ماذا لو كنت لاجئة في الزعتري

الرابط المختصر

-,وثائقيات حقوق الإنسان - محمد شما

اللجوء عذاب إنساني وتشريد وغربة قصرية عن الوطن لكنه أمرٌ حتمي عندما تهدد حياتك وتشرد من منزلك وتشعر أنك لست في مأمن عن الموت.

 

اللجوء هو المسافة الفاصلة ما بين الحياة والموت، هذا حال اللاجئين السوريين الذين وجدوا في الأردن ملاذا آمنا من القتل وعدم الامان في بلدهم سورية. لكن هذا الملاذ يبقى أشد وطأة عند كثير من النساء اللاجئات اللواتي يواجهن معاناة مضاعفة من متابعة أوضاعهن وأوضاع أطفالهن.

 

ربما الحديث عن المعاناة يبقى نظريا لكنه يبقى أكثر إيلاما عند حديثنا مع لاجئات وهو ما حصل خلال زيارتنا للزعتري.

 

معاناة لاجئات بأطفالهن

الثلاثينية "أم طلال" حالها كما تقول لنا سيبقى ثانويا أمام حال ابنتها "اريام" ٨ أعوام التي تعاني من ربو شديد، فلا خيار لها من إعانة طفلتها من هذه الأوضاع لتجد في قرارة نفسها مستسلمة لا تقوى على أخذ خيارات بديلة؛ فلا خيار غير الزعتري وليس سوى الزعتري للإقامة الإجبارية حتى تعود سورية كما كانت.

 

"لا أملك حلا لمساعدة ابنتي لأجل الوقاية من هذه الأجواء والأتربة، فالهواء الذي نتنفسه محملا بالأتربة والحرارة المرتفعة، ولا يوجد طبابة مناسبة لها غير الانتقال إلى موقع آخر”.

 

زمن الزعتري

تبدي بعض اللاجئات السوريات أسفهن من هذا الواقع الذي يعشنه في الزعتري، ويتحدثن "لوثائقيات حقوق الإنسان" عن تفاصيل حياتهن اليومية وكيف هي حياتهن في زمن اللجوء.

 

أم طلال، حملت معاناة طفلتها أريام من دمشق إلى المفرق، وتقول أن ابنتها "تعاني من ربو شديد وما وجودنا في الزعتري إلا مضاعفة أكبر لوضعها الصحي، ورغم محاولاتي الحثيثة لإبقاءها داخل الخيمة وزيارة العيادات الطبية لأكثر من مرة".

 

بمقدور "أم طلال" تحُّمل معاناة مخيم الزعتري لكن طفلتها لا تقوى على ذلك، هذا تحدي يؤرق أمية دوما والتي لم تتوقف من سرد معاناة وصولها وعائلتها إلى الأردن عبر الشيك الحدودي.

 

“لم أتوقع ما حصل معنا، وكأنه فيلم عشناه"، تقول فاطمة لاجئة وأربعة من أطفالها. تقول أن أحد اطفالها البالغ من العمر ٨ أعوام يعاني من وارتفاع في حرارته ولم تستطع عرضه على الأطباء إلا بعد جهد بسبب الاكتظاظ لكن خالته مستقرة وهي غير متأكدة من بقائه متحسنا.

 

للمسنين نصيب

المسنة فريزة ناهزت ٨٤ عاما لم تشأ اللجوء إلا بعد إصرار ابنائها في اخراجها من منزلها عنوة بعدما وصل القصف إلى قريتهم "صوّرة" في درعا، تقول أنها اضطرت مرغمة على الهروب "كي لا أموت".

 

"لا نريد الموت لا نريد دمار أريد العودة لمنزلي بسلام، طول عمرنا عايشين بسلام"، فريزة.

 

فيما اطلقت صوتها عاليا الحجة "عرب" متأثرة من أوضاع حفيدها الصحية والذي ولد حديثا حيث الظروف البيئية تزيد من معاناة الطفل في التنفس، “انظروا يا عالم علينا انظروا اطفالنا واحفادنا الله اكبر عليك يا بشار تالي هالعمر نتبهدل هالبهدلة".

 

السيدة "روضة" تجد في طعامهم "سماً" جراء الأوضاع الصعبة فاحتياجات النساء باتت "مشاعا" أمام مرأى الجميع، "نحن نعاني النساء كثيرا ولا نقوى على هكذا أوضاع اذهب وتحدث مع جميع اللاجئات سيقلن لك انهن يتمنين العودة إلى سورية رغم الاوضاع الخطرة هناك".

 

إحدى الناشطات في الإغاثة ترصد عن قرب معاناة النساء في مخيم الزعتري، ترى أن النساء ليس فقط في الزعتري وإنما في أي بقعة في العالم تعاني دائما اللاجئة معاناة أكبر بالمقارنة مع الرجال اللاجئين، بدء من تحملها صعاب اللجوء وتحمل مسؤوليات أبنائها فضلا عن عدم اكتراثها بصحتها.

 

"شو يعني لاجئ" الحجة فريزة تساءلت بحزن، متابعة حديثها لنا بالقول: "يعني اللاجئ يا ولدي انك تهرب عشان ما تموت من صواريخ المقصوف بشار وتفل من الموت لذل اللجوء وما بايديك شي غير الله وكرت اللاجئين الي كنا نشوفو عند الفلسطنيين هذا يعني لاجئ”.

 

يبلغ العدد الكلي للاجئين السوريين بالمخيم وفق اخر الاحصائيات 27 الف لاجىء سوري، هذا التعداد المتزايد يؤثر على فرص حصول اللاجئين وتحديدا النساء والأطفال على خدمات أفضل.