الكوافيرية الرجال يغزون عالم صالونات السيدات بالزرقاء

الكوافيرية الرجال يغزون عالم صالونات السيدات بالزرقاء

اعداد متزايدة من الزبونات يفضلنهم رغم "اسعارهم الخيالية"

مطالبات بضبط المهنة والنقابة تشكو تكبيل القوانين لدورها

اشارت الكوافيرة العتيقة من خلال الواجهة الزجاجية لصالونها في شارع الملك طلال، الى محل في الجهة المقابلة كان يجري اعداده لافتتاح صالون سيدات جديد بادارة كوافير رجل، وتمتمت قائلة "هذه الصالونات التي يديرها رجال سلبتنا الزبونات".

وحتى ما قبل نحو عقدين من الزمن، لم يكن هناك سوى عدد محدود من الرجال الذين يديرون او يعملون في صالونات السيدات الواقعة ضمن هذا الشارع، والبالغ عددها زهاء عشرين صالونا.

اما اليوم، فقد باتت نسبة معتبرة منها تحت ادارة الكوافيرية، والذين عملوا على تغيير القواعد التقليدية للعبة، وفرضوا على نظيراتهم الكوافيرات منافسة لا يبدو ان لهن قبلا بها.

وتلخص صاحبة الصالون هند القدسي احد اهم جوانب هذه المنافسة قائلة "معظم الزبونات يفضلن الكوافير على الكوافيرة، خصوصا طالبات الجامعات، لاعتقادهن ان الرجل اكثر اتقانا من المراة لفن المكياج".

واكدت ان الاقبال على صالونات الكوافيرية الرجال في تزايد، رغم انها "تتقاضى اسعارا اعلى، وتصل الى 500 دينار في حالات تجهيز العروس".

خرافة الـ"سبيشل"

القدسي التي تعمل كوافيرة منذ 25 عاما، قالت ان مثل هذه الارقام "المبالغ فيها" اصبحت تشكل مع الوقت معيارا تحكم الزبونة من خلاله على على جودة العمل، وهو ما دفع بقية الصالونات الى رفع اسعارها للحاق بالركب.

واوضحت "كثير من الزبونات يدخلن الى الصالون ويسألن عن سعر تجهيز العروس، وعندما يعرفن انه لا يتجاوز 180 دينارا، يتعجبن وتساورهن الشكوك حول سبب كونه منخفضا بهذا الشكل، ثم يخرجن ولا يعدن".

وتابعت ان هذا السعر كان "يدفع الزبونات للاعتقاد بان اعمالنا متواضعة ولا تصل الى المستوى الذي يتقاضى عليه صالون يديره رجل ضعف او اضعاف ما نطلبه، او ان المواد التي نستخدمها ليست بذات الجودة، وبالتالي قمنا برفع السعر حتى يتماشى مع السوق".

وانتقدت القدسي ما وصفته بسذاجة بعض الزبونات، واللائي يجتذبهن الكوافيرية الرجال باساليب خادعة، من مثل اعلانهم عن توفير مواد وماكياج سبيشل (مميز)، بكلفة اعلى من الماكياج العادي، برغم ان النوعين لا يختلفان من حيث الجوهر.

وقالت "جميع الصالونات في الشارع تتعامل مع نفس المندوبين التجاريين (لشركات مستحضرات التجميل)، وتعمل بنفس المستوى، ولكن خرافة سبيشل هي ما يضيف فوق التكاليف تكاليف اخرى، حيث ان الزبونة تبحث عنها وتحب سماعها، وهي كلمة وهمية، فصاحب الصالون لا يضيف شيئا على التزيين والمكياج سوى الكلمة التي تدفع ثمنها الزبونة".

ولفتت الى تراجع اعمال كثير من صالونات شارع الملك طلال بفعل اعدادها الكبيرة وكذلك منافسة صالونات الكوافيرية الرجال، مطالبة نقابة أصحاب صالونات التجميل "بتفعيل دورها ومنع استمرار افتتاح صالونات جديدة طالما ان الشارع يعج بها".

وتعاون القدسي عاملات تتقاضى الواحدة منهن راتبا لا يتجاوز مئة دينار شهريا، ولكنها تقول انهن لا يمكثن في العمل طويلا، وان هذا الامر يجعلها تستعين معظم الوقت بمتدربات، ودون ان توضح ما اذا كانت تمنحهن اجورا.

"ثمن الشهرة" 

وعلى ما يبدو، فان الرواتب المتدنية تعد سمة في الكثير من صالونات السيدات في الزرقاء، وهو ما تؤكده صاحبة صالون فضلت عدم ذكر اسمها، والتي بينت ان رواتب العاملات لديها تتراوح بين 60 و80 دينارا.

وبررت هذه السيدة عدم التزامها بالحد الادنى المقرر للاجور بحسب القانون، والبالغ 190 دينارا، بقولها ان اعمال صالونها الواقع في منطقة شعبية متذبذبة وليست دائما في حال جيدة.

واوضحت "احيانا تمر علينا فترات في الشهر بلا عمل ولا زبائن، وهذا يؤثر على ميزانية الصالون، ومع ذلك فانا اعطي العاملة المبلغ المتفق عليه والذي رضيت هي به عند التحاقها بالعمل".

وضمت هذه الكوافيرة صوتها الى القدسي في انتقاد مغالاة بعض الصالونات في الاسعار، رغم ان ما تقدمه لا يختلف كثيرا عن بقية الصالونات، على حد قولها.

واكدت في هذا الصدد ان "الصالونات تقدم للعروس خدمة تنظيف البشرة والرسم على الاظافر والصبغات اضافة الى مكياج خاص وتسريحة خاصة، وهذا جميعه يتطلب مبلغا كبيرا، ولكنني لست مع الارقام المبالغ فيها والتي تتقاضاها الصالونات صاحبة الاسم المعروف".

وتابعت ان "ما يحصل هو ان العروس تدفع ثمن شهرة الصالون وليس الخدمة الحقيقية التي تقدم لها"، مشددة على ان "دفع العروس مبلغا يزيد عن 400 دينار مقابل تسريحة ومكياج لا يستغرق انجازهما نصف ساعة، يعد استغلالا لا يجوز ان يقبل به الناس".

وعلى صعيدها الشخصي، فقد اوضحت هذه الكوافيرة انها تتقاضى مبلغا "مناسبا" قدره 150 دينارا مقابل تجهيز عروس، وهي تقوم احيانا بتخفيضه "حسب حالة العروس المادية".

على الطلب

بعد سنوات من العمل في الصالونات لم تكن تتقاضى في احسن احوالها اكثر من 200 دينار شهريا، قررت عهد حسن العمل "كوافيرة عرائس على الطلب"، والذي فوجئت بانه عمل بات يدر عليها احيانا مبلغا يصل الى50 دينارا يوميا.

وتسرد عهد قصة تحولها الى هذا النمط من المهنة قائلة "كنت اعمل في الصالونات حتى السابعة مساء ولا اتقاضى اكثر من 200 دينار شهريا، وذات مرة قمت بتزيين ثلاث عرائس عدا عن المرافقات، ولم تدفع لي صاحبة الصالون سوى 20 دينارا من اصل اكثر من 600 دينار حصلت عليها من اولئك العرائس".

واضافت ان هذا الموقف جعلها تقرر ترك الوظيفة الروتينية في الصالونات، والعمل من منزلها، وعلى الطلب، اي ان يقتصر دورها على مجرد انجاز تزيين العروس في الصالون الذي يطلبها لهذه الغاية، في مقابل تقاضيها مبلغا مقطوعا عن كل عروس لا يقل عن 50 دينارا.

وتصف عهد ظروف عمل موظفات الصالونات في ضوء تجربتها السابقة التي دامت ثلاث سنوات، وتقول "يبدأ يوم عاملة الصالون في العاشرة صباحا وينتهي عند الثامنة مساء، ولا يزيد دخلها في احسن الاحوال عن 100 دينار، هذا ان كانت كوافيرة،  اما اذا كانت مبتدئة فيتراوح راتبها بين 50 و80 دينارا" .

واضافت ان عاملة الصالون زيادة على ذلك "لا تتمتع بأية حقوق عمالية، واذا اضطرت للتغيب عن العمل يوما واحدا، وحتى لو كان السبب هو المرض، فان صاحبة الصالون تقوم بحسمه من راتبها".

"اسعار خيالية"

وعلى ما يبدو، فقد اوجدت الاسعار المبالغ فيها لبعض الصالونات بيئة خصبة لنمو وانتشار ظاهرة الكوافيرات اللواتي يعملن من منازلهن، ويتقاضين مبالغ توصف اجمالا بانها معقولة.

وتهيمن سيدات سوريات على قطاع واسع من هذا العمل بحكم خبراتهن السابقة، وهن يشكلن الخيار الاول لكثير من السيدات، وخصوصا من بنات بلدهن، امثال منى فياض التي وصفت اسعار الصالونات في الزرقاء بانها "خيالية".

وقالت منى "جربت مرة التوجه الى صالون يقع في العمارة التي اسكنها في الوسط التجاري، فطلبت صاحبته  25 دينارا لقاء عمل تسريحة فقط، كما وجدت انها تتقاضى 250 دينارا عن تجهيز العروس لحفلة خطوبة، وهذا جعلني بالتاكيد ابحث عن مصففة شعر سورية فهي ستكون اكثر رأفة بي".

ومن جانبها، اكدت ختام الرواشدة، وهي ام اردنية لفتاة تزوجت حديثا، انها صدمت بالاسعار التي وجدتها في الصالونات اثناء كانت تقوم بتجهيز ابنتها، مؤكدة انها اسعار "غير عادلة وتتجاوز ميزانية المراة في الزرقاء".

وقالت الرواشدة "اقل سعر تلقيناه لتجهيز العروس كان 250 دينارا، عدا عن ان تكلفة استئجار بدلات الزفاف البيضاء لم تكن تقل عن 350 دينارا"، متسائلة "اين الرقيب على هذه الصالونات، هل يعقل انه لا يوجد من يحاسب ويضع حدا اعلى لاجورها؟".

نقابة مكبلة

في الوقت الذي يفترض فيه ان تكون "نقابة أصحاب صالونات التجميل" هي الجهة التي يمكن ان يكون لها دور في ضبط المهنة، وتجيب على سؤال الرواشدة، الا ان النقيب اياد سمارة التمس عذرا لنقابته في عدم قدرتها على اداء هذا الدور بسبب القيود القانونية التي تكبلها.

وقال سمارة ان "وزارة العمل جعلت الانتساب للنقابة اختياريا وليس اجباريا، وقد طالبنا الجهات المعنية بجعل الانتساب للنقابة اجباريا لتنظيم هذه المهنة".

واضاف "حتى ننظم قطاع التجميل في الاردن فلا بد أن تنضم الصالونات الى نقابة.. تستطع ممارسة دور رقابي.. وتكون هي الجهة المرجعية لجميع العاملين في الصالونات".

وبينما تقدر ارقام الضمان الاجتماعي عدد الصالونات النسائية في الاردن باكثر من عشرة الاف، الا ان سمارة الذي شكك بهذا الرقم، كشف عن ان عدد الصالونات المنتسبة الى النقابة لا يتجاوز الثمانين في كافة انحاء المملكة.

واشار الى ان هناك توجها الان لاعادة النظر في هيكلية ودور النقابة، لتصبح "نقابة المزيين الاردنيين تأسيا بباقي النقابات في الاردن، حيث ستشمل عندئذ صالونات الرجال وصالونات السيدات، وجميع المهنيين ممن يحملون شهادة مزاولة في التجميل، علما انه ليس هناك نقابة تمثل اصحاب صالونات الرجال حاليا بعدما جرى حلها بسبب كثرة المشكلات".

وفي ما يتعلق بالاسعار، فقد بين سمارة ان هناك "لائحة تحدد اقل سعر للخدمات التي تقدمها الصالونات النسائية ولكن لا يوجد سقف اعلى"، مضيفا ان تفاوت السعر "يعتمد على المساحة والموقع وعدد العاملات ونوع مواد التجميل المستخدمة في الصالون".

وقال ان "اعلى رقم تتقاضاه الصالونات في الاردن هو 450 دينارا، واقل صالون يتقاضى 80 دينارا"، معتبرا ان "على متلقى الخدمة ان يختار حسب ميزانيته".

وعلى صعيد رواتب العاملين، فقد اكد سمارة ان "النقابة لا تستطيع ان تحددها فالذي يحددها هو قانون العمل، والذي ينص على الا تقل عن 190 دينار شهريا في اي صالون".

 

أضف تعليقك