حرفة المنجّد تحتفظ ببريقها في الزرقاء رغم منافسة الجاهز

حرفة المنجّد تحتفظ ببريقها في الزرقاء رغم منافسة الجاهز

 

 

بثقة، يؤكد المنجد البلدي مـسـلّـم صـالـح فيما هو منهمك في حياكة لحاف صوف في محله المتواضع في الهاشمية، ان هذه الحرفة الراسخة في وجدان اهالي الزرقاء منذ عشرات السنين، ابدا "لن تنقرض".

 

كان صالح الذي افترش الارض يجيل المسلة في اللحاف بحركات رشيقة، وكلما انتهى من قسم تقدم حبوا الى التالي، متبعا في حركته مسارات الزخارف التي لم يكن بحاجة الى رسمها على القماش، حيث انه يحفظها عن ظهر قلب.

 

وما ان انجز اللحاف حتى اتجه الى كومة قريبة من الصوف المتكتل وشرع في نفشها مستخدما القوس والمطرقة التقليديتين، واللتين بدأتا تختفيان في كثير من محلات التنجيد مع ظهور الماكينات التي اصبحت تتولى هذه المهمة، سواء بالنسبة لندف ونفش الصوف او القطن.

 

وراح يشرح فيما هو يضرب بالمطرقة الخشبية على وتر القوس الغارق في الصوف، ان هذه الخطوة هي الاولى في عملية التنجيد، حيث تتضمن حلحلة وتنعيم ونفش الصوف، تمهيدا لتعبئته في القماش ثم حياكته، واخيرا طرقه بعصا خيزران نحيلة حتى يصبح سطحه في مستوى واحد.

 

واضاف صالح، وهو وافد مصري امضى عشرين عاما في هذه المهنة في الاردن وعشرا قبلها في بلده، ان تنجيد اللحاف كاملا يستغرقه نحو ساعة، ربعها في الندف والنفش والباقي في التعبئة والحياكة.

 

امانة وادب

ولا يقتصر عمله على اللحف، بل هو يشمل كذلك الوسائد والفرش، وعادة يكون للصوف كلفة منفصلة عن اجرة التنجيد، حيث يبيع الكيلو للزبون بنصف دينار، علما ان بعض الزبائن يحضرون الصوف معهم ليتحملوا بذلك اجرة التنجيد فقط.

 

ويمضي صالح في تنجيد الفرشة نصف الوقت الذي يستغرقه اللحاف، في حين لا تتطلب الوسادة اكثر من ربع ساعة.

 

وهو يتقاضى اجرة قدرها خمسة دنانير على تنجيد اللحاف المزدوج، وفي حال كان الصوف من عنده، فان المبلغ يرتفع الى 14 دينارا، اما اللحاف المفرد ونصف، فيكلف الزبون اربعة دنانير للتنجيد فقط، و13 دينارا اذا كان مع الصوف.

 

اما اجرة تنجيد الوسادة فهي دينار وربع الدينار شاملة القماش في حال كان الصوف من عند الزبون، وفي المعدل تحتاج وسادة النوم الى كيلو غرام صوف، واذا كانت للاتكاء فتزداد الكمية الى كيلوغرامين.

 

وطبعا، تتفاوت الاسعار من منجد الى اخر، تبعا للخبرة وكذلك لانواع الاقمشة والاصواف التي يبيعها.

 

وشكل النقشة لا يقتضي اي زيادة في الاجرة، كما يوضح صالح، والنقشات المستخدمة مع قماش الساتان خصوصا، تتعدد بين قلب الحب والتوفي وحبة البقلاوة، لكن الحاجة اليها قلت مع شيوع موضة القماش المعرق الذي لا تصلح له النقشات بل غرز الابرة المتراصة.

 

ويحصل في كثير من الاحيان ان يستدعيه الزبائن لانجاز عملية التنجيد على سطوح بيوتهم او في احواشها، والحال كذلك، فهو يؤكد ان المنجد ينبغي ان يتحلى بالامانة والادب، لانه يدخل بيوت الناس، ويكون مؤتمنا عليها.

 

ويزداد الطلب على خدمات صالح خلال مواسم الاعراس التي تتواكب مع فصل الصيف، وكذلك قبيل حلول الشتاء حيث يصبح الناس بحاجة الى اللحف الدافئة.

 

منافسة الجاهز

برغم منافسة المنتجات الجاهزة، سواء فرش الاسفنج ولحف ووسائد البوليستر والديباج وغيرها، الا ان ايمن الملكاوي، وهو احد المنجدين المخضرمين في الزرقاء، يؤكد ان مهنته تظل الاصل، وهي قادرة على الصمود والاستمرار.

 

وقال الملكاوي الذي يقع محله في حي الأمير محمد في الزرقاء، ان هناك كثيرين لا يزالون متمسكين بمفروشات الصوف والقطن، ولا يستغنون عنها.

 

واضاف ان كثيرين ايضا توجهوا الى الديباج مع بداية ظهوره، وكان دافعهم تجربة هذا الشئ الجديد، لكنهم بداوا الان العودة الى الاصل بعدما تبين لهم ان هناك فارقا كبيرا في الجودة بينه وبين الصوف والقطن.

 

واشار في هذا الصدد الى ان اهم عيوب الديباج أنه تنبعث منه بعض الروائح أحيانا بسبب انه مادة تقوم على البلاستيك.

 

وكما يخبرنا الملكاوي، فقد تعلم المهنة قبل ثلاثين عاما على يد منجد قدير حسبما يصفه، ولشدة تعلقه بها قرر تعليمها لابنائه الذين يساعدونه حاليا في المحل.

 

ولفت كذلك الى ان اخوته يعملون منجدين ايضا، في اشارة الى ان المهنة تسري في العائلة.

 

ويؤكد الملكاوي بحكم خبرته الطويلة ان اهم الصفات الجسمانية التي ينبغي ان تكون في المنجد هي النحافة والرشاقة حيث ان عمله يتطلب التحرك ضمن وضعية الجلوس المرهقة.

 

ومع تعداده لايجابيات المهنة التي لا يخفي تعلقه الشديد بها، الا انه يذكر انها تتضمن مساوئ ابرزها كثرة التعرض لغبار الصوف والقطن، والذي يؤثر على الرئتين.

 

ويضيف منجدون اخرون سلبيات للمهنة كامراض العظام والمفاصل جراء طول الجلوس ووضعياته المؤلمة احيانا.

أضف تعليقك