تمكين المجتمعات المحلية اقتصاديًا: دعم الصناعات الصغيرة في الأردن
يعتبر تمكين المجتمعات المحلية اقتصاديًا أحد العناصر الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي في الأردن، وتحقيق المعايير الدنيا لتحقيق دمج مختلف مكونات المجتمع للاستفادة من عوائدها التنمية وبخاصة الفئات الهشة أهمها النساء، إذ يمكن أن يساهم تعزيز القدرات الاقتصادية للأفراد والمجموعات، بخفض معدلات البطالة والفقر وتحسين مستوى المعيشة لتلك الفئات أو أغلبها.
تقول الأستاذة الدكتورة أمل الخاروف، المتخصصة في الاقتصاد الاجتماعي والتنمية المستدامة، أن المشاريع الصغيرة تلعب دورًا حيويًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ تسهم في نشر ثقافة الأعمال الحرة وتقليل الاعتماد على الوظائف الحكومية، ما يؤدي إلى زيادة إنتاجية الفرد وخفض معدلات البطالة، مشيرة إلى "أن هذه المشاريع ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمشاريع الاقتصادية الكبرى، ما يعزز تنوع مصادر الدخل القومي وزيادة الصادرات، إذ أثبتت التجارب أن المشاريع الصغيرة تمثل محورًا أساسيًا لتوسيع القاعدة الإنتاجية وتحفيز النمو الاقتصادي".
إلا أن هذه الفرصة الهامة لتمكين الفئات العشة اقتصاديا تواجه تحديات عديدة، بحسب الخاروف، موضحة "أن من أبرز المشكلات التي تواجه أصحاب المشاريع: مشكلة البيع بالدين، والتي تؤثر على تدفق السيولة، ضعف التسويق وقلة المعرفة بالقوانين الداعمة، المنافسة مع المشاريع الكبيرة، ضعف مهارات التواصل مع العملاء، بالإضافة إلى نقص التدريب والخبرة اللازمة لتطوير المشاريع".
وهو ما يؤكده الشيف أبو طوق وهو اللقب الذي اختارة كأحد المشاهير (المؤثرين) على منصة انستغرام معبرا عن تجربته مع مشروعه الخاص بصناعة الكيك، مشيرًا إلى وجود منافسة كبيرة وصعوبات في تأمين دخل يكفي لتغطية مسؤولياته الشخصية والعائلية. رغم ذلك، أبدى التزامه بمواصلة العمل على مشروعه الخاص وتعزيز علامته التجارية، مؤكدًا أهمية التحلي بالصبر في مواجهة التحديات.
ومن جهة أخرى أشارت المحامية الأستاذة إسراء المحادين إلى تجربة ناجحة لدعم المشاريع الصغيرة في محافظة الكرك، من خلال سوق جارا القلعة، وهو سوق تراثي ينفذه مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب بالتعاون مع بلدية الكرك الكبرى ووزارة الثقافة ووزارة السياحة، وبدعم من برنامج دعم البلديات الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية.
أوضحت المحادين أن السوق يهدف إلى: تمكين أصحاب المهن والحرف اقتصاديًا من خلال توفير منصة تسويق ملائمة، والترويج السياحي لمحافظة الكرك التي تزخر بالمواقع السياحية، لكنها شهدت تراجعًا في الإقبال خلال الفترة الأخيرة، ويتم وضع معايير صارمة لاختيار المشاركين في هذه الأحداث عادةً خصوصاً الذين لديهم مشاريعهم الخاصة بهم، حيث تختار اللجنة المختصة والتي تضم مديرية الثقافة والسياحة وبلدية الكرك المنتجات اليدوية عالية الجودة لضمان رضا الزوار. وأكدت المحادين أن السوق يستهدف المنتجين وليس البائعين فقط، مما يساعد العديد من خريجات الجامعات، ممن لم يجدن فرص عمل، على دخول مجال الصناعات اليدوية وإنشاء مشاريعهن الميكروية والصغيرة.
وتصنف المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية جيدكو (جهة رسمية لدعم المشاريع الصغيرة في الأردن، المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى ثلاثة قطاعات، وهي الصناعة والتجارة والخدمات. وينقسم كل قطاع إلى ثلاث فئات، وهي متناهية الصغر، والصغيرة، والمتوسطة، وتتباين جميعها في عدد الموظفين والعوائد السنوية.
تعد المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة، بحسب بيان على الموقع الرسمي لغرفة صناعة الأردن أساس وجوهر التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، باعتبارها منطلقاً أساسياً لزيادة القدرة الإنتاجية للاقتصادات الوطنية، وقدرتها الكبيرة على المساهمة في حل مشكلتي الفقر والبطالة، وتعزيز مبدأ التوزيع العادل للدخل، وتنمية المجتمعات المحلية في المناطق الأقل حظاً، وغيرها العديد من المساهمات المتنوعة.
إذ تشكل المنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة ما يقارب ما نسبته 99.5% من إجمالي المنشآت الاقتصادية العاملة في المملكة، وتشغل ما يقارب 60% من إجمالي القوى العاملة، ولعل أبرز ما يميز المنشآت الصغيرة والمتوسطة كمصدر لتوفير فرص العمل هو مساهمتها في توفير ما يزيد على نصف فرص العمل المستحدثة سنوياً في الإقتصاد الأردني، وفقاً لما ورد في مسوحات فرص العمل المستحدثة والمنشورة من قبل دائرة الاحصاءات العامة.
وبالرغم من هذه المساهمات المتميزة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة على صعيد توفير فرص العمل والتشغيل، إلا أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وحصتها من الصادرات الوطنية لا تزيد عن 10% من إجمالي الصادرات وفقاً لدراسات مركز التجارة العالمي.
يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة شبكة الإعلام المجتمعي/راديو البلد وبرنامج النساء في الأخبار ضمن مبادرة الأثر الاجتماعي SIRI.