أفشل مديريات الزرقاء في 2013
تجمع التعريفات على ان الفاشل هو: من لا تنضب أعذاره، ويرى مشكلة في كل حل، ولا يمثل الانجاز لديه أكثر من وعد يعطيه، ويناقش بضعف وبلغة فظة.
تاسيسا على ماسبق، واذا ما اردنا ان نجري مفاضلة بين مديريات الوزارات في الزرقاء لمنح احداها جائزة أفشل مديرية خلال العام 2013، فان الجائزة ستذهب الى مديرية المياه وبلا منازع.
فهذه المديرية كانت بجدارة المصدر الاول والاكبر لشكوى المواطنين وتعاستهم على مدى العام، وسواء عندما كانت المياه شحيحة او حين توفرت وفاضت لتغرق الشوارع.
وتماما كما يفعل الفاشل، فقد برعت في كلتا الحالتين في اختلاق الاعذار والمبررات لاخفاقها في ايجاد الحلول.
ففي الحالة الاولى تباكت بان كميات المياه قليلة اصلا في البلاد، ثم حملت الناس مسؤولية جفاف حلوقهم من العطش قائلة انهم يسرقون ويهدرون ويخربون الخطوط.
بعدها ذهبت في تبرير فشلها الى حد اتهام الجن والشياطين و"المجهولين" بالقيام بعمليات تخريب تستهدف خطوط المياه الرئيسية، واعلنت فتح تحقيقات كتلك التي تسارع اليها حكوماتنا عند كل مطب ولا نرى لها نتيجة.
وكل هذا من اجل ان تبعد المديرية المسؤولية عن نفسها وترد سهام الانتقادات الى نحور اصحابها الذين هم ابناء هذه المحافظة الصابرون الطيبون.
وحين من الله علينا بالمياه الوفيرة من الديسي وغير الديسي، فوجئنا بها تتفجر في الشوارع كالينابيع.
ومرت ايام واسابيع وشهور والمياه تتدفق وتدمر الشوارع والبنية التحتية وتداهم بيوت الناس وتنكد عيشهم، والمديرية الفاشلة لا تفعل شيئا ولا تحرك ساكنا لحل المشكلة.
وبما ان الفاشل حاضر العذر دوما، فقد خرجت علينا متباكية وملقية بالمسؤولية هذه المرة على قلة ذات اليد ونقص الكوادر الفنية والفرق الميدانية.
واريد ان اذكر العبقري الذي تفتق راسه عن هذه الحجة بان المديرية اثبتت انها عندما تريد ايجاد مخصصات فلديها القدرة على ذلك، بدليل ما حصل خلال اضراب موظفيها مطلع 2013.
يومها دق المسؤولون الارض باقدامهم واخرجوا مخصصات بعشرات الالاف ودفعوها الى مقاول من اجل القيام بعمل الموظفين المضربين، وكل ذلك من اجل كسر شوكتهم واجبارهم على انهاء اضرابهم.
قيل يومها ان المقاول حصل على 200 الف دينار، وهي اكثر من كلفة الزيادات التي طالب بها الموظفون! بمعنى ان القصة فيها "دقارة" ومناكفة لا اكثر.
المحافظة اليوم احوج الى ابداعات المديرية في توفير المخصصات ومهارتها في تلزيم العطاءات حتى لو كانت على شاكلة تلك التي لا تزال تحوم حولها شبهات فساد النهب والسلب والتنفيع.
وعندما اقول احوج، فانني اعني ان الخسائر التراكمية في قيمة المياه المهدورة والبنية التحتية المدمرة وصحة الناس تفوق باضعاف كلفة عطاء واحد يجري تلزيمه الى مقاول من اجل حل المشكلة.
فمثلا، يقدر خبير كلفة المياه التي تذهب هدرا منذ ثلاثة اشهر من احد الخطوط الرئيسية في احد شوارع الزرقاء الجديدة باكثر من عشرين الف دينار، في الوقت الذي يمكن لمقاول ان يصلح الخط باقل من الف دينار.
وينبغي ان لا نغفل ان استمرار تدفق الماء ادى الى اضعاف الطبقة الاسفلتية في الشارع وكشطها، وسيتطلب اصلاح ذلك مبالغ بعشرات الالاف، ناهيك عن الخسائر التي لا تقدر بثمن والمترتبة على تنغيص عيش الناس وتعريضهم لمخاطر ليس اقلها انتشار الاوبئة.
وطبعا علينا ان لا ننسى الفشل الباهر ومنقطع النظير للمديرية في التعامل مع مشكلة مياه المجاري، وهي بذاتها لا تقل فصولها فشلا عما يشهده مسلسل مياه الشرب.
ذات مرة بلغ الغضب بمحافظ الزرقاء الاسبق سامح المجالي حدا اعلن معه انه في حال استمر فشل سلطة المياه في التعامل مع الازمة، فانه سيضطر إلى تسليم الحكام الإداريين والأجهزة الأمنية المسألة لحلها.
ابتهل الى الله ان يرزقنا مع مقدم العام الجديد بمسؤول يغضب ويفعل ما توعد به المجالي الذي غادرنا فجأة.