"مقهى الانشراح" معلم شاهد على تاريخ الزرقاء (فيديو)

"مقهى الانشراح" معلم شاهد على تاريخ الزرقاء (فيديو)

هنا في مقهى الانشراح، ذواقة لا تطربهم الا ام كلثوم وابناء جيلها الخالد، ولا يستسيغون سوى قهوة الرمل التي يعانق عبقها ذكريات تضرب في تاريخ الزرقاء لاكثر من 55 عاما خلت.

لكل كرسي من كراسي الخيزران العتيقة في هذا المقهى الاقدم في المدينة، حكاية تختزل فصولها الممتدة اسرار ولواعج وضحكات من تناوبوا عليها من الندامى.

وايضا لكل طاولة اجواؤها التي تحاكي طباع روادها، تبعا لموقعها في المقهى المطل بزاوية قوسه على شارع الملك طلال.

فالتي تتوسط قاعتها الفسيحة هي لمن يقتلون الوقت بلعب الورق وطاولة الزهر، والملاصقة للجدران لمن يستهويهم تجاذب الاحاديث بما فيها من متعة وبوح وشكوى.

اما التي تحتل القوس الخارجي المشرف على شارع طلال والمخيم والسكة، فهي للعابرين او المنتظرين مواعيد مع اخرين، وايضا للساهمين ممن يرومون الترويح عن النفس في سحبة ارجيلة وسرحة بصر في الرائح والغادي في طرقات السوق.

وبخلاف المقاهي الاخرى ذات الادراج في المدينة، تحتل الانشراح موقعا على مستوى الشارع، ما يجعلها.قبلة مفضلة لكبار السن والمتقاعدين.

وهذه الحقيقة يؤكدها محمد الخصاونة ذو الخامسة والخمسين، وهو متقاعد يعمل سائق تاكسي.

يقول الخصاونة "احضر الى هنا بعد تاديتي لصلاة الفجر مباشرة، وانا افضل هذا المقهى لانه بلا ادراج ويناسب كبار السن امثالي".

وبعبارة تحمل تلميحا لما يمكن ان يعده صاحب المقهى اخطر تهديد لوجوده منذ تاسيسه عام 1958، يقول الخصاونة "اتمنى ان تبقى قهوة الانشراح".

وعدا عن تلميح هذا الرجل، فان اسمه ايضا يحمل في طياته اشارة الى جوهر ذلك الخطر.

فالمقهى مستأجر ويقع في بناية يملكها رئيس الوزراء الاسبق عون الخصاونة الذي رفع مؤخرا دعوى تطالب المستاجر رائد المشهراوي بالاخلاء.

وباستسلام يقول رائد الذي انتقل اليه المقهى من ابيه وجده من قبله "لا تزال القضية في المحاكم ونحن تحت رحمة القانون".

ثم يستدرك بنبرة لا تخلو من حزن "المقهى هو مصدر رزقي ورزق تسعة عوائل بالأضافة للعمال".

كان الخصاونة كما يوضح المشهراوي قد طالب بمضاعفة الاجرة بنسبة 600 بالمئة لترتفع من 2800 الى 11700 دينار، استنادا الى قانون المالكين والمستأجرين الجديد.

هذا القانون "غير منصف وظالم" كما يصفه المشهراوي، والزيادة "لا يقبلها عقل، وتضاهي اجور منطقة الدوار السابع" الراقية في عمان.

وبعيدا عن مخاوفه، يروي المشهراوي، وهو في العقد الثالث من عمره، قصة مقهى الانشراح الذي حمل هذا الاسم قبل اكثر من عشر سنوات على ذيوعه عبر مسلسل مقالب غوار الكوميدي للفنانين السوريين دريد لحام ونهاد قلعي.

ويقول "اقام جدي المقهى قبل أن يبدأ العمار في الزرقاء، وكان في البداية عريشة من القش".

ويضيف "كانت قطعة الأرض التي اقيمت عليها العريشة تعود لشكري الخصاونة، وعندما قرر تشييد مبنى عليها أستأجرها جدي منه، وكان ذلك عام 1958".

ويتابع المشهراوي قائلا ان "غالبية الرواد من المتقاعدين الذين اعتادوا المقهى منذ ايام شبابهم، ومن ترونهم اليوم من الشباب كان اجدادهم يرتادونه".

وبثقة وتفاؤل يؤكد الحفيد ان مقهى الانشراح "تراث افخر به، وساحرص على ان انقله لأبنائي وابناء اخوتي".

أضف تعليقك