الدول تتحمل مسؤولية انتحار أفرادها حال إعلانهم

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان - محمد شما-

يًنظر إلى حالات حرق الإنسان لنفسه على أنها ظاهرة اجتماعية سياسية واقتصادية من كونها ظاهرة نفسية بحتة على اعتبار أن للإنسان الحق بالتصرف بجسده لكن ضمن ضوابط تكفلها القوانين الوضعية للبلدان.

 

"حرق النفس هو تصرف ينطوي عليه ضرر كبير للإنسان ما يعني مخالفته لضوابط ترسمها القوانين الوضعية لكل دولة على حدة"، يقول الناشط الحقوقي ومدير مرصد الانسان والبيئة طالب السقاف.

 

ويوضح السقاف أن الانتحار قد يتعاظم في الدول التي تشهد سوء في الأوضاع المعيشية بحيث ﻻ يمكن اعتباره مجرد ظاهرة نفسية إنما اجتماعية وسياسية واقتصادية بالمجمل.

 

في الأردن لم يعُتد على ظاهرة الحرق كالتي شهدها مؤخرا في حرق المواطنين الزعبي والمطارنة الذيس توفي متاثرا بجراحة كسبيل للاحتجاج فهي طارئة ومستلهمة من حادثة حرق بوعزيزي نفسه في تونس والتي اشعلت الثورة هناك.

 

وأصل حرق النفس يعود في جذوره إلى منطقة التبت في الصين حيث كانت الاحتجاجات تتم عبر حرق أنفسهم كاحتجاج على الاوضاع المعيشية.

 

من جانبه، يشرح الدكتور محمد الموسى أن الدولة وفقا لاتفاقيات حقوق الإنسان مسؤولة عن حماية الحق في الحياة فضلا عن القانون الدولي الإنساني الذي لم يحسم بعد جواز الانتحار من عدمه، لكن الكفة ترجح لا تتضمن الحق في انهاء الحياة، ما يعني أن على الدولة ان توفر الحماية للحق في الحياة بما في ذلك حماية الشخص الذي نهي حياته بنفسه.

 

متى يبدأ التزام الدولة في حماية أفرادها؟

يجيب الموسى أنه وفي حالة اعلان الشخص عن نيته الانتحار وحرق نفسه ولم تتخذ التدابير اللازمة للحيلولة دون اتخاذ هذا الاجراء فتكون هناك مسؤولة، لكن في حال اتخذت التدابير المانعة فهي تخلي مسؤوليتها.

 

وتدابير الحماية كما يشرحها الموسى تكمن في اتخاذ تدابير تحول دون اتخاذ الانتحار، من خلال وسائل مناسبة وكفيلة دون الانتحار.

 

وحول حادثة المطرانة، ففي حالة إعلانه عن الانتحارأحمد المطارنة وياسين الزعبي، يعلق الموسى بشكل فرضي أن وفي حالة اعلان المطارنة علنا حرق نفسه وبجدية فهنا قد تكون مسؤولة بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان، أما إذا اخذت التدابير المناسبة وأحرق نفسه فهي غير مسؤولة.

 

حق الإنسان يكمن بحفظ حياته وسلامته وحقه بالتصرف بجسده على اعتبار أنه مرتبط بحق تقرير المصير على المستوى الفردي بحيث يتصرف به كما يشاء لكن التصرف الضار له ضوابط القوانين ولا يمكن التعامل مع الجسد بالمطلق.

 

ويتابع السقاف حديثه أن على الدول الحرص على حماية الإنسان لحياته ومنعها من الحرق وفي حالات قد يعاقب القانون الاشخاص المتواجدين وقت الحريق فضلا عن الاعتبارها جريمة يعقاب عليها.

 

ويضيف الموسى هنا أن هناك مسؤولية أخلاقية للأشخاص المتواجدين وقت حرق الفرد نفسه، وإذا كان أحدا ممثل للأمن العام أو الضابطة العدلية، فهناك مسؤولية

 

تشير حالة الحرق إلى عدم امتلاك الفرد أداة للتواصل مع حكوماته فهو ليس منتميا لحزب أو يملك وسيلة اتصال مع حكوماته أو وسيلة إعلام توصل صوته لأصحاب القرار يعني ما قد يدفعه إلى الانتحار.

 

وفي ظل تطبيق دول مبدأ المسؤولية والتعويض جراء الانتهاكات؛ يقع على عاتق حكومات الدول مسؤولية بذل المزيد من الخطوات التي من شأنها تأمين حماية رسمية لأفرادها في النواحي الاجتماعية والاقتصادي وحتى النفسية من خلال وضع حد للأزمات قبل تفاقمها.

 

بمعنى آخر، يقول السقاف أن الدولة تتحمل مسؤولية انتحار أفرادها ما يعني ذلك من ضرورة إيجاد مراكز صحية نفسية متخصصة للذين يقدمون على الانتحار ولم تنجح محاولاتهم فحتى الذي لديهم النية للانتحار تشملهم تلك المراكز.