وعود برمضان "غير" في الزرقاء هذا العام..فهل تصدق الرؤيا؟

وعود برمضان "غير" في الزرقاء هذا العام..فهل تصدق الرؤيا؟
الرابط المختصر

-تتضمن تشكيل لجان رقابة دائمة للاسواق وإطلاق دوريات راجلة في المناطق الحيوية

-الاهالي متشككون بجدية الوعود ويحلمون بشهر فضيل خال من البسطات وجشع التجار

اغدق المسؤولون في محافظة الزرقاء فيضا من الوعود على الاهالي بان يكون رمضانهم هذا العام مختلفا عن الرمضانات السابقة التي طالما حفلت بمنغصات ليس اقلها جشع وتلاعب التجار وتعديات البسطات والازدحامات الخانقة.

فهل تصدق الرؤيا؟ وهل سيكون بمقدور الزرقاء ان تنعم  هذا العام بروحانية الشهر الفضيل بعيدا عن تلك المنغصات؟

من الوهلة الاولى كان جليا ان هناك تشككا في اوساط الاهالي في جدية الوعود، وهم معذورون، حيث سبق ان سمعوا كثيرا من هذا الطحن، ودون ان يروا طحينا.

وتقول ربة منزل فضلت عدم ذكر اسمها "قبل كل رمضان كنا نقرأ ونسمع من المسؤولين الكثير من الوعود بان يتم حل مشكلة البسطات والازدحامات ووضع حد لتلاعب التجار بغذائنا من حيث الاسعار والجودة، وغير ذلك".

وتضيف "ولكننا مع بدء رمضان نجد ان كل تلك الوعود قد ذهبت ادراج الرياح، فالبسطات تحتل الارصفة والشوارع، والتجار يرفعون الاسعار ويحتكرون السلع ويطعموننا احيانا غذاء فاسدا".

وتتابع قائلة باستياء باد "النزول الى السوق يتحول في رمضان الى كابوس، فالازدحامات خانقة والناس تموج في بعضها ولا احد يطيق الاخر، وشراء ابسط الاحتياجات يستغرق عشرة اضعاف الوقت الذي يتطلبه الامر خلال الاشهر الاخرى".

ولا يتوقف امر المنغصات على الاسواق والاحياء التجارية، بحسب هذه المرأة، بل يتعداه الى المناطق السكنية التي تغدو "ساحة حرب" بفعل الالعاب النارية والمفرقعات التي تبيعها الدكاكين للاطفال رغم انها ممنوعة على ما يعلنه المسؤولون.

لا شئ تغير

منذ اليوم الاول من رمضان هذا العام، كان واضحا ان شيئا لم يتغير رغم الوعود الرسمية، لا بل ان الامور تبدو اسوأ كما يقول بعض الاهالي، وكما يتبين جولة سريعة في الاسواق.

فالبسطات منتشرة بكثافة، والمشاة لا يجدون موطئ قدم لا على الارصفة ولا على الشارع، والطرق مصابة بجلطات مرورية لدرجة ان قطع مسافة مئة متر في السيارة قد تتطلب اكثر من ربع ساعة.

والادهى من ذلك كما يقول بعض الاهالي، هي لافتات الاسعار سواء في المتاجر، فالارقام التي تظهرها تتناقض تماما مع التطمينات بان يكون هناك ضبط وربط ورقابة من الجهات الرسمية.

ام بكر، ربة منزل من الزرقاء، وهي تؤكد ان اكثر ما يكدر عليها صفو شهر العبادات هو جشع التجار الذي ترى ان مهمة التصدي له تقع بالدرجة الاولى على الجهات الرسمية.

وتقول ام بكر "رمضان في كل الأحوال فرحة للناس، وهو للصيام والتعبد والتطهر من الذنوب، وكل منا يستعد له حسب استطاعته".

وتضيف "لكن نحن المواطنين مازلنا نعاني من ارتفاع الأسعار الذي ينغص علينا حياتنا. واكثر ما نخشاه هو جشع التجار الذين يرون في رمضان مصدر فرحة لانهم يستطيعون خلاله نهب المواطن الذي لا حول له ولا قوة بدلا من ان يخشوا الله".

وتناشد ام بكر التجار ان "يتوبوا الى الله وان يرحموا الناس، فمن لا يرحم لا يرحم"، كما تدعو الجهات الرسمية الى "مراقبة الأسعار ووضع حد لارتفاعها ومحاسبة كل من يحاول التلاعب بهذه العملية التي هي سبب تعاسة المواطن ونكده".

وتشدد على اهمية تفعيل الرقابة "خصوصاً وان شهر رمضان الكريم يأتي بعده العيد والعام الدراسي الجديد".

وفي مقابل مخاوف الاهالي لناحية الغلاء، فان التجار في المحافظة، كما هو الحال مع التاجر محمد الغوي، ينظرون بتفاؤل الى موسم رمضان الحالي، ويرون انه سيشهد حركة شراء افضل مما كان في المواسم السابقة.

لا تستعجلوا 

كان طابور السيارات في زحمة شارع 36 في الزرقاء الجديدة يمتد اكثر من نصف كيلو متر، وهو على ما يتضح ناجم عن الفوضى المرورية امام احد المولات الشهيرة هناك، والذي طالما اشتكى المواطنون منه ودون ان يجدوا اذنا صاغية.

وفي خضم هذه الزحمة، انهمك احد السائقين، وهو معلم مدرسة، في نقل حبات سبحة في يده وهو يتمتم بسكينة بادية، ثم قال وهو ينظر الى طابور السيارات الذي كان يتحرك ببطء شديد وقال "لا تستعجلوا الحكم على وعود المسؤولين".

واضاف "ما زلنا في اليوم الاول، والامور لا تحل بعصا سحرية، امنحوهم فرصة وان شاء الله تتعدل الامور".

ثم قال بنبرة معاتبة "لماذا نريد ان يفعل المسؤولون كل شئ، نحن ايضا كمواطنين علينا جزء من المسؤولية، وينبغي ان نكون اكثرا تعاونا حتى نستعيد اجواء رمضان الجميلة التي عشناها سابقا في الزرقاء ولا تزال محفورة في ذاكرتنا".

واذا ما استمعت الى كبار السن في المدينة، فانهم يحدثونك عن ان رمضان الزرقاء له نكهة متفردة بين محافظات المملكة.

ففي هذه المدينة تنصهر عادات وتقاليد رمضانية متنوعة جاء بها اصحابها من مختلف انحاء المملكة ومن اصقاع اخرى كفلسطين والقوقاز والشام والحجاز واليمن وغيرها.

وقد انتج هذا الامتزاج صورة ذات انسجام عجيب في المدينة يمكن استشرافه في الوجبات والحلويات الرمضانية الثرية في تنوعها، وفي الطقوس والعبادات خلال الشهر الفضيل الذي كان يتسم عموما بهدوء وسكينة تشهد عليها الشوارع والازقة.

على ان السنوات الاخيرة التي شهدت تزايدا مضطردا في السكان والرقعة العمرانية، وباسرع مما كان يتخيله احد، وكذلك الاهمال الذي مارسته ادارات البلديات، جعل هذه الصورة تنمحي بالتدريج، حتى حل مكانها شكل من الفوضى المقيتة.

هل تعود؟

خلافا للسنوات السابقة، كان يمكن ملاحظة ان وعود المسؤولين بضبط الامور، سواء من حيث اللغة وحجم الضخ، كانت تتسم بالصرامة والحزم، وهو ما داعب احلام الكثيرين بان تعود الصورة الجميلة لرمضان الزرقاء، ولو في الحد الادنى.

وجاءت معظم هذه الوعود خلال اجتماعات عقدت برئاسة المحافظ وبحضور مدراء الدوائر ورؤساء البلديات، وتضمنت الاعلان عن قرارات بتطبيق اجراءات طالما طالب بها الاهالي، وبخاصة تلك المتعلقة بحفظ الامن.

حيث اعلن خلال تلك الاجتماعات عن تشكيل لجان رقابة دائمة للاسواق وإطلاق دوريات راجلة في المناطق الحيوية.

وعلى ما يوضحه بشار حمدان رئيس قسم الرقابة الصحية في بلدية الزرقاء فقد تقرر "تشكيل لجان لمراقبة الاسواق على ثلاثة مناوبات دورية" من اجل ان تكون هناك رقابة على مدار الساعة، وليس خلال ساعات الدوام فقط كما كان سابقا.

وأهاب حمدان بالتجار ان "يراعو قواعد السلامة العامة والطرق الصحيحة لتخزين المواد الغذائية في ظل الاجواء الحارة"، كما دعا المواطنين الى عدم  شراء السلع الغذائية بكميات كبيرة تحسبا لامكانية تلف بعضها بسبب التخزين الطويل".

وكان المحافظ علي العزام شدد خلال لقائه مسؤولي المحافظة لمناقشة الاستعدادات لشهر رمضان، على ضرورة تكثيف الرقابة على الاحياء لمنع سرقة المنازل والمركبات وتكثيف الدوريات الراجلة.

وقد اعلن مدير شرطة الزرقاء العميد عباس الدبوبي خلال الاجتماع، وبحسب ما تنقله عنه صحيفة الغد، ان شرطة الزرقاء ستعتمد برنامجا في تسيير دوريات راجلة لمنع الاعتداءات على الارصفة والشوارع بالتعاون مع الاجهزة المختصة.

وتقرر خلال الاجتماع القيام بحملة شاملة لإزالة البسطات وضبط المواد الغذائية الفاسدة ومنع العربات المتجولة التي تبيع المشروبات الباردة بظروف غير صحية ومعالجة ظاهرة التسول والازدحامات المرورية عبر زيادة كادر شرطة السير.

وبدا واضحا من نبرة المحافظ خلال احد الاجتماعات انه لن يتم التساهل مع مشكلة البسطات تحديدا، والتي تمثل اكبر مشكلة تؤرق المواطنين والتجار على السواء، من حيث انها تستولي على الارصفة والشوارع  وتخلق اختناقات مرورية ومشاكل امنية.

فقد اعلن المحافظ في الاجتماع إن أي بائع بسطة يدعي بأنه مدعوم من شخص أو جهة مهما كانت سيكون مكانه السجن.

أضف تعليقك