متحرشون يحولون حياة طالبات مدارس في الزرقاء الى جحيم- صوت

متحرشون يحولون حياة طالبات مدارس في الزرقاء الى جحيم- صوت
الرابط المختصر

قبيل انطلاق الجرس ايذانا بانتهاء الدوام، يكون الجمع قد اكتمل امام مدرسة البنات: فتية متسربون من المدارس، ومراهقون مستهترون، وشبان متعطلون، وكهول متصابون، واحيانا ينضم الى لجمهرة ذوو اسبقيات تبث هيئاتهم الرعب في النفوس.

بعضهم يفترش الرصيف، واخرون ينتظرون في سيارات تنطلق منها موسيقى تصم الاذان، وهناك من يحضر على دراجة نارية او هوائية، وذلك في ما يبدو لتسهيل هروبه بين الازقة في حال حضرت سيارات الشرطة.

وما ان تتدفق الطالبات من بوابة المدرسة، حتى يبدأ مهرجان التحرش اليومي الذي يحيل حياتهن الى جحيم.

ويتضمن المهرجان الذي يبدأ من بوابة المدرسة ويرافق بعض الطالبات طوال الطريق الى منازلهن اطلاق نداءات وعبارات  مسيئة ومهينة، واحيانا جارحة.

ولا يخلو الامر من ممارسات اكثر عدوانية كاتيان المتحرش بحركات يوهم الطالبة عبرها بانه سيتطاول عليها بدنيا، وهو ما يدخل الرعب الى نفسها.

الجميع مهدد

لانا، طالبة في الثامنة عشرة من عمرها، تشكو من تعرضها للتحرش الذي يحاول بعض المسؤولين التقليل من اهميته عبر وصفهم له بانه مجرد "معاكسات" او "مضايقات" يقوم بها "متسكعون" امام عدد محدود من مدارس المحافظة.

وتقول هذه الطالبة انها تتعرض للتحرش خصوصا من كبار السن الذين يتواجدون في سياراتهم امام المدرسة منذ الصباح الباكر، ويعودون مجددا وقت الظهيرة مع انتهاء دوام الطالبات.

كما تؤكد الطالبتان سمر وفداء، وهما على التوالي في السابعة عشرة والثامنة عشرة من عمريهما، ان كافة الطالبات ودون استثناء معرضات للتحرش الذي يتمثل في اغلب الاحيان في نظرات مربكة ومزعجة تكون مصحوبة بالفاظ نابية ومسيئة.

على ان زميلة لهما وهي سعاد البالغة سبعة عشر عاما، تحمل بعض الطالبات جزءا من المسؤولية عما يتعرضن له بسبب ما قالت انها اشارات ترحيب واستحسان تبدر عنهن وتمنح المتحرش مزيدا من الجرأة.

وفي ما يبدو تاكيدا لحديث هذه الطالبة، يقول طالب في الرابعة عشرة من عمره صدفناه يتسكع امام مدرسة للبنات، انه لا يعاكس سوى من يعتقد انها تشعر بالاطراء وهي تسمع العبارات التي يطلقها على مسامعها.

اما التي يرى ان معاكساته تزعجها، فان هذا الطالب يؤكد انه يتركها في حال سبيلها دون ان يتعرض لها.

ومن جهته، يقول شاب عاطل عن العمل في الرابعة والعشرين من عمره، انه يقتل وقته في السهر حتى الصباح في مقهى للانترنت، ثم يتوجه الى مدرسة البنات ليمارس هوايته في معاكسة الطالبات قبل ان يعود الى المنزل لينام نهاره.

ويتكرر ذات الروتين في حياة هذا الشاب كل يوم كما يخبرنا.

مسؤولية الاهل

وترى مديرات ومعلمات مدارس بنات ان المسؤولية عن مكافحة ظاهرة التحرش بالطالبات تعود بالدرجة الاولى على الاهل الذين ينبغي ان يراقبوا ويضبطوا سلوكيات ابنائهم، كما دعين الى تضافر الجهود الرسمية والاهلية للقضاء على الظاهرة.

وتطالب يسرى الخريشة مديرة مدرسة رحمة الثانوية للبنات الاهل بتحمل مسؤولياتهم ومنع ابنائهم من التواجد امام مدارس البنات.

وتقول الخريشة التي تشير الى ان مدرستها لا تعاني كثيرا من هذه الظاهرة بسبب بعدها عن مدارس الذكور، ان الطالبة هي في نهاية الامر هي الاخت والابنة وستصبح الام والمربية، ولا يجوز ان تكون عرضة للتحرشات.

وتضيف ان ايا من المتحرشين لا يمكن ان يرضى لاخته ما يفعله بالطالبات.

أما بالنسبة للطالبات، فترى مديرة مدرسة رحمة انه ينبغي عليهن عند انتهاء الدوام الرسمي مغادرة ساحة المدرسة أو الشارع والعودة إلى بيوتهن، لان وجودهن في الشارع قد يغري ضعاف النفوس من الشبان بالتحرش بهن أحيانا.

اما خلود جراد مديرة مدرسة سكينة بنت الحسين، فتوضح ان بعض الشبان يقفون على مقربة من المدرسة ويبداون بمضايقة الطالبات ومنهم من يركبون السيارات.

وتضيف انها سعت الى التصدي لهذه الظاهرة بالتعاون مع الجهات المختصة، فبدأت بالاتصال معع الشرطة واخذ أرقام السيارات التي تضايق الطالبات.

وفعلا تراجعت المضايقات، كما تقول، لكنها لم تختف نهائيا.

 وعبرت مديرة مدرسة سكينة عن املها في ان تتوقف المضايقات والتحرشات بالطالبات، ودعت الى تظافر الجهود للقضاء على هذه الظاهرة.

اثبات ذات!!

ويعتبر خبراء علم النفس ان الرغبة في اثبات الذات لدى بعض الشبان الفاشلين او الذين يعانون انتكاسات نفسية جراء اوضاع اجتماعية او اقتصادية، هو ما يدفعهم الى الانجراف وراء موجة التحرش بالطالبات.

وتشدد باحثة اجتماعية فضلت عدم ذكر اسمها على ان الوقاية هي خير من العلاج في ما يتعلق بهذه الظاهرة، معتبرة ان على الاهل مراقبة سلوكيات ابنائهم وكذلك توعية بناتهم من مخاطر شبان الشوارع.

وتضيف ان على مدارس الطلاب أن تقوم بإجراءات صارمة في حال تأخر الطالب عن دوامه الرسمي، وخصوصا اذا ما كان من معتادي التواجد امام مدارس الطالبات خلال اوقات الدوام.

 وكاجراء مكمل، فقد دعت الباحثة الاجتماعية الى توفير تواجد امني دائم امام مدارس البنات خصوصا في وقتي بدء الدوام وانتهائه.

وقد اكدت مديرية الامن العام انها تولي هذه الظاهرة اهمية كبيرة ولا تتوانى في اتخاذ الاجراءات القانونية حيال المتحرشين.

وقال الرائد عامر السرطاوي من المكتب الإعلامي في مديرية الأمن العام، انه في حال ورود شكوى عن مضايقات او تحرش بطالبات، فانه "يتم التحرك في الحال بإرسال دورية شرطة للمدرسة أو عناصر بحث جنائي باللباس المدني".

واضاف انه "في حال إلقاء القبض على الشاب متلبسا بفعل مخالف، يتم التعامل معه وتحويله للجهة القانونية المختصة بحسب الفعل الذي قام به سواء للحاكم الإداري أو المحكمة المختصة".

حملة امنية

وكان مدير الامن العام الفريق الركن توفيق حامد الطوالبة اصدر توجيهاته مؤخرا بتسيير دوريات راجلة وآلية في محيط مدارس الإناث في المملكة للتصدي للتزايد الملحوظ في حالات التحرش.

وقال بيان للامن العام ان الطوالبة "اوعز الى قادة الاقاليم ومديريات الشرطة والوحدات الميدانية الاخرى في المملكة اجراء مسوحات امنيه شاملة لمدراس الاناث بالتنسيق مع الحكام الاداريين ومدراء التربية وتسيير دوريات راجلة والية في محيط تلك المدارس للقضاء على بعض الظواهر السلبية التي تشهدها عدد منها".

واضاف البيان ان "الحملات الامنية التي سينفذها رجال الامن العام في محيط بعض المدارس جاءت بعد ورود عدد من الشكاوى من الطالبات وذويهم ومديرات بعض المدارس بقيام بعض الاشخاص بتصرفات لا تليق وآداب الطريق العام اثناء فترات دخول ومغادرة الطالبات للمدارس".

واكد البيان ان "كافة مديريات الشرطة والوحدات الميدانية الاخرى ستقوم بحملات امنية مكثفة في محيط المدارس في فترات الصباح وبعد الظهيرة وستتخذ الاجراءات القانوينة والإدارية اللازمة بحق كل من يثبت ارتكابه لأفعال مخلة بآداب الطريق العام لضمان عدم تكرارهم لمثل تلك الافعال".

ودعا بيان الامن العام "كافة الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين التعاون مع رجال الامن العام وتفعيل الدور الاجتماعي لهم للقضاء على مثل تلك الظواهر السلبية التي يشهدها محيط بعض المدارس وتطويق تلك الظاهرة وعدم السماح لها بالازدياد".

ويرى اولياء امور ان حملة الامن الجديدة يمكن ان تسهم في الحد من الظاهرة، الا انهم دعوا الى اجراءات اضافية من قبيل تركيب كاميرات امام المدارس.

وقال احد اولياء الامور ان الكاميرات ستسهم في تقديم حل مثالي يكفل عدم تعرض بناتهم للتحرش، على الاقل امام المدارس، اما خلال الطريق من والى البيت، فلهن الله.