غياب "العربية" عن مطاعم سياحية تجاوز على حقوق المستهلكين

الرابط المختصر

عن مشروع مضمون جديد لمحمد شما

خرج المواطن فرحان عن صمته عندما زار قبل عدة شهور مطعما سياحيا في العاصمة عمان، صارخا بوجه الموظفين عند تقديمهم قائمة الطعام والأسعار باللغتين الانجليزية والإيطالية.

 

“قلت لهم نحن في الأردن أم في إيطاليا أو بريطانيا أو أميركا، أريد قائمة الطعام باللغة العربية لافهم ما هي وجباتكم ما هي أسعاركم وكأننا في بلد لا ينطق العربية"، يقول فرحان.

 

حتى وقت قريب كانت المطاعم تعتمد على تقديم خدماتها من خلال الاعتماد على اللغات المختلفة من العربية والانجليزية وباقي اللغات حسب أصل المطعم، لكن الحال انقلب عند مطاعم سياحية فضلت تقديم خدماتها بلغات عدة مسقطة اللغة العربية دون أسباب.

 

“قلنا لا مشكلة باسم المطعم لانه إيطالي أو فرنسي، لكن القائمة مقدمة بلغاتهم فهذا يعني لا احترام لنا، أنا في الأردن حيث اللغة الرسمية هي العربية ولا أتقن أي لغة فما المشكلة من وضعها في خدماتهم ما هو الانتقاص في ذلك" يتابع فرحان حديثه ويروي أن مدير الصالة في المطعم قال له أنهم موجودون لأجل المساعدة لإيضاح الخيارات، لكن فرحان لا يجد ذلك بالحل.

 

حق من منظور سيادي

رئيس لجنة حماية المستهلك النقابية، د. باسم الكسواني، تنبه لهذه "الموضة" على حد وصفه وكتب عنها مرارا في الصحف اليومية، ويقول أن المطاعم السياحية تجاوزت الدستور الذي ينص على أن اللغة الرسمية هي العربية، وتجريد خدماتها من تلك اللغة، فهي لا تعني سوى شيء واحد "إنكار اللغة وعدم الاعتراف بها".

 

“قد يقع غبن على المواطنين عندما ينطلي عليهم السعر بسبب عدم معرفتهم بحقيقة اللغة في القائمة المتوفرة على الطاولات، يقول الكسواني.

 

ويضيف أن هذا الموضوع لا يمكن المرور عنه من منظور المستهلكين إنما من زاوية سياسية سيادية، "له وقع سيء على نفسية المواطنين عندما يشعرون أن ثمة هيمنة للغتنا وأينما التفتنا، لا نريد إلغاء اللغات لكن أن تكون مرفقة بالعربية على غرار دول العالم".

 

في كثير من دول العالم، هناك المطاعم العالمية من هندية وفرنسية وإيطالية وإسبانية وتقدم وجباتها بلغاتها واللغة الانجليزية كونها عالمية، لكن مطاعم في عمان، قام معد التقرير بزيارتها فضلت تغييب العربية رغم ارتياد أردنيين وعرب لديهم.

 

الكسواني يجد أن ثمة دور كبير على الوزارات مثل الصناعة والتجارة والسياحة، لأجل وضع أطر محددة للمطاعم السياحية "على ما يبدو هناك قصور تشريعي يستغله الكثيرون وقد لا نلوم أصحاب المطاعم عندها".

 

ولم يخف نائب أمين عام وزارة الصناعة والتجارة حسوني محيلان، امتعاضه من ما آلت إليه المطاعم السياحية مؤخرا معتبرا أن حقوق المستهلكين تتوقف عند حدود المطاعم.

 

ويقول: لا يوجد حماية فعلية للمستهلكين في المطاعم السياحية، ودورنا يتوقف عند حدود الاسعار أو أي شكوى يقدمها المواطن، لكننا نتحرك في هذا الإطار غير ذبك فوزارة السياحة هي المسؤولة في متابعة الشكاوى من جانب أن هذا دورها.

 

لا شكاوى

بدورها، تؤكد وزارة السياحة والاثار أنها دائمة التجوال عبر فرقها التفقدية على جميع المطاعم السياحية وتكثفها في موسم الصيف الحالي, ذلك بهدف الوقوف على الاجراءات المتبعة من قبل هذه المنشآت.

 

خلال جولات فرق الوزارة، تم رصد بعض المخالفات والشكاوى أبرزها المغالاة في الاسعار وفرض تذكرة ورسوم دخول على المطاعم فضلا عن سعر مرتفع على الفاتورة النهائية دون الاعلان عنها مسبقا كانت الشكوى الأبرز لدى وزارة السياحة، ما يشكل مخالفة من حيث ضرورة اعلان صاحب المطعم الرسوم. تطالب الوزارة من جميع المطاعم السياحية بضرورة الاعلان عن اسعارها امام المواطنين والسياح.

 

بحسب أحد المسؤولين في الوزارة، فلم تستقبل حتى اللحظة أية شكوى تتعلق بلغة الخدمة.

 

تستند وزارة السياحة في إصدار مخالفتها على "نظام المطاعم والاستراحات السياحية و تعديلاته رقم 6 لسنة 1997 ” والتي تلزم المادة الخامسة منه المطاعم بضرورة وضع لافتة تحمل اسم المطعم باللغتين العربية والانجليزية وتظهر فيها فئة تصنيفه، واشهار قوائم الاسعار للطعام والشراب في مكان بارز على مدخل المطعم وتقديم لوائح طعام تبين انواعه واسعاره لاطلاع الزبائن عليها.

 

فيما تنحصر مهام أمانة عمان الكبرى في منح الرخصة والتأكد من السلامة العامة والشروط الصحية المرعية، على ما توضح دائرة الرقابة الصحية والمهنية في الأمانة.

 

وتوضح مديرة عام جمعية المطاعم السياحية، إليانا جعنينه، أن هناك إلزامية واستنادا للأنظمة المرعية، فهناك ضرورة حتمية توفير اللغة العربية في المطاعم السياحية إلى جانب اللغات الأجنبية.

 

وتقول جعنينه: “على حد علمي فجميع المطاعم ملتزمة، لكن ثمة مطاعم متخصصة، فنوعية طعامهابالاصل اسمها ليس عربي ولا يمكن ترجمته ومن هنا على القائمين في المطعم توفير اللغةالعربية”.

 

جولة بين مطاعم

في جولة قام بها معد التقرير بين ١٥ مطعما سياحيا يجتذب جمهور المواطنين للوقوف على اللغات التي تعتمدها المطعام تبين أن هناك ٤ مطاعم فقط تستخدم اللغة للعربية في خدماتها إلى جانب اللغات الأخرى أم البقية فلا يوجد استخدام أبدا لها.

 

أحد مسؤولي مطعم إيطالي في جبل عمان، يقول لمشروع مضمون جديد أن خدماتهم محصورة باللغتين الايطالية والانجليزية، ويقول: مدير القاعة مستعد دائما لمساعدة أي من المواطنين من الذين لا يفهون اللغتين الانجليزية والايطالية وهو بديل عن وضعها في ورق".

 

ويضيف أن نسبة كبيرة من مرتادي المطعم من الايطاليين أو الأجانب عموما أو من الأردنيين الذين يتقنون اللغة الانجليزية ولا توجد مشكلة في حصرها باللغتين الايطالية والانجليزية ولم يشتك أحد من ذلك.

 

والحال يتشابه لدى مطعم شهير في أحد فنادق عمان، حيث يعتُبر من أكثر المطاعم اجتذابا لدى الأردنيين،ورغم ذلك فخدماته جميعها تقدم فقط باللغة الانجليزية، يقول أحد مدير تنفيذي فيه أن"قواعد المطعم تحتم علينا الخدمات والقوائم والاسعار باللغة الانجليزية"، معتبرا أن المطعم هو من ضمن سلسلة مطاعم في عدة دول عالمية ولا يمكن القول سوى أنه ضمن سلسلتها وليس خارج السرب".

 

لكن مطعما آخر يقدم خدماته باللغتين العربية والانجليزية، يعتبر أحد مسؤوليه أن أولوياتهم مواكبة جميع المواطنين بكافة ثقافاتهم، "هناك الكثير من المواطنين يحبون الانتقائية ويرغبون ارتياد".

 

أحد العاملين في مطعم فرنسي في منطقة الشميساني، يقول أن خدمات المطاعم جميعها باللغة الفرنسية والانجليزية، ويقول"يُطلب منا دوما توضيح نوعية الخدمات بالعربية إذا كان الزوار محليين أو عرب لكن ثمة سياح فرنسيين يأتون إلى هنا، واعتقد أن ذلك كافيا".

 

حق المواطن واللغة

المحامي والناشط الحقوقي مصلح فرح، يرى أن عدم تقديم الخدمات والقوائم بلغات عدة دون العربية يعتبر مخالفة للأنظمة المرعية، كما ويعتبر "غبن على المواطن الذي قد لا يعي ما هو المطلوب باللغات الأجنبية بالتالي تعدي على حقوقه".

 

ويضيف فرح أن عدم قدرة الزبون على معرفة السعر والتفاصيل ما هو إلا من مسؤولية المؤسسات ذات العلاقة "عليها تحمل المسؤولية"، من حيث حماية حق المواطنين المستهلكين وإعادة الاعتبار للغة العربية فهي لا تقل شأنا عن باقي اللغات العالمية.

 

يشار إلى أن عدد المطاعم المصنفة سياحيا في عموم المملكة 700 مطعم، حيث دخلت على القائمة منذ بداية العام الجاري 2011 ، 25 مطعما ما بين سياحي ووجبات سريعة ومقاهي.

 

 

أضف تعليقك