قصص عن زواج موقوفات إداريات

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- ليندة معايعة- موقوفة ادارية ... من سجن النساء لبيت الزوجية

 

 

 

المشروع ينهى معاناة 70 نزيلة خلال العامين الماضيين

 

 

 

زفت "فرح" من وراء قضبان سجن النساء قبل عدة اشهر إلى عريسها من دون فستان أو طرحة بيضاء أو حتى معازيم لكن عرسها الحقيقي كان نيلها لحريتها بعد 9 سنوات حبست وعنونت في السجلات كأقدم موقوفة إدارية.

 

 

 

"فرح" كانت تتمنى ان تخرج من السجن الذي عاشت داخل أسواره لحمايتها من قتل أشقائها لها لم تمانع ان قتلت على بابه ولا الموت على سرير داخله.

 

 

 

اليوم تبدلت الحال من خلال برنامج "بيوت صديقة " التي تنفذه جمعية معهد التضامن النسائي بعد ان ساعد 24 نزيلة من مركز إصلاح وتأهيل النساء في إتمام عقود زواج وتمثيل عُضْل الولي كانت "فرح" احدى هؤلاء الحالات خلال السنوات الثلاث الماضية.

 

 

 

وتتلخص حكاية "فرح" – وهو اسم مستعار- بظلم عاشته داخل عائلتها دفعها إلى الغرام برجل غير اردني وسافرت معه إلى بلده الا ان الشرطة القت القبض عليه لتهربه من التجنيد وعادت هي إلى الأردن ليلقى القبض عليها من قبل الشرطة بسبب تعميم عائلتها وتغيبها عن المنزل 5 أيام فتم توقيفها من قبل الحاكم الإداري خوفا على حياتها من القتل على أييد أشقائها ليكون السجن ملاذا لها لسنوات.

 

 

 

ولم ترغب "فرح" بإعطاء تفاصيل اكثر عن ظروف قضيتها التي أدخلتها السجن وتكتفي بالقول "لا أريد أن أتذكر ما حدث معي".

 

 

 

رجاء "فرح" بالخروج دفعها في أيام كثيرة إلى كتابة رسائل بعثت بها لإدارة السجن وجمعية تضامن النساء تعبر فيها عن رغبتها في العمل كخادمة لدى أي مريض أو مسن أو معاق بشرط إيوائها ولان الله انعم عليها في حالة طبية نادرة بـ 3 كليات فلم يكن لديها أي مانع بالتبرع بكلية أو اثنتين مقابل الإفراج عنها أو إيوائها.

 

 

 

تبدل حال فرح التي دخلت السجن بعمر 27 وغادرته بعمر 36 عاما بعد منحها فرصة جديدة، يكون لها بيت خاص فيها وزوج يخاف عليها ويقدرها ويشعر بألمها ويعوضها عن أب مزواج وأشقاء لم يرحموا عودها النحيل الذي صب عليه جام غضبهم جراء غيرة زوجاتهم منها فانهال كل واحد منهم بضربها اما بالقنوة أو صفع على الوجه نتج عنه ثقب في طبلة أذنها.

 

 

 

وفي بيتها الصغير التي زارته "العرب اليوم" احتمت بإحدى العشائر الأردنية التي وفرت لها الحماية بشكل خاص وبعيد عن اعين أهالي المنطقة لها ولزوجها من تهديد عائلتها حسب ما قالته وهي تحبس دمعتها، وقام أهل الخير من سكان المنطقة بتقديم بطانيات وفرشات ما كان له الأثر الكبير في نفسي هذين الزوجين.

 

 

 

"فرح" سردت قصتها التي بدأتها عن حب والدتها لها ولشقيقاتها وما جرى بعد وفاتها قائلة "أمي كانت تحميني وشقيقاتي من ضرب أشقائي أو عقاب والدي فهو شخص مزواج كان قد تزوج 6 نساء حسب معلوماتي وذلك قبل 8 سنوات والآن لا اعلم ان تزوج غيرهن، فامي كانت مراسلة في احدى الدوائر الرسمية تعمل من اجل توفير لقمة العيش لنا الا انها مرضت وأصبحت مقعدة لفترة لنتناوب على رعايتها حتى توفاها الله ".

 

 

 

وتابعت " كان أشقائي الأربعة متزوجين وكل واحد منهم يسكن في منزل كنت اعمل خادمة في منازلهم وبعد انتهاء العمل في منزل احدهم كنت اذهب لمنزل الآخر واحيانا كثيرة كانت زوجاتهم لا يرضين بالتنظيف والغسل والطبخ وغيرها من الأمور، عندها كنت اعلم أني سأضرب أو اصفع وهذا الأمر كان يوميا يمارس علي وزاد العنف والإساءة بعد وفاة والدتي واحيانا كان والدي يعاقبني بعدم دخول منزله بالأعياد أو المناسبات كون شقيقاتي من زوجاته كنا يختلقن قصصا من اجل دفع والدي أو اشقائي لضربي".

 

 

 

تكمل فرح حكايتها "لم اكن متفوقة بالمدرسة لكني كنت من الطالبات الراغبات بالدخول للجامعة ودراسة القانون كون معروفة بشخصيتي القوية ولهذا منعت من مواصلة الدراسة في سن الـ 14 سنة من قبل اشقائي ووالدي ولم يقتصر المنع على ذلك فقط بل وصل إلى حد منعي وشقيقاتي من الخروج من المنزل".

 

 

 

وأضافت "في احدى المرات صفعني شقيقي بيده على وجهي فأصبت بثقب في أذني الاثنتين ومن جراء ضربهم على ظهري بالقناوي اصبت بقصر الأربطة فلا استطيع الانحناء بشكل طبيعي "

 

 

 

وتواصل "بعد وفاة والدتي بسنتين ونصف زاد حجم العنف والإساءة والتنكيل بي من قبل أشقاءي حتى أولادهم وبناتهم كانوا يختلقون أي سبب من اجل قيام أي من أشقاءي بضربي وتعذيبي".

 

 

 

 

 

 

 

الافراج عن فرح

 

 

 

فرح فتحت فصلا جديدا من حياتها وتحدثت عن خوفها عندما افرج عنها "بداية كان عندي خوف كبير فكنت أتلفت يمينا وشمالا مرعوبة.. ومع مرور الوقت وبعد ان اعتدت على وضعي الجديد كمتزوجة أخذ الخوف يتلاشى شيئا فشيئا ".

 

 

 

وقالت "الخوف من قتلي أعادني إلى عشيرتي، كنت ابحث عن الأمان ودخلت دخالة لشيخ العشيرة ورويت له قصتي، أنا جزء من عشيرة في النهاية ولا احد يعرف حقيقتي سوى عدد اقل من أصابع اليد الخمس.. وتحققت مشيئة الله ربنا بيستر وأنا سترني الله سبحانه وتعالى بعد زواجي من رجل محب لي".

 

 

 

وتستذكر يوم خروجها من باب السجن ورغم وجود خطورة على حياتها الا انها أمنت بقضاء الله وقدره وقالت عن ذلك اليوم الذي خرجت به ليست موقوفة بل عروس" لم اصدق انه تم الإفراج عني.. وكل من في السجن يعلم ان عائلتي هددت بقتلي .. كان نفسي أرى الشارع من جديد وأبقى امشي على التراب وبين الحجار .. لم اصدق نفسي وأنا أشاهد المطر مع إضاءة الشوارع .. المطر لم اره منذ منذ زمان طويل".

 

 

 

وتابعت "بكيت عندما أبلغت بخروجي كنت خائفة ان لا أغادر ابدا جدران السجن..الخوف من موتي داخل السجن كان اكبر من قتلي على بابه .. كنت اردد دائما اعطوني فرصة ان اصل للباب أخرجوني ودعوني أموت على بابه .. خروجي من السجن كان أشبه بمعجزة فلولا المحافظ لما خرحت منه ابدا".

 

 

 

زواج "فرح" من "راضي"

 

 

 

"راضي" هو اسم مستعار ايضا لزوج "فرح" البالغ من العمر 51 عاما ويعاني بالأساس من ظروف صعبة، بساطته يمكن لمسها من طريقة استقباله ودموعه لضيوفه خاصة عندما يستذك رحاله كيف كان قبل الزواج من فرح وكيف تغير حاله للأفضل. ويقول "أصحابي لاحظوا الفرق وبشهادة الجميع حال اصبح افضل بعد الزواج".

 

 

 

ولدت فكرة الزواج من"سجينة" خلال وجوده في بازار لمراكز إدارة الإصلاح والنزلاء لتقديم أعمال النزلاء والنزيلات وتبلورت الفكرة لديه عندما تبادل الحديث مع احد ضباط إدارة المراكز الذي بادره الأخير بسؤال عن وضعه وان كان عليه أية قيود أو أسبقيات الأمر الذي نفاه بالمطلق له.

 

 

 

عندها طلب منه الضابط مراجعة الإدارة وعن ذلك قال "التقيت أحد الضباط وطرحت فكرة زواجي من نزيلة حيث جرى التنسيق مع جمعية معهد تضامن النساء وتمت الموافقة بشرط ان تكون الموقوفة مظلومة وكانت هي "فرح"، وتزوجنا رغم الصعوبات التي واجهناها في بداية الأمر حيث استغرقت الإجراءات لاتمامها أكثر من 7 اشهر".

 

 

 

وفي يوم الإفراح كان راضي ينتظر زوجته في مركبة خاصة وكانت هي في مركبة أخرى تعود لإدارة مراكز الإصلاح والتاهيل تنظر عبر نوافذها تشم رائحة الحرية من جديد تلامس يدها حبات المرة كأنها أول مرة هذا، هو شعورها الذي عاشته إلى أن وصلت إلى بيتها.

 

 

 

راضي في يوم المرأة العالمي كرم زوجته "فرح" بشتلات ورد اصفر واحمر قام بزراعتها لها بحديقة صغيرة أمام سور المنزل تقديرا لحبه لها وتكريما لها في يومها.

 

 

 

 

 

 

 

بيوت صديقة خلصت فرح من قضبان السجن

 

 

 

مشروع "بيوت صغيرة" الذي تنفذه جمعية المعهد النسائي الأردني ساعد اكثر من 200 موقوفة وعن المشروع تقول المحامية أنعام العشا إن الجمعية تبنت ومنذ العام 2008 مشروع "بيوت صديقة" من خلال التعاون المتميز مع إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل في مديرية الأمن العام والذي يستهدف بشكل رئيسي النساء والفـتيات ضحايا العـنف والتمـييز خصوصـا القائـم علـى خلفيـة ما يسمى (بقضايا الشرف).

 

 

 

وحول الصعوبات التي واجهتهم في قضية "فرح" التي تبنتها الجمعية قالت: "ان والد فرح رفض ان يكون وليا لها عند عقد القران".

 

 

 

ولفتت "العشا" إلى إقامة دعوى عضل ولي استنادا لقانون الأحوال الشخصية لدى المحكمة المختصة في مكان سكن عائلتها وبالتعاون مع المحافظ ومسؤول لجنة القضايا الأمنية.

 

 

 

وقالت: "حصلنا على كتاب من القاضي موجه لوالد فرح للحضور للمحكمة وسماع رأيه في زواج ابنته الا انه لم يعثر في البداية على عنوان صحيح له وكانت العناوين التي يبلغ بها عناوين مضللة".

 

 

 

وتابعت "استنكف والد فرح الحضور مرتين وطلب من المحافظ تبليغه رسميا بالحضور للمحكمة وبالفعل حضر وابلغه القاضي برغبة ابنته الموقوفة 9 سنوات الا ان والدها ابلغ القاضي لا علاقة له بها وان اشقاءها سيقتلونها".

 

 

 

"السجن ليس جامعة وليس منزل وبالتالي هناك دائما فرصة لبداية جديدة وهناك مؤسسات سترعى فرح فلنمنحها فرصة اخرى ونستر عليها" اقتباس نقلته العشا على لسان القاضي الشرعي الذي اراد منه استعطاف والدها ليكون وليا لابنته الا انه رفض قطعيا ومبلغا المحكمة "عدم قدرته على حماية ابنته من يد أشقاءها الذين ينوون قتلها".

 

 

 

تقول العشا "هذا الأمر أوجب القاضي على الزام والدها بكتابة تعهد خطي بذلك وكانت نقطة البداية لمتابعة إتمام إجراءات الزواج، وتم كتابة عقد القران ومنع المراجعين من دخول المحكمة لحين إتمام الإجراءات ووسط إجراءات أمنية تم نقل العروسين إلى مسكنهما الجديد".

 

 

 

اليوم "فرح" حامل وتغير حالها وأصبحت حرة وتلقت ايضا أول هدية لطفلها من زوجها وهو حرام لون ازرق، وفتحت بقالة صغيرة داخل منزلها تبيع السكاكر والشكولاته وربطات الشعروغيرها بعد منحها فرصة جديدة للحياة.

 

 

 

برنامج "بيوت صديقة" حل مشاكل (85) نزيلة مع اسرهن وتم دربت 41 نزيلة على مهارات استخدام الحاسوب والانترنت ومساعدة 3 نزيلات بالحصول على فرصة عمل بعد خروجهن من المركز.

 

 

 

 

 

 

 

كما قدم البرنامج خدمات الإرشاد القانوني والاجتماعي والنفساني والمتابعة الادارية والتمثيل القضائي لـ 106 نزيلات.

 

 

 

وحرصت الجمعية من خلال هذا المشروع على الوصول إلى الضحايا من النساء والفتيات سواء الموقوفات إداريا والمحكومات داخل مراكز الاصلاح والتاهيل أو المهددات بالخطر في حال علم الاهل بحقيقة تورطهن اجتماعيا بعلاقة ما أو قد تكون أحيانا مستغلة جنسيا من احد أفراد العائلة أو الأقارب ممن هم موكلون بالأصل بتوفير الحماية والرعاية لها.

 

 

 

 

 

 

 

الحمود: بيوت صديقة أنهت معاناة 70 نزيلة

 

 

 

من جهته أشاد مدير مراكز الإصلاح والتاهيل العميد د. وضاح الحمود بالجهود التي تبذلها جمعية معهد تضامن النساء وتحديدا مبادرة إنهاء مشكلة توقيف بعض السيدات ادرايا والمتحفظ عليهن بما يدعى "قضايا الشرف" والتي انطلقت من مشروع بيوت صديقة تحت إشراف المحامية أنعام العشا واجرائها لمقابلات مجموعة من النزيلات ودراسة حالاتهن وقامت على اثرها بالتنسيق مع الإدارة والحكام ألإداريين المعنيين لوضع حلول لكل حالة على انفراد والتشبيك مع ذوي النزيلة والشريك في القضية إن وجد.

 

 

 

وقال العميد الحمود: إن مشروع "بيوت صديقة" أنهى معاناة ما يقارب 70 نزيلة خلال العامين الماضيين (210-2012) وهذا جهد لا بد الإشادة به بسبب جدية التعامل معها والاستمرارية والمثابرة للقائمين عليها رغم ان مثل هذه الحالات تمتاز بالتعقيد ولكن وبفضل الجهود الجادة تم تزويج وإعادة حالات لعائلاتها بعد توضيح الموقف.

 

 

 

وعن دور مديرية الأمن العام في مثل هذه القضايا أوضح العميد الحمود انه يتجسد في مديريات الشرطة والمراكز الأمنية وادارة حماية الأسرة الذين يتعاملون مع مثل هذه القضايا بشكل مباشر حيث يقوم التعامل على مبدأ السرية ومحاولة إنهاء القضية قبل تفاقمها بالتنسيق مع الحكام الإداريين وهنالك العديد من القضايا التي استطاعت المديرية من التعامل معها بنجاح لكن من خلال إدارة المراكز.

 

 

 

وقال "لا نستطيع وبشكل مباشر ان نقوم بعمليات إنهاء لمثل هذه الحالات وخاصة بموضوع الزواج لأنه قد يطعن بمثل هذه الإجراءات بأن النزيلة لدينا معدومة الرضا حسب ما يدعي بعضهم لذلك فانه يتم التعامل مع هذه الحالات من خلال مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان كجمعية تضامن النساء وغيرها من الجمعيات بحيث تتولى هذه المؤسسات لعب الدور في تقريب وجهات النظر وإنهاء الأشكال إذ يكمن دورنا في تسهيل مهمة مثل هذه المؤسسات على للجمعيات الهادفة".

أضف تعليقك