هدنة غير معلنة بين "السير" وباصات نقل الطلبة الخصوصي بالزرقاء

هدنة غير معلنة بين "السير" وباصات نقل الطلبة الخصوصي بالزرقاء

اوقفت شرطة سير الزرقاء مؤخرا حملة مخالفاتها في حق باصات نقل الطلبة الخصوصي، وذلك في ما يمكن وصفه بانه هدنة غير معلنة اثارت ارتياح سائقي تلك الباصات، وايضا توجسهم من ان تكون مؤشرا على "الهدوء الذي يسبق العاصفة".

وكانت شرطة السير شنت الشهر الماضي حملة استمرت عدة ايام ضد هذه الباصات بسبب نقلها طلبة المدارس الحكومية مقابل اجر، وبما يخالف صفة ترخيصها باعتبارها مركبات من فئة النقل المشترك الخصوصي.

ومع اشتداد الحملة، وهي الثانية من نوعها خلال العام، عمد عدد من سائقي تلك الباصات والمعروفة شعبيا باسم "الكيا"، الى تنفيذ اعتصام في منطقة الزرقاء الجديدة احتجاجا على ما اعتبروه استهدافا لهم وتضييقا على مصدر رزقهم.

وبالفعل، لم تلبث ان توقفت الحملة اثر هذا الاعتصام، كما يؤكد عبد السلام ابو محمد سائق احد تلك الباصات، والذي قال ان شرطة السير من حينها "خفوا عنا بشكل مش طبيعي".

وقال ابو محمد انه لم يسمع منذ يوم الاعتصام عن تحرير مخالفات بحق اي من سائقي باصات "الكيا" باستثناء المخالفات على حالات السرعة الزائدة والاصطفاف وعدم الالتزام بالشواخص وغيرها.

وكشف عما يوصف بالاتفاق الذي تمخض عنه انهاء اعتصام السائقين، وتضمن "وعدا" من شرطة السير بوقف حملتها ضدهم الى حين ايجاد مخرج قانوني يتيح للباصات الاستمرار في تقديم خدمة نقل الطلبة من والى مدارسهم.

واعتبر ابو محمد ان شرطة السير "وفت بوعدها"، مبينا ان "الحديث يدور عن قرارات ستصدر مع بداية السنة.. ونحن في هذه المرحلة مرتاحون (مع توقف المخالفات)، ولكن نخشى ان يكون هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة".

وكانت هيئة تنظيم النقل البري صرحت مطلع العام انها تعمل على وضع تعليمات لترخيص إنشاء شركة متخصصة لنقل طلبة المدارس الحكومية للحد من ظاهرة نقل باصات "الكيا" للطلبة بمقابل مادي.

وحال كثير من السائقين، فقد عبر ابو محمد عن شكوك حيال هذا التصريح، "لا نعلم ما اذا كانت الشركة التي يتحدثون عنها ستوظف باصاتنا معها ام لا، وايضا لا نعرف ما هي الاسس التي ستضعها لقبول الباص او السائق؟".

ورأى انه في حال تاسست الشركة، فعليها "مراعاة الاقدمية في المهنة" عند انتقاء السائق المؤهل للعمل معها، "وايضا ان لا يكون له سجل في ارتكاب مخالفات السرعة او التسبب بالحوادث، وبحيث لا يقل عمره عن 35 عاما، لان الشباب بطبعهم -مشعوطين سواقة-!".

بانتظار البديل
ورغم المآخذ على باصات "الكيا" سواء لجهة سلوك بعض سائقيها او صلاحيتها، الا انها تقدم حلا لكثيرا من الاهالي الذين يعتمدون عليها في ايصال ابنائهم من والى المدارس، وتحديدا تلك التي تقع في اماكن بعيدة وغير مخدومة بخطوط للنقل العام، او تعاني نقصا في عدد وسائط النقل العمومية.

ومع كل حملة للشرطة على هذه الباصات او اعتصام ينفذه سائقوها، كان الاهالي يستشعرون قلقا على ابنائهم، كما هو الامر مع حسن ابو ليلى، وهو اب لثلاثة طلاب، والذي قال انه احس باستياء بالغ عندما جاءه سائق الباص غداة الاعتصام الذي تم تنفيذه الشهر الماضي ليخبره بانه لن يكون قادرا على توصيل اولاده للمدرسة بعد الان بسبب الشرطة.

واكد ابو ليلى ان باصات "الكيا" توفر حلا لمشكلة تنقلات ابنائه بين المدرسة والبيت، مطالبا الجهات الرسمية بايجاد بديل في حال قررت منع عمل هذه الباصات نهائيا، "ونحن جاهزون لقبول هذا البديل اذا كان عمليا".

وبدوره اعتبر سائق الباص ياسر ماجد ان توقف عمل باصات "الكيا" سيضطر الطلبة المقيمين في مناطق لا تخدمها المواصلات العامة الى تكبد اجرة تاكسي باهظة خلال الانتقال يوميا الى مدارسهم، داعيا الى تنظيم عمل تلك الباصات وفقا لتشريعات قانونية بدلا من ملاحقتها واستهدافها، لان ذلك لا يصب في مصلحة اي طرف، على حد قوله.

واقترح ماجد حلا لتنظيم عملهم، يقوم على اساس ان تصدر الجهات المسؤولة تصاريح لباصات "الكيا" من اجل توصيل طلاب المدارس الحكومية، وضمن شروط تحددها هذه الجهات.

وفيما وصف ياسر المخالفات المحررة ضدهم بانها "مخيفة" من حيث حجم الغرامات التي تتضمنها، فقد بين سائق اخر اكتفى باسمه "ابو ابراهيم"، ان "اقل مخالفة قيمتها 100 دينار، ومعظمها غيابية، وهناك من يصل مجموع مخالفاته الى 2000 دينار".

من جانبه، اكد رئيس قسم سير الزرقاء الرائد زياد ابراهيم ان الحملات تاتي في ضوء المخالفات الكثيرة التي يرتكبها سائقو هذه الباصات، والتي "اصبحت مؤرقة لنا وللموااطنين"، بسبب ما تشتمل عليه من مخاطر تهدد سلامة الطلاب.

واكد ابراهيم ان شرطة السير تطبق القانون بحق هذه الباصات بسبب نقلها للركاب بالاجرة خلافا لترخيصها كمركبة خصوصية، ولتحميلها عددا اكثر من المسموح لها من الركاب، وهو خمسة ركاب في المعدل، مبينا ان احد تلك الباصات تم ضبطه وهو ينقل ثلاثين طالبا دفعة واحدة.

واشار الى ان سائقي تلك الباصات يعمدون الى ازالة الحاجز الموجود وسط الباص لتوفير مساحة لنقل مزيد من الطلبة "ومنهم من وضع في تلك المساحة فراشا عربيا"، داعيا هؤلاء الى ان "يتقوا الله في ابنائنا وان يلتزموا بقانون السير".

وعاد ابراهيم واكد ان الشرطة تطبق القانون "وفي حال صدور اي قرارات جديدة تنظم عملهم فسنوقف هذه المخالفات" بما يتوافق مع تلك القرارات.

وعلى صعيدها ايضا، اكدت مدير مكتب هيئة تنظيم النقل البري في الزرقاء لبنى عبدالهادي، ان المخالفات التي توقعها شرطة السير بحق باصات "الكيا" هي "قانونية مئة بالمئة"، لانها تخالف الانظمة المعمول بها من خلال نقلها للطلاب بالاجرة، وايضا لان مواصفاتها الفنية لا تصلح لتحميل الركاب.

وبينت عبدالهادي ان هناك تعليمات جاهزة بشأن طرح شركات لخدمة طلاب المدارس الحكومية، وهي الان على طاولة مجلس ادارة هيئة النقل الذي يعكف على دراستها تمهيدا لاقرارها.

وقالت ان "الهدف من هذه الشركة هو توفير خدمة لطلاب المدارس الحكومية باقل التكاليف وافضل المواصفات"، مضيفة انه في حال صدور تعليماتها فسوف تكون متاحه للجميع، والمؤهل سيتمكن من دخول المنافسة على عطاء التشغيل.

والى حين صدور التعليمات، فقد ناشدت عبدالهادي الاهالي "الا يغامروا بأبنائهم، فالموضوع ليس بهذه البساطة، فلا قدر الله لو حصلت حادث او كارثة، حينها سيتم توجيه اصابع الاتهام للجهات المعنية" التي تتعرض الان للوم بسبب تطبيقها للقوانين التي "يجب علينا جميعا الالتزام بها".

أضف تعليقك