دراسة: غالبية أكاديمية خاضعة للخطوط الحمراء

أظهرت نتائج دراسة علمية أجريت بين الهيئات التدريسية في جامعات (الأردنية، اليرموك ومؤتة) أن 40٪ من العينة ترى أن “الجهات الرسمية” تفرض قيودا على حرية الرأي داخل الجامعات الأردنية.

وبنسبة 46,30٪ من العينة ترى أنه “لا تتم معاملة الطلبة حسب معايير الكفاءة العلمية والمهنية من جانب أعضاء المجتمع الأكاديمي. فضلا عن عينة 53,35٪ التي ترى أن هناك “خطوط حمر” تضم مواضيع لا يمكن مناقشتها علنا وبحرية، ونسبة 31,54٪ منهم ترى بأن هناك ممارسات إدارية داخل الجامعات.

وفي مؤشر استقلال الجامعات العلمية والمالية والإدارية، فقد أظهرت نسبة 44,15٪ بأن الحكومة تفرض وصايتها على المناهج والبرامج العلمية عبر أدواتها القانونية، في حين تجد عينة 35,95٪ بأن الحكومة تفرض وصايتها عبر الأدوات الإدارية في الجامعة فيما تجد عينة 35,14٪ أن الحكومة تفرض وصايتها عبر “الأجهزة الأمنية”.

وفي سياق التدخلات، تجد نسبة 24,33٪ أن هناك تدخلات من جهات “مجتمعية” غير حكومية ترهب الأكاديميين من خلال اساليب مختلفة؛ من بينها الدعاوى القضائية والاعتداءات البدنية، كما وتبين نسبة 33,24٪ بأن هناك “محاولات استرضاء” هذه القوى المجتمعية.

هذه الدراسة التي أجراها المركز الوطني لحقوق الإنسان بالاشتراك مع مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان ومعهد راؤول ادنبرغ، تناولت واقع الحريات الأكاديمية في الجامعات الأردنية، مستندة على الجامعات الثلاث كنموذج لبناء العينة العلمية من الكادر الأكاديمي الذي بلغ 2582 أستاذا جامعيا بنسبة 24٪ من المجتمع الأكاديمي.

وترى نسبة45٪ من أفراد العينة بأنه يتم “إخضاع التعليم العلمي لغايات خارجة عن نطاق الأهداف العملية التعليمية”، و37٪ بأنه يتم إخضاع البحث العلمي لغايات خارجة عن نطاق أهداف العملية البحثية.

وأفادت نسبة 50,9٪ بأن حق الطلبة في اختيار مجالة دراساتهم “غير متوفرة” بحرية، كما أفاد 50,80٪ أن بأنه يتم التأكيد على حرياتهم الأكاديمية في جامعاتهم. و50٪ أكدت على أهمية الحريات داخل المجتمع الأكاديمي، و56٪ من العينة “ملتزمون بعدم استغلال الحريات”.

وأظهرت الدراسة التي أعلنت اليوم الاثنين في المركز الوطني، أن نسبة 46٪ من عينة المجتمع الأكاديمي ترى أن هناك “حق للمجتمع الأكاديمي في تكوين هيئات تدافع عنه ونقابات لهم”، و54٪ تجد أن حق الطلبة في إدارة شؤون الجامعات غير معمول به.

كما وأفادت عينة 51,60٪ أنها مستعدة لترك الجامعة التي يعملون بها إذا انتهكت حرياتهم الأكاديمية. كما وطالبت نسبة 70,93٪ بحماية الحريات الأكاديمية إذ ما انتهكت لأي من زملائهم.

وفي عودة لمؤشر استقلاليات الجامعات، أفادت نسبة 51,8٪ بأن الحكومة تتعامل مع اعضاء المجتمع الأكاديمي بـ”منطق الولاء والمحسوبية” وعينة 32,27٪ تستخدم الجامعة كمركز للدعاية وترويج افكارها وبرامجها، مقابل 40,32٪ تجد بأنه يتم إخضاع الجامعة لمصالح فئوية وظرفية.

توصيات

وأوصت الدراسة على ضرورة تغيير نمط التعيينات الإدارية بحيث يتم من خلال لجان وطنية تقوم بالإعلان عن هذه الوظائف لجميع الأساتذة ودراسة طلبات جميع المتقدمين بصورة موضوعية لاختيار أكثرهم علما وكفاءة وقدرة على الانجاز والإبداع.

كما أوصت بمنح الجامعات الاستقلال المالي والإداري الحقيقي وفي اختيار القيادات داخل المؤسسة وممارسة الحوار العلمي وإتباع الوسائل العادلة من أجل الحصول على العوائد المالية اللازمة لاداء عملها.

وتعزيز حق أساتذة الجامعات الذين يشتغلون بالمعرفة العلمية إنتاجا ونقدا وتطويرا وتنويرا من خلال رفع مستوى وعيهم ووعي الجهات الرسمية والمجتمع بشكل عام بالحريات الاكاديمية وعدم رهنها بأيدي افراد او اداريين او اي جهة اخرى. والتأكيد على أهمية إعطاء الإدارة الجامعية حرية التصرف في اتخاذ ما تراه من قرارات ملائمة تتعلق بوظائفها، إذا ما أريد لها أن تكون ناجحة وفعالة في أدائها لأهدافها، وأن لا تشكل القيود المفروضة عليها أي عائق أمام الحرية الأكاديمية ما لم تعارض فلسفة المجتمع وقيمه.

وفي التوصيات أيضا ضرورة قيام الجهات الرسمية بتوسيع اختصاصات الجامعات واحترام استقلاليتها وتعزيز ماليتها على أن تكون لها قوة نقابية ترعى مصالح الجامعات وتحسن التفاوض مع الحكومة.

مواءمة التشريعات الناظمة لعمل الجامعات مع المعايير الخاصة بالحريات الاكاديمية والمعايير الدولية لحقوق الانسان.

وإنشاء جمعيات أو اتحادات أو نقابات في كل جامعة وعلى مستوى الاردن ككل، بحيث تتمثل مهمتها في حماية الحريات الأكاديمية ، ومحاسبة من يتعمد الإخلال بمبادئها .

إجراء المزيد من الدراسات التي تبين الحرية الأكاديمية لأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الاردنية الخاصة بما في ذلك الدراسات المقارنة بين الجامعات الرسمية والجامعات الخاصة .

الحقوق الأكاديمية

في كلمته، أكدت المفوض العام في المركز الوطني الدكتور محي الدين توق على أهمية حماية حق الحريات الأكاديمية، “هي قيمة فضلى لا يمكن تجاوزها”، وقارن توق بين الحريات الأكاديمية في العالم العربي مع بعض الدول الأوروبية.

فيما استعرض رئيس وحدة الدراسات في المركز محمد يعقوب أبرز ما حملته الدراسة، معتبرأ أن نشرها في وسائل الإعلام فرصة للحكومة لتراجع ما ساقته الدراسة.

واتفق الرئيس التنفيذي لمركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، د. نظام عساف مع توق في أهمية صون الحقوق الأكاديمية معتبرا أن ثمة جهود بذلت سابقا لأجل التأكيد على حماية وحق المجتمع الأكاديمي في حماية حرياته، وإنشاء تجمعات لحمايته.

هدف الدراسة

وتهدف هذه الدراسة إلى قياس واقع ممارسة الحريات الاكاديمة من جانب الهيئة التدريسية في الجامعات الاردنية الرسمية ممثلة بالجامعة الاردنية وجامعة اليرموك وجامعة مؤته، كما هدفت إلى التعرف على العوامل التي تؤثر على واقع هذه الحريات والعلل الكامنة ورائها من خلال منظور حقوق الانسان، بالاضافة الى معرفة وتحليل أثر متغيرات: الجنس، والتخصص العلمي، ونوع الكلية، وطول سنوات الخبرة العلمية والعملية، والدرجة العلمية، وتولي المهام الادارية داخل الجامعة، ونوع عقد العمل على توجهات عينة الدراسة.

وتكوّنت الدراسة من جزأين: الأول؛ الجانب النظري؛ حول مفهوم الحريات الاكاديمية والاطار القانوني الدولي والمحلي الناظم لها في الجامعات الاردنية، والثاني دراسة ميدانية استخدم فيها المنهج الإحصائي التحليلي، من خلال تصميم استبانه مكوّنة من قسمين : القسم الأول شمل متغيرات الدراسة، وشمل القسم الثاني اربع مجموعات من الاسئلة لقياس مؤشرات ممارسة الحريات الاكاديمية واهدافها ووسائل تحقيقها وتحدياتها والعوامل المؤثرة بها. كما تم تقديم الاستمارة بفقرة توضيحية لاهداف البحث والجهات القائمة على تنفيذه وارشاد المبحوثين إلى كيفية تعبئة الاستبانة والإجابة عليها.

ووزعت الاستبانة على (607) استمارات بنسبة (23.51%) من إجمالي عدد اعضاء المجتمع الأكاديمي العامل في الجامعات محل الدراسة، وهي: الجامعة الاردنية، وجامعة مؤته، وجامعة اليرموك. وقد تم استخدام اسلوب العينة الطبقية في سحب مفردات العينة من مجتمع الدراسة، حيث اعتبرت كل جامعة طبقة وكل كلية فيها طبقة.

وبينت الدراسة ان نصوص الاطار القانوني الاردني الناظم لعمل الجامعات الاردنية لم يتطرق لموضوع الحريات الأكاديمية، التي يتعين على الجامعات أو مؤسسات التعليم العالي كفالتها وضمانها، وكل ما أورده في هذا الصدد لا يتجاوز عبارات عامة ضمن أهداف التعليم العالي حول ضرورة رعاية النهج الديمقراطي وتعزيزه بما يضمن حرية العمل الأكاديمي وحق التعبير واحترام الرأي الآخر وتوفير البيئة الأكاديمية والبحثية والنفسية والاجتماعية الداعمة للإبداع والتميز. كما ان هذا الاطار توسع في منح الصلاحيات والسلطات للحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في إطار الرقابة والأشراف على الجامعات وتنظيم شؤون الإيفاد والأشراف عليه وتقديم القروض والمنح للطلبة وغيرها من المهام والصلاحيات الأخرى التي تخل من استقلالية الجامعات؛ كتعيين رؤوساء الجامعات الحكومية وأعضاء مجالس أمنائها.

وقد تقاطعت نتائج الدراسة الميدانية مع نتائج تحليل الاطار القانوني الناظم لعمل الجامعات الاردنية في بيان العوامل التي تحد من ممارسة اعضاء الهيئة التدريسية للحريات الاكاديمية اثناء عملهم، كما بينت أن مستوى الحريات الأكاديمية لعينة الدراسة يقع ضمن الفترة المتوسطة من حيث الاهمية النسبية.

أضف تعليقك