مواهب غنائية واعدة في الزرقاء لا تجد من يأخذ بيدها

مواهب غنائية واعدة في الزرقاء لا تجد من يأخذ بيدها

تحتضن الزرقاء العديد من المواهب الغنائية الواعدة التي لا تجد جهات رسمية او اهلية تأخذ بيدها لتضعها على طريق النجاح، ما يتركها حبيسة الحفلات العابرة والموسمية، وفي احسن الاحوال بعض الفيديوهات المنشورة على الانترنت.

معتز الفحماوي، مغن شاب في الثانية والعشرين من عمره، وبدأ الغناء قبل نحو عشرة اعوام، غير انه يشكو من عدم تمكنه من تحقيق شئ من احلامه حتى الان، حاله حال زملائه الاخرين ممن لديهم مواهب غنائية من ابناء المحافظة.

وقال الفحماوي الحائز على دبلوم الفندقة "ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ فن مظلوم، فلا احد فيها يدعم مثل هذا الفن"، مضيفا ان المحافظة عبارة عن "مجتمع صناعي منشغل بالسعي وراء لقمة العيش، ولا يهتم بالتالي للغناء او لغيره من الفنون".

واضاف انه بدلا من توفير الدعم المتوخى للمغنين من امثاله، يجري استغلالهم للغناء دون مقابل في كثير حفلات تقيمها جمعيات وهيئات اجتماعية، مشيرا الى انه في حال رفض المغني الظهور في اي من تلك الحفلات، فان منظميها يستعينون بغيره، الامر الذي يجعله يوافق حتى لا يخسر فرصة لتعريف الناس الى موهبته.

وبين انه يحصل احيانا على اجر رمزي لقاء احياء حفلة غنائية هنا او هناك، وهذا الاجر عادة لا يتجاوز خمسين دينارا، ويدفع جزءا منه للفرقة الموسيقية التي ترافقه خلال الغناء.

وسبق ان شارك الفحماوي ﻓﻲ مسابقات غائية تلفزيونية، لكن الحظ لم يحالفه كما يقول، كما غنى في مناسبات اقيمت في قصر الثقافة في عمان ومركز الملك عبدالله الثاني الثقافي، وادى اغنيات لمطربين امثال وديع الصافي وعبدالحليم حافظ ووائل كفوري ومحمد عساف.

ولدى هذا المغني الشاب اغنية واحدة شخصية، وهي في انتظار ان ترى النور ويجري تسجيلها عندما يتوفر له المال او جهة منتجة تدعمه لتحقيق هذا الحلم الذي يتطلب مبالغ مالية كبيرة.

ويردد احمد عبدالحليم (47 عاما) والملقب بـ"العندليب"، نفس الشكوى حول قيام بعض الجمعيات بتسخير المغنين لاحياء امسيات على هامش انشطتها او مؤتمراتها، ولكنها لا تدفع لهم مدعية ان تلك الامسيات غير مدعومة، مع انها تحصل بالفعل على  تمويل لها من مانحين محليين او خارجيين.

وانتقد عبد الحليم، وهو متقاعد عسكري، تلك الجمعيات بشدة، متهما اياها بانها "تصعد على ظهور الشباب الذين يبحثون عن اية مناسبة لاظهار مواهبهم الغنائية، ولو حتى ببلاش"، لافتا في السياق الى ان الزرقاء تحتضن الكثير من المواهب الغنائية المميزة مثل محمود الحلمان وعلاء مرتضى ومعتز الفحماوي وباسل كسواني وبكر الحسيني وغيرهم.

وقال انه بدأ نشاطه الفني بعد التقاعد، حيث يشارك في احياء حفلات ضمن مهرجانات وامسيات داخل وخارج الزرقاء، ومن ضمنها حفلات اقيمت في بعض الفنادق، لكنه يؤكد انه يرفض الغناء في الاندية الليلية "بحكم الدين والعادات والتقاليد".

وتنتشر على موقع يوتيوب عدة اغان خاصة لعبدالحليم، ومنها "اللام" و"باسم السلام" و"يا بلدنا" و"فلسطين عم بتنادي"، والتي انتجها على نفقته الشخصية، وتعاون خلال ذلك مع شعراء منهم منى الغلاييني وعماد درويش وجمعة العطاونة، وكذلك مع ملحنين امثال جمعة العلاونة وعلاء شاهر.

ولا تقتصر انشطة المغنين في الزرقاء على الاداء الانفرادي، حيث توجد فرق الفها مغنون شباب تخصصوا في اغاني الـ"هيب هوب" ذات الطابع الغربي، ومن بينها فرقة تضم باسل كسواني وﺑﻜﺮ ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻲ ﻭﻛﺮﻡ ﺍﻟﺰﻟﻌﻴﻨﻲ ﻭﻓﺎﺩﻱ ﻣﺴﻠﻢ.

على ان الكسواني (22 عاما) يقر بان هذا الضرب من الغناء "ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎء"، مشيرا الى ان فرقته التي تشكلت قبل ست سنوات تعاني كما باقي المغنين والفرق في المحافظة من غياب الدعم والرعاية.

وقال ان الفرقة انتجت عدة اغان على نفقة اعضائها، وهي تتضمن افكارا شبابية، ومنها اغنية تتحدث عن شارع السعادة ونهفات الشباب فيه"، مشيرا الى ان اغانيهم متوفرة على اليتيوب و"تحظى باعداد مشاهدات عالية".

من جانبه، وصف مدير ثقافة الزرقاء رياض الخطيب وضع الغناء والمغنين في المحافظة بانه "ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ الاحتراف"، مضيفا ان الموجود على الساحة ﻫﻮ "محاولات ﻣﻦ ﺑﻌﺾ الاشخاص الذين ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ حاضنة ﺍﻭ ﻣﻜﺎﻥ ﻳﺮﻋﻰ ﻣﻮﻫﺒﺘﻬﻢ ﻭﻳﻨﻤﻲ ﻣﻬﺎﺭﺍﺗﻬﻢ  ﻭﻳﺪﻋﻤﻬﻢ ﻣﺎﺩﻳﺎ"

وبين الخطيب انهم كجهة رسمية معنية بالثقافة عموما، لا ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻬﻢ انشطة محددة ﻟﺪﻋﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻦ، مع اشارته الى ان لديهم مركز الاميرة سلمى للطفولة، والذي يقتصر الامر فيه من هذا الجانب على تعليم الاطفال الموسيقى من بين مهارات اخرى.

وترى لانا عبدالرحمن المتطوعة في مركز التنمية المجتمعية بمخيم الزرقاء، ان "مجتمعنا لا ينظر الى الغناء بشكل جدي، حيث يفضل الاباء ان يتجه ابناؤهم الى الدراسة او الانخراط في ما يعتقدون انه عمل مفيد لهم اكثر".

وعبرت عبدالرحمن عن اعتقادها ان ذات الامر ينسحب على الفتيات اللواتي لديهن موهبة في الغناء، حيث انهن يغبن تماما عن الساحة، ولاسباب اكثر الشباب ومن اهمها ان "ﻋﺎﺩﺍﺗﻨﺎ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ" في الزرقاء تمنع ذلك تماما.

على صعيده، اشار الطالب في الجامعة الهاشمية محمد سليم الى افتقار الزرقاء لمعاهد او مؤسسات تعلم الموسيقى والغناء، مبينا ان المدارس الحكومية بدورها لا تعلم مثل هذه الفنون.

ﻭقال سليم انه ﻳﻌﺮﻑ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ممن يغنون ويمتلكون اصواتا جميلة في الزرقاء، مؤكدا ان مجتمع المحافظة بدأ يتقبلهم اكثر مما كان عليه الحال في الماضي.

أضف تعليقك