“البدون” في الأردن: مواطنون خارج القانون

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- منيرة الشطي

 

فئة “البدون” أو من لا يتمتعون بأية وثيقة تعرف بهويتهم، موجودون بيننا في الأردن لا في بعض دول الخليج التي يمثل ملف البدون من أهم ملفاتها المحلية.

 

وقد تعالت أصوات من مناطق الأغوار مؤخرا، تطالب بضرورة الحصول على الجنسية الأردنية، فعدد فئة “البدون” في الأغوار الوسطى غير محدد أو معروف حتى اللحظة لأسباب قد يربطها البعض بالسياسة.

 

إلا أن أصحاب الحق، كما يرون أنفسهم، يحاجون بأنهم أردنيون في الأصل ولم يأتوا من الخارج، حتى أن بعضهم يرد أصله إلى عشائر أردنية لها جذورها الضاربة في الأرض.

 

يتحدث عدد من هذه الفئة في لواء ديرعلا، لفريق عمل برنامج “صوت الأغوار”، عن أوضاعهم وحقهم في الحصول على الجنسية الأردنية من باب أن لكل عربي مقيم في أراضي المملكة الأردنية الهاشمية الحق بالجنسية بعد 15 عاما، فكيف هو الحال بالنسبة للذين يرون أنهم أردنيون أصلا وفصلا؟

 

ويتساءل مواطنو هذه الفئة عن الأسباب التي تدفع مجلس رئاسة الوزراء لرفض طلب الحصول على الجنسية الأردنية، ليتمكنوا من التمتع بالحقوق المدنية.

 

فئة “البدون” في الأردن جاءت من مختلف الدول العربية وعاشت في الأردن منذ أكثر من أربعين عاما وتقدموا بطلبات عدة للحصول على الجنسية الأردنية ولكن دون نتائج.

 

ويرفض مجلس الوزراء طلبات الحصول على الجنسية الأردنية دون إبداء الأسباب، وهو ما تسبب بتفكك أسرة الشاب “محمد علي” البالغ من العمر 21 عاما، والذي يعيش في بيت عمه لعدم مقدرته على تأمين مسكن له ولإخوته.

 

ويتحدث محمد عن عائلته ووالده الذي عمل لمدة ثلاث سنوات في الجيش الأردني وهو يحمل شهادة ميلاد فقط، وخرج من الجيش بشهادة إخراج، ومنذ ذلك الوقت بدأت معاناة العائلة المكونة من 5 أفراد؛ فهذه العائلة لم تجد من يعولها لأن الوالد من فئة بدون الجنسية ولا يحق له العمل في دوائر رسمية ولا حتى الأهلية لعدم وجود ما يثبت هويته.

 

ويضيف بأن ظروفهم الصعبة دفعت الأب إلى اللجوء إلى السرقة ليجد قوت يومه وليوفر مصاريف المنزل، “فغياب وثائق رسمية جعل من السجن رفيقاً دائما لوالدي الذي توفي”.

 

والحال في عائلة “محمد” لا يختلف كثيراً عن عائلة “مريم المساعيد” التي تحمل شهادة ميلاد أردنية ولكن بجنسية “غير معينة”، كما هو موثق في الشهادة، حيث تعيش عائلتها في الأردن منذ عام 1967 بعد قدومهم من أريحا في الضفة الغربية، مقابل أجر مالي بسيط.

 

وتقول “المساعيد” إنها تضطر للعمل في المزارع تحت أشعة الشمس الحارقة وتحت أمطار الشتاء، هو العمل الممكن لعدم قدرتها العمل في دوائر حكومية.

 

وقامت “مريم” قبل سنتين باستبدال شهادة الميلاد الأردنية بأخرى فلسطينية، وتؤكد أنها تعاني وعائلتها من تأمين أقل ما يمكن ليعيشوا حياة كريمة.

 

وأشارت إلى أن شقيقتها الكبرى تحملت ظلم وإهانة زوجها لمدة ثلاث سنوات لأجل الحصول على الجنسية كونه أردنيا ويحق له منح زوجته الجنسية الأردنية بعد مرور ثلاث سنوات على زواجهما.

 

ومعاناة عائلتي “مريم ومحمد” تجد مكانها أيضاً لدى عائلة السيدة “منال عبد الله بدندي” التي تتمتع بالجنسية الأردنية، إلا أن باقي أسرتها المكونة من زوج وطفلين لا يتمتعون بأية وثيقة.

 

“زوجي يعمل مقابل مبلغ لا يلبي حاجياتنا حيث لا وجود لمساعدات أو تأمين صحي يشمل أبنائي”، تقول “منال” التي لا تريد لطفليها أن يعيشا حياة والدهما الصعبة، وهو ما دفعها لطلب المساعدة واللجوء إلى جهات رسمية والنتيجة “وعود دون تنفيذ”.

 

انتقلنا إلى عائلة أخرى مكونة من عشرة أبناء، وهي عائلة “نعيمة عبد أبو عطايا” وهي أردنية الجنسية والأب يبلغ من العمر 73 عاماً.

 

تؤكد “نعيمة” أن زوجها مريض بالقلب وما زال يعمل لهذا اليوم كراعٍ للأغنام لسد بعض من مطالب حياته وتضيف إن ابنتيها تفوقتا في المرحلة الثانوية لكن لم يستطعن مواصلة التعليم الجامعي لتردي وضعهم المادي.

 

وتشير إلى أن شخصاً طلب منها مبلغاً قيمته 12000 دينار أردني مقابل الحصول على الجنسية لأبنائها وخفض المبلغ ليصل إلى ثلاثة آلاف دينار بعد معرفته بأنها لا تملكها ولا تستطيع تأمين مبلغ مالي كبير بهذا الحجم فهم بالكاد يحصلون على لقمة العيش.

 

وفي ظل حاجتهم للجنسية تبرز أنواع مختلفة من النصب والاحتيال إحداها عروض منح الجنسية بمبالغ قد تمتلكها بعض العائلات في حال قررت بيع المصاغ وصرف المدخرات وهو ما حصل مع عائلات التقيناهم.

 

وتقول نعيمة إن ابنها البالغ من العمر 31 عاماً يرفض الزواج قطعياً بحجة أنه لا يريد أن ينجب أطفالا يرفضهم المجتمع ويعيشون المعاناة التي عاشها أخوته وباقي أسرته.

 

واعتبر الناشط الحقوقي مدير “مركز جذور لدراسات حقوق الانسان” الدكتور “فوزي السمهوري” أن عدم منح فئة “البدون” جنسية أردنية هول انتهاك لحقوق الإنسان ومخالفة للاتفاقيات والقوانين الدولية لحقوق الإنسان الموقع عليها الأردن، ومخالف للدستور الأردني الذي يعطي حق التجنيس بعد مكوث الشخص 15 عاماً في الأردن، لذا فإن الأردن ملزم بالاعتراف الطبيعي والتلقائي بالتمتع بالجنسية لهولاء.

 

وتقول المديرة التنفيذية في مجموعة القانون “ميزان” المحامية والناشطة “إيفا ابة حلاوة” إن عدد فئة “البدون” في مناطق الأغوار بالمئات، مؤكدة أن عدم منحهم جنسية أردنية مخالف لحقوق الطفل ومخالف للقوانيين الدولية ويترتب عليه الكثير من المشاكل الاقتصادية والتعليمية لعائلات فئة “البدون”.

 

ويتساءل مواطنون عن الأسباب التي تمنع الحكومة منحهم الجنسية الأردنية ليتمكنوا من العيش على الأراضي الأردنية ويتمتعوا بكافة الحقوق المكفولة في الدستور الأردني.

 

أضف تعليقك