنا ولا سبيل لتجاوزها إلا بحل عادل وشامل يبدأ بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
هذا ولم يصدر أي تعليق رسمي أردني حول الاتصال وفحواه.