250 طنا يوميا فائض موائد الزرقاويين برمضان

الرابط المختصر

قدر مسؤول في بلدية الزرقاء معدل الزيادة في كميات النفايات التي تجمعها البلدية خلال رمضان بما يصل الى 250 طنا يوميا، معطيا بذلك مؤشرا صادما على حجم الاسراف في موائد كثير من اهالي المدينة خلال الشهر الفضيل.

وقال نائب رئيس البلدية فتحي الخلايلة أن حجم ما تجمعه البلدية من نفايات في الأيام الاعتيادية يبلغ 800 طن، لكن ذلك يرتفع بمعدل 200-250 طنا يوميا في رمضان.

ويرتبط ارتفاع حجم النفايات خلال هذا الشهر بالاستهلاك الزائد للمواد الغذائية، حيث تزدحم كثير من موائد الافطار بكميات من الاطعمة تتجاوز ما يستطيع افراد الاسرة تناوله، ما يجعل قسما معتبرا منها ينتهي في الحاويات بدل البطون.

وفي تقرير سابق لـ"هنا الزرقاء" قدر تجار كميات المواد الغذائية التي يشتريها سكان المدينة في رمضان بضعفي ما يستطيعون تناوله، ما يعني ان نصف تلك الكميات، والتي تكفي لاطعام مدينة باكملها، تذهب هدرا.

وبرغم المؤشرات والارقام الا انه يندر ان تجد في المدينة من يقر بانه يسرف في الطعام، وان كانت الاغلبية تعترف بانها تنحو الى "التنويع" تحت مبرر الشعور بالجوع نتيجة طول فترة الصوم، والرغبة في عدم حرمان النفس مما تشتهيه من الاطايب.

ام ايمن، وهي ربة بيت، نفت ان تكون ممن يبالغون في اعداد الطعام خلال رمضان، وانتقدت بشدة من يفعلون ذلك، معتبرة انه "شهر للعبادة وليس للاكل".

وقالت "يجب الا يكون اهتمامنا في الشهر الفضيل بالاكل فقط، وينبغي ان تستثمره ربة البيت في العبادة وقراءة القرآن والصلاة" بدل انفاق جزء كبير من وقتها في طهو واعداد اصناف الماكولات، مؤكدة ان "التبذير في الطعام حرام".

وعن نفسها بينت ام ايمن انها تعد صنفا واحدا من الطعام للافطار، وتضع الى جانبه بعض المشهيات كصحن فتوش او سلطة او حساء، وفي حال فاضت لديها كمية، فهي تضعها في الثلاجة وتعيدها الى مائد افطار اليوم التالي ما لم تفسد.

وتؤكد ربة بيت اخرى هي ام امجد ان معدل ما تعده من الاطعمة في رمضان لا يشهد زيادة تذكر، الا في حال كان لديهم مدعوون على الافطار.

وقالت "لا يختلف معدل طبخي في الشهر الفضيل عن بقية الشهور، لكن في حال كانت عندنا عزومة للأهل أو الأصحاب، فبالتاكيد ستزيد الكمية، حيث يغدو من الضروري ان تكتمل المائدة بالحلويات والفاكهة لزوم حسن الضيافة".

واضافت ام امجد انه "في الأحوال العادية نعد للفطور صنفا رئيسيا واحدا اضافة الى التمر والشوربة ونوع من السلطة"، مشيرة الى انها تتجنب اعداد اكثر من صنف لان ذلك يعني كمية فائضة ستؤول الى "سلة المهملات".

وتابعت "قد تزيد لدينا كمية بسيطة من الطعام، وانا أحاول ان اضعها على المائدة في اليوم التالي مع الوجبة الجديدة التي اكون قد اعددتها، لكن احيانا اضطر الى القاء الكمية الفائضة عن الحاجة في القمامة، وعادة تكون كمية بسيطة".

خالد ابراهيم الذي صدفناه يتبضع في السوق اكد ان "التبذير حرام شرعا، وكل شخص يجب ان يأخذ حاجته"، مضيفا انه بصدد اقامة وليمة لعدد من المدعوين في بيته، وقد عمد الى طلب الطعام لهم من احد المطاعم توفيرا للوقت والتكاليف.

واعتبر طارق السفاريني بدوره ان من الطبيعي ان تكون هناك زيادة في استهلاك الطعام خلال رمضان، مبررا ذلك بان "الصائم لا يستهويه الطعام البائت ما يجعل الطبخ بشكل يومي امرا ضروريا، وهذا يعني بالتاكيد زيادة في المصروف".

واكد ان زوجته "تعد كل يوم صنفا واحدا من الطعام، واذا كانت هناك كمية زائدة فإن الأولاد يتسحرون عليها".

ووجه السفاريني حديثه الى الذين يلقون الطعام في القمامة قائلا "اتقوا الله عز وجل، فمن اعطاكم النعمة قادر على ان يسلبها منكم برمشة عين"، كما دعاهم الى ان ينظروا "الى العائلات التي لا تجد ما تشتري به طعامها".

من جانبه، بين رافع الذيب وهو امام وخطيب "مسجد صالح الحيمر" بمنطقة الزرقاء الحديدة، ان "الإسراف والتبذير محرم شرعا، بنص القرآن والسنة، وكذلك هو عند أصحاب العقول مرفوض".

وقال الذيب ان "الله تعالى حرّم الإسراف في آيات كثيرة منها: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" سورة الاعراف الاية 31.

واضاف ان "المسرف يظن أنه يكرم الناس باعداده طعاما كثيرا، وان الله سيحبه لأنه أكرم الناس، والحقيقة ان الله لن يحبه لأنه أسرف"، مشيرا الى ان "التبذير أشد من الإسراف، حيث قال تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ" سورة الاسراء الاية 27.

وعبر الذيب عن استيائه من ظاهرة "القاء العديد من الأسر بكميات هائلة من الطعام في الحاويات"، مجددا تاكيده ان ذلك "حرام شرعا، وسببه "الجشع" الذي يجعل البعض لا يقنع بصنف واحد من الطعام، كما دعا الاسر الى الاعتدال في طعامها، والى التصدق بفائض موائدهم على الفقراء والمساكين.

ومما يذكر ان السلوك الاستهلاكي المفرط في الزرقاء خلال رمضان  يتناقض مع حقيقة انها تحتل المرتبة الثانية بين محافظات المملكة من حيث انتشار الفقر، والذي تصل نسبته فيها الى 42 بالمئة.