طلبة الجامعة الهاشمية وباصات "المتكاملة".. المعاناة تتواصل

طلبة الجامعة الهاشمية وباصات "المتكاملة".. المعاناة تتواصل

كانت "هنا الزرقاء" شاهدة على موقفين يلخصان جزءا يسيرا من المعاناة المزمنة لطلبة الجامعة الهاشمية مع باصات شركة "المتكاملة" وسائقيها خلال تنقلهم بين جامعتهم وعمان:

الموقف الاول: ازدحام وطابور ممتد على خط الجامعة- ياجوز- صويلح عصر يوم الاحد 29 تشرين الثاني، وما ان وصل الباص الذي طال انتظاره وتفتحت ابوابه، حتى تدافع اليها الطلبة ذكورا واناثا، وكل يسعى جاهدا لان يستأثر بمقعد.

انفعل السائق امام المشهد، ونهر الجميع آمرا اياهم بالنزول من الباص! ولما رفضوا طلبه الذي بدا مهينا في نبرة القائه على مسامعهم، استشاط وسحب مفتاح تشغيل الباص من مكانه معلنا انه سيترك العمل، وبالفعل ترجل وتوجه الى مراقب الخط وسلمه المفتاح، ومضى في سبيله!

مضت ربع ساعة والطلبة في مقاعدهم داخل الباص، بانتظار ان تسعفهم الشركة بسائق اخر يوصلهم الى صويلح، لكن ذلك لم يحصل. حينها، قامت مندوبة "هنا الزرقاء" التي كانت متواجدة بالاتصال مع مديرة مكتب هيئة تنظيم النقل لبنى عبدالهادي، وابلغتها بالموقف، فاستمهلت بدورها للاستعلام من مسؤولي الشركة والزامهم بحل المشكلة وتأمين الطلبة.

وسرعان ما جاء الحل متمثلا في باص اخر تم توفيره بدلا من الذي "حرد" سائقه، لكن المفاجأة كانت ادعاء الشركة لعبد الهادي بان الطلبة هم من تسببوا بما حصل لامتناعهم عن ختم بطاقات ركوبهم المدفوعة مسبقا، بمعنى اتهامهم برفض دفع الاجرة!

كما ابلغت الشركة مسؤولة هيئة النقل ان تاخر وصول الباصات سببه حادث سير على طريق اوتوستراد عمان- الزرقاء. وحين عادت "هنا الزرقاء" واوضحت لعبدالهادي ان الامر متعلق بخط صويلح- ياجوز وليس عمان-الزرقاء، ردت بالقول ان باصات صويلح معتادة على مخالفة خط مسيرها وسلوك طريق الاوتوستراد!.

الموقف الثاني: كان الظلام قد حل ودنا موعد رفع اذان العشاء، والباص لا يزال في منطقة ياجوز، اي منتصف الطريق الى صويلح، وشيئا فشيئا راح يتعالى صوت صفير مريب قادم من المحرك.

تطوعت طالبة لتفسير ما يحدث لمندوبة "هنا الزرقاء"، قائلة "هذا معناه ان الباص خرب نتيجة ارتفاع حرارة المحرك، وما سيجري لاحقا امر اعتادوا عليه، وهو ان على الباص التوقف على جانب الطريق ريثما تهبط الحرارة، وهذا يستغرق من 15 الى 20 دقيقة".

وحصل ذلك بالضبط، والشئ المختلف هذه المرة كان قيام السائق بسكب الماء على المحرك من وعاء بلاستيكي لتسريع عملية تبريده، ولما اطمأن الى ان حرارته هبطت بما يكفي، عاود ادارته واكمل المسير.

"بضحكوا علينا"

في المحصلة، تاخر الطلبة كثيرا في العودة الى منازلهم، وهو امر تؤكد الطالبة لما الحامد التي تدرس في كلية الصيدلة انه يشكل سمة شبه يومية يحاول الجميع التعايش معها.

وقالت "دوامي هو في ايام الاحد والثلاثاء والخميس، وينتهي عند الساعة الثالثة والنصف عصرا، وامكث في انتظار الباص نحو ساعة او ساعة ونصف احيانا، وبصعوبة احصل على مقعد لشدة تدافع الطلبة عليه حين يصل".

واضافت "بضطر ادافش واذا ما دافشت ما بطلع بالباص"، مؤكدة ان الامر "يتكرر سواء اردنا ركوب باصات صويلح- ياجوز، او صويلح- الاوتوستراد .. وبعض الطالبات يصلن بيوتهن بعد الثامنة ليلا، وهذا حرام ومخيف، خاصة مع التوقيت الشتوي والحلول المبكر لليل".

وتابعت الحامد "انا الان في سنتي الجامعية الثالثة، ولا زلت اتاخر عن البيت يوميا منذ كنت في السنة الاولى. والشركة تعدنا دائما بانها ستزيد اعداد الباصات، ولكننا لا نلمس تحقق شئ من ذلك".

وبامتعاض، قالت زميلتها الاء بني ياسين وهي طالبة سنة رابعة في كلية الهندسة "بضحكوا علينا. بوعدوا يجببوا باصات ولك لا يحصل اي شيء"، مضيفة ان "الشركة تعلل تاخر وصول الحافلات الى (ازمات السير الناجمة عن) وقوع حوداث على الطريق".

واكدت بني ياسين ان "هذه المشكلة قديمة ومتجددة" برغم الاحتجاجات التي ينفذها الطلبة، وقاموا خلال احداها بمقاطعة باصات الشركة والعودة الى رغدان سيرا على الاقدام.

وكان الطلبة الذين شاركوا في فعالية المبيت التي نفذوها في 21 نيسان الماضي، قد رفعوا في حينه شعارا يقول “انام في الجامعة اسلم ما اموت في الباص”.

واشار هذا الشعار الى خشية الطلبة على سلامتهم في ظل ما يصفونه من سوء اوضاع باصات شركة “المتكاملة”، وهو ما يبدو مبررا الى حد ما، خصوصا بعد حادثة اصابة ثلاث طالبات بحروق اثر انفجار مبرد المحرك (الروديتر) في احد باصات الشركة في الخامس من الشهر نفسه.

هذه الحادثة، وكما يؤكد الطلبة، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وجعلتهم يقررون الدخول في ما يشبه معركة كسر العظم مع الشركة والجهات الرسمية التي صمت اذانها لسنوات عن شكاواهم واكتفت بتخديرهم بالوعود.

ولعل ما اجج مشاعر الطلبة حينها الطريقة التي تعاملت الشركة من خلالها مع احتجاج عضو في مجلسهم على الحادثة، حيث سجلت ضده قضية تتهمه فيها ب”سب وشتم الشركة بألفاظ بذيئة، وتحريض والد الفتاة” المصابة.

هيئة النقل: مبالغات

ازاء الملاحظات التي نقلتها اليها "هنا الزرقاء"، تعهدت مديرة مكتب هيئة النقل بزيارة الجامعة الهاشمية للاطلاع على شكاوى الطلبة، وان كانت اعتبرت ان هناك مبالغات في بعض ما يرددونه حول خدمات الشركة.

وقالت عبدالهادي "ساتوجه الى الجامعة لمتابعة ما تحدث عنه الطلبة من تاخير ومشكلات اخرى"، مكررة ما ادلت به خلال الاتصال الهاتفي السابق مع الصحيفة، من ان تاخر الباصات سببه "الازمات الشديدة على الطرق وعدم وجود مسرب محدد للباصات لتسهيل وصولها في وقت اسرع".

واضافت ان "مشكلة عدم تحديد مسرب خاص مشكلة قديمة استهلكت من وقت لجان كثيرة اجتمعت من اجل ايجاد الية لحلها دون جدوى، فهذا الامر يتعلق بالبنية التحتية وتخطيط الشوارع".

وتابعت "خلال الدقائق القليلة السابقة قمت بابلاغ وزارة النقل بهذه المشكلة، واتمنى ان يحصل اجراء ايجابي يصب في مصلحة الطلبة".

كما اكدت عبدالهادي انها قامت بالتحدث مع شركة المتكاملة حول تصرف سائق الباص الذي حاول طرد الطلبة ثم امتنع عن القيام بعمله، مطالبة باتخاذ اجراء بحق السائق، وضمان عدم تكرر مثل هذا السلوك مستقبلا.

وفي المقابل، استبعدت صحة ما يردده الطلبة حول تكرار اعطال الباصات، وخصوصا الناجمة عن ارتفاع حرارة محركاتها، قائلة "ربما يحدث ذلك صدفة او لمرة واحدة، وفنيا اذا استمر الامر وتكرر فان الماتور (المحرك) سوف يحترق".

واكدت عبدالهادي في هذا الصدد ان "باصات نقل شركة المتكاملة خاضعة للفحص الفني ولديها ترخيص للمسير على الطرقات، ولها عمر تشغيلي يخضع للقانون، وهذا ينفي اية ملاحظات حول عدم صلاحيته".

جدير بالذكر انه جرى خلال الفترات السابقة عقد العديد من  اللقاءات الماراثونية بمشاركة وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل البري ومجلس النواب وادارة الجامعة ومجلس الطلبة وشركة المتكاملة، ولكنها لم تسفر عن شئ ملموس على صعيد ايجاد حلول جذرية لمعاناة الطلبة مع باصات الشركة.

أضف تعليقك