ازدهار "الحجامة" بالزرقاء وعيادات تُنافس أهل الكار

الرابط المختصر

البعض يزعم انها تشفي اكثر من 80 مرضا وتفك حتى السحر وتطرد الجن!
د. ابو الروس: قد تكون علاجا بذاتها لكن في معظم اﻷحيان هي علاج تكميلي 
 مدير الصحة: قيام العيادات والمراكز باجرائها "قانوني وغير مخالف"
غزت شوارع الزرقاء مؤخرا عشرات اليافطات التي تروج لعيادات ومراكز تُجري عمليات "حجامة"، في مؤشر على دخول هذه المؤسسات الطبية ساحة المنافسة مع اهل الكار التقليديين، والذين طالما احتكروا المهنة.

وتحمل اليافطات اسماء امراض عديدة تزعم ان الحجامة كفيلة بشفائها، ومنها ما هو مصنف باعتباره مستعصيا او يعجز الطب الحديث عن علاجه.

ولا يقتصر الامر على ذلك، حيث تحفل وسائل الاعلام على اختلافها باعلانات مماثلة تنشرها العيادات والمراكز، وتُمني فيها المرضى بشفاء سريع ومضمون، ودون اثار جانبية كتلك التي تقترن بممارسات الطب الحديث.

ويجري ارفاق الاعلانات عادة بصور تقنيات متطورة للحجامة واسماء لاطباء يمارسونها، كما انها لا تغفل الضرب على وتر الثقافة الدينية المتجذرة عبر ايراد احاديث للرسول صلى الله عليه وسلم يؤكد فيها منافع هذا النوع من العلاج.

هذه الهجمة المؤسسية على مهنة الحجامة فرضت في ما يبدو منافسة لا قبل لاصحاب الكار التقليديين بها، والذين هم في غالبيتهم اشخاص اكتسبوا الصنعة بالوراثة، ودون ان يخلو الامر من دخلاء بينهم ممن يُصنفون في خانة "الدجالين".

وفي مسعى من بعضهم للحد من هجرة الزبائن الى المراكز، فقد راحوا يبالغون في فوائد الحجامة، معددين طيفا لا يكاد يحصى من الامراض التي يدعون انه يعالجها، حتى ان منهم من وصل الى حد القول انها تفك السحر وتطرد الجن.

طرق وادوات
تذكر ادبيات انصار الحجامة، والتي تعج بها الكتب ومواقع الانترنت، انها نوع من الطب الذي عرفته الحضارات منذ الاف السنوات، ومع مجئ الاسلام اقرها الرسول صلى الله عليه وسلم واوصى بها.

وكما يذكر احد المواقع الالكترونية، فهي تقوم على اخراج وشفط الدم من الجسم باستخدام مشارط واكواب خاصة توضع على مواقع محددة، ويوجد نوعان لها: حجامة رطبة واخرى جافة.

ويعتمد النوع الاول، وهو الرطب، على "اخراج الدم الذي يحمل كريات الدم الحمراء الهرمة أو الشوائب الدموية والاخلاط الرديئة.. وهذا الدم الفاسد يتراكم ويركد ويتجمع في مناطق معينة أثناء دورته بالجسم، فيكون بالتخلص منه تنقيه لمجرى الدم وتسهيل وتنشيط تدفق الدم النقي الجديد وتنتج كريات الدم حمراء جديدة مكان الفاسدة".

"اما الجافة، فهي مشابهة لطريقة الحجامة الرطبة تماماً، ولكن دون شرط الجلد وتشريحه، وأحياناً لا يتم فيها تسريب الدماء، ولكن بتغيير ضغط الجسم الداخلي والخارجي".

ويشير الموقع الى ان "للحجامة ثمانية وتسعين موضعًا، خمسة وخمسون منها على الظهر وثلاثة وأربعون منها على الوجه والبطن، ولكل مرض مواضع معينة للحجامة (موضع أو أكثر لكل منها) من جسم الإنسان. وترجع كثرة المواضع التي تُعمل عليها الحجامة؛ لكثرة عملها وتأثيرا بها في الجسد".

كما يلفت الى ان هناك اياما من الشهر يكره خلالها اجراء الحجامة فيها، وهي  السبت والأربعاء والجمعة، واياما اخرى يحبذ خلالها وهي التي يستشهد عليها بحديث منسوب الى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه “من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر، أو تسعة عشر، أو إحدى وعشرين، لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله”.

ويشير الموقع الى ان "هناك امراضا تشفى بإذن الله من اول مرة واخرى بعد عدة مرات من الحجامة، وكل شخص يختلف عن الآخر في سرعة الاستجابة فهناك من يتحسن او يشفى من أول مرة ومن لا يتحسن الا بعد مرتين او ثلاث".

قائمة امراض
ام اياد التي ورثت المهنة عن امها وجداتها كما تقول، قدمت شرحا ذا بعد ديني واخر "علمي" للالية التي تؤثر الحجامة من خلالها على جسم الانسان، ساردة في السياق اسماء امراض عدة تؤكد انها تشفيها.

واستهلت بالاشارة على ان "الحجامة مأخودة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، وقد حثنا عليها، وليست لها سلبيات كما الحال مع الطب الحديث، حيث ان لم تنفع فهي لا تضر".

وبينت ان اهم فوائدها تتمثل في علاج "تبوغ الدم، وهو ارتفاع عدد كريات الدم التي شاخت ولا يستطيع ان يكررها الكبد او الطحال، فيتم التخلص منها عن طريق الجلد بالحجامة التي تخرجها دما متجلطا، ما يعمل على ارخاء عضلات الجسم والشرايين والاوردة بعد تصفيتها من الدم الفاسد".

ولم تكشف ام اياد عن الاجرة التي تتقاضاها من الزبونات عن عملية الحجامة، لكن بعض الاشخاص يقولون انهم يدفعون مبلغا يصل الى 20 دينارا عن الجلسة الواحدة، والبعض الاخر يتحدث عن خمسين دينارا احيانا.

وتذكر هذه المراة عددا من الامراض التي قالت ان الحجامة تعالجها وهي:

"الروماتيزم، اصلاح القدم،عرق النسا، الام الرقبة واﻷكتاف، ضعف المناعة، البواسير، الكحة المزمنة. وأمراض الرئة والمعدة والقرحة والتبول اللاارادي والتهاب فم المعدة وحساسية الطعام وقرح الساقين والفخدين والحكة في اﻷلية والصداع وعدم النطق، وايضا أمراض النساء ومنها انقطاع الدورة الشهرية وتنشيط المبايض والام الظهر وغيرها".

واسماء الامراض التي ذكرتها ام اياد ترد ضمن قائمة طويلة من الحالات التي يقول انصار وممارسو الحجامة انها قادرة على علاجها، ويوصلها بعضهم الى نحو ثمانين مرضا وحالة.

علمية وواقعية 
على ان الطبيب محمد ابو الروس الذي يعالج عن طريق الحجامة، ينحى الى ان يكون اكثر علمية وواقعية خلال حديثه عن هذه الممارسة العلاجية.

وبحسب ابو الروس فان "الحجامة قد تكون علاجا في حد ذاتها، لكن في معظم اﻷحيان هي علاج تكميلي ويرافق العلاج باﻷدوية"، مبينا انها "تدخل كعامل مساعد في الشفاء من امراض كثيرة، وفي بعض الامراض تؤدي الى الشفاء التام".

لكنه شدد على اهمية ان "تمارس بطريقة علمية ومدروسة، بمعنى ان هناك كثيرا من الامور التي يجب مراعاتها قبل الحجامة، ومنها قوة دم المريض وما اذا كان يعاني من السكري او ارتفاع ضغط الدم او مشاكل في الصفائح الدموية او الكبد، وهل يتناول مميعات او انواعا محددة من الادوية".

ولفت الى ان هذه الامور هي ما يحدد امكانية اجراء الحجامة من عدمها، وضرب مثلا على ذلك قائلا انه "اذا كان المريض مصابا بالتهاب الكبد الوبائي، فانا لا اجري له حجامة، لانه من الممكن ان يضرني وان اضره".

واضاف ان "الادوات المستخدمة للحجامة يجب ان تكون ادوات خاصة ذات استخدام لمرة واحدة، وبحيث يتم التخلص منها مباشرة، سواء كانت المحجم او المشرط".

الى ذلك، فقد اكد مدير صحة الزرقاء تركي الخريشة ان قيام العيادات والمراكز باجراء عمليات الحجامة امر "قانوني وغير مخالف مادامت هذة المراكز مسجلة لدى وزارة الصحة وتستوفي الشروط القانونية والصحية".

وفيما اوردت بعض التقارير الصحفية حالات لاشخاص قالت انهم تضرروا واصيبوا بمضاعفات جراء عمليات حجامة، الان الخرابشة نفى علم مديرية الصحة او تلقيها اية شكاوى من هذا القبيل.

ولا تمتلك السلطات الصحية في الزرقاء بيانات حول ممارسي الحجامة في المحافظة من حيث عددهم وجنسهم او المبالغ التي يتقاضونها من زبائنهم، بحسب ما اقر به الخرابشة.

وحتى ما قبل تصريحات مدير صحة الزرقاء، فقد كانت الحجامة تصنف بانها من المهن "غير المعترف بها رسميا من قبل وزارة الصحة"، بحسب ما اكده ناطق رسمي باسم الوزارة خلال تقرير نشرته وسائل اعلام عام 2008.

كما اوضح الناطق ان "أي شخص يمارس هذه المهنة تتخذ بحقه الاجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون".